تحصيل حاصل هو الحديث عن الإمكانيات السوسيو- اقتصادية والبشرية التي تزخر بها جهة درعة تافيلالت، والتي تشكل قاعدة مادية صلبة – في حال استغلالها بشكل معقلن- لبناء تنمية حقيقية تحقق نهوضا شاملا لكل مناحي الحياة، وتحصيل حاصل كذلك تكرار أسطوانة الواقع المعطوب للجهة، وتنميتها الموؤدة وفق خط زمني ممتد ومستمر، وأد متطبع بلبوس ورهانات فاعلين متحكمين في مسارات إنتاج القرار التنموي المحلي، وإخضاعه لرهانات حتما لم ولن تخدم مطلب التنمية كمطلب منشود، ثابت وممتد في تاريخ المنطقة وجغرافيتها.
إن إرتهان القرار التنموي للجهة ككل لحسابات ورهانات غريبة عن انتظارات المواطن الجهوي يخلق وضعا ضبابيا يقف أمامه المواطن البسيط، وحتى المتتبع الفطن مشدوها كمن به مس من شيطان؛ فمعركة التنمية التي تدور رحاها هنا، خيولها تصهل هناك بعيدا، ومسلسل العطش هنا، وممثليه المدفوع لهم من جيوب تعساء الجهة هناك، ووو…، ولاختلالات الصحة “صبوحاً” أو “غبوقاً” ترياقا وشفاءًا من كل داء، هواجس الخبز والسكن والشغل جوابها منتجعات وحوانيت لمن شاء أن يسبأ الشموس والصهباء شفاء ودواء، والتي تناسلت كالفطر حتى لا يتبقى وقت للتفكير.
عانى إنتاج القرار التنموي في مساره الطويل من عمى الألوان، فالتشخيصات المعلولة لمكاتب الدراسات التي أصبحت زبونا دائما لدى المؤسسات التمثيلية لا تقدم إلا معطيات مكرورة لما تصدره المصالح الخارجية للإدارة المركزية مع قليل من المقاربة التقنوية البئيسة التي أثبتت التجارب فشلها، لكن مجالسنا التمثيلية، وفي عجز منها ظلت مرتهنة لهذه المكاتب مما أفقد عملها وقراراته اللمسة السياسية في التدبير وتحولت المجالس التمثيلية الى “مقاولات” تنتظر القرارات دون إنتاجها، وتحولت التنمية من تصور سياسي وفكري بالضرورة، ومعها إنتاج القرار التنموي إلى دراسة تقنية بل وإلى اتصال أو غذاء أو عشاء وعلى المؤسسات التمثيلية التصديق والدفع كم والسلام، أوراش بطعم الإنعاش، إنعاش البؤس والأقنان الجدد، وفق مقاربة جديدة تلعب فيها دمامل الريع دور الوساطة تحت مسميات العمل الجمعوي والمقاربة التشاركية وهي من كل هذا براء.
تعيش المؤسسات التمثيلية، والقرار التنموي المحلي والجهوي وضع الحجر مع وقف التنفيذ، ولحدود الساعة لازالت تراوح مكانها، وإن اختلفت الأسباب، وظلت تململاتها بدون أثر يذكر، وإن كانت فإنها لا تعدو أن تكون جعجعة بدون طحين.
حضرتني وأنا أخط هذه السطور مقاطع من أغنية لا أعرف صاحبها، ولا كيف استقرت في ذاكرتي، تقول في إحدى مقاطعها:
ومرت سنة، ومرت سنة وأنا أنتظر
ومرت سنة ،والوصل نايم ما صحى
ومرت سنة، والقلب ذابحه الهجر
ومرت سنة، والهجر عيٌا ما استحى
مرت سنة على فرز المؤسسات التمثيلية المحلية والجهوية بكل رتابتها، وانتظاراتها، وفسحة الأمل تضيق بما رحبت، مرت سنة ومطلب التنمية تائه عنا وبدون طريق، الكآبة تعلو الوجوه والشوارع، والفقر غزا الفروة والأخمص، وثروات الجهة تتبخر كمياه جدول في صحراء قاحلة، وطفيليات الريع تكرشت بطونها وظهورها حتى أصبحت سواء، لا أمل يلوح في الأفق، ولكنني أنبه القارئ العزيز ألا يلتفت لما أكتب فأنا عدمي وسوداوي المزاج حفظكم الله منه ومني، ووصيتي لكم إبتسموا فكل شئ بخير، والسماء صافية زرقتها، والفراشات تحوم على أزهارها، والطيور لزقزقتها، إبتسموا، بل قهقهوا فأنتم في جهة الله يعمرها دار.