Site icon الجهة 8 | جريدة إلكترونية جهوية مُستقلة

الكوش يوسف يكتب: “فين غاديا هاد لبلاد”

المدينة كأنها خارجة للتو من قصف عشوائي، بنية تحتية مدمرة، لكنها ليست بسبب حرب، بل هي نتاج أشغال عشوائية لا تحترم ….، وهل لافتات الإعتذار تكفي …

فالوضع تجاوز الإزعاج، وأصاب الساكنة بالضجر لحدود الكآبة من الوضع الميؤوس في العيش يوما في مدينة دون حفر، دون روائح كريهة، دون أشغال بطعم العبث والإذلال.

وضع المدينة ككل، يسائل الكل، سلطات وصية، مجالس منتخبة، هيئات رقابة، وحتى المواطنين الذين إستأنسوا الوضع، وقرروا عيش اللاجدوى..

مدينة إحترفت مجالسها، ومنذ القدم، أشغال الحفر، والهدم، وتحول منطق  “الشانطي” إلى فلسفة حياة، حتى عند مجالسنا الموقرة.

كل مجلس ينتخب، يضع على راس أولوياته أشغال التهيئة، حتى ولو مر زمن قليل على تهيئة سابقة… تهيئة تلو الأخرى، ولا مؤشر يدل في المستقبل القريب على الخروج من هذه الدائرة المغلقة، والتي تجعل رأس المواطن البسيط تضرب أخماسا في أسداس حول الداعي لكل هذه التهيئات التي لم تستطع أن تخلق حيا سكنيا واحدا “يحمر الوجه”، وهل ما تم إنجازه سابقا قد تهالك في وقت قياسي، مما يستدعي تجديده، وإذا كان الحال كذلك، فمنطق الأشياء يحيل على عمليات تبديد منظم للمال العام، وهو ما يفرض إحالة ملف التهيئات السابقة على أنظار النيابة العامة، وإذا لم يكن الوضع كذلك، فالتهيئات المتتالية تصبح عملية “وزيعة” لتستفيد فئات ما، من كعكة التهيئة الحضرية ولسان الحال ” هكذا ليام تدور وكلها ياتيه الدور” … وأين أجهزة الرقابة والتفتيش التابعة للدولة من كل هذا ؟.

المدينة، وساكنتها وأثناء كل هذه الأشغال تتعرض لحرب إستنزاف عصبي، ونفسي، تجعل حياتها كأنها قطعة من الجحيم،..

مدينة مؤرقة لساكنتها، مدينة متسخة، عفنة، تتراكم الأزبال على جنباتها، بل وتحتل نقاطا جديدة كل يوم… أحياء تحولت إلى أحياء صناعية في غفلة أو تغافل من القيمين على سكينة وأمن الساكنة… أحياء صناعية تناسلت كالسرطان في عروق المدينة دون الحاجة إلى ترخيص.. لا حاجة لترخيص لتحول حياة الساكنة الى جحيم يومي، تلوث وضجيج، وكهرباء من التيار العالي تستعمل دون الحاجة لترخيص… ربما يظن بعض الظرفاء على أن تصويت جزء من الساكنة – حتما ليس كلها – على مجلس ما هو بمثابة تفويض مطلق لا حدود، ولا فكاك منه إلا بالنفخ في الصور.

تنمية إستحال عليها إيجاد الطريق الى هذه البقعة، حتى تلك الواردة في برامج منمقة بعبارات تحمل في طياتها كل معاني الإذلال، والفشل.

مجالس فقدت ذكورتها أمام جبروت اللاقانون، ومنطق اللامؤسسات الذي أصبح منطقا تدبيريا في هذه البقعة… وأصبحت بموجبه مرتهنة لمنطق الهواتف النقالة، والأوامر التي لا تستند إلا على الأيادي المرتجفة التي تتلقاها وهي صاغرة..

مجالس الخيام واللوز، ” لكواد ” و ” الهارلي ” رموز لتخلف مركب تعيشه الهيئات المنتخبة في هذه الرقعة من العالم، والتي أقصى ما يمكن أن تبلغه هو نصب خيام على هوامش الطرقات كأنها خيام لتقديم العزاء لكل المارين بتراب هذه المدينة، وأقصى مطلب ترفعه هو رفع “هارلي” عوضا عن رفع مؤشرات التنمية والتقدم، والبعض الآخر هو في مرحلة تهجئة الكلام بداية بـ “نعام” ونهاية بـ “نعام ومرحبا أسي” ونبضات القلب تدق، وقد بلغت الحلقوم.

يتبع…

 

Exit mobile version