لا زالت ساكنة الجهة تتذكر سيناريو البلوكاج المعلوم لمجلس جهة درعة تافلالت السابق والذي قاده كل من الاحرار والجرار والاستقلال هاته الاحزاب لا تجد حرجا في ذلك وهي اليوم تشكل أغلبية الرئيس امنة مطمئنة لا تخاف في الله لومة لائم ،فبسببها وبسبب حسابات سياسوية فارغة تم اغتيال الزمن التنموي بالجهة ،وبسبب تلك المسرحية المعلومة أقبرت مشاريع وأخرى طواها النسيان ،فأي مبادرة تنموية في هذا المجال كان يتم التصدي لها لا لشيء سوى أن هذا المشروع أو ذاك يحمل بصمة الحزب الذي يرأس المجلس رغم الاعتقاد الراسخ بأن ما يسمى بأحزاب المعارضة ضالة الطريق ومجبرة على فعل ذلك ،طموحها في ذلك وضع حد لطموحات الشوباني السياسية وشل أي تحرك سياسي يضمن له الفوز بولاية اخرى ، وقد تسارعت وثيرة الرغبة لإحباط ذلك الطموح بتعيين والي جديد على رأس السلطة الادارية بجهة درعة تافلالت، حيث أبانت تلك الاحزاب عن متانة تماسكها وقوة انسجامها في تحقيق تلك الرغبة غير مبالية بانتظارات الساكنة وغير مدركة بكون مؤسسة الجهة كورش من الاوراش الملكية الكبرى التي بوأها دستور 2011 مرتبة مهمة ،ترقى إلى جماعة ترابية تتمتع بالاستقلال المالي والاداري وتشكل أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة، يرتكز تدبير شؤونها على مبدأ التدبير الحر الذي يخول لها سلطة التداول بكيفية ديموقراطية وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها .
ورغم ذلك فنحن نعيش اليوم السنة الثالثة من عمر المجلس وفي الذاكرة أكثر من سؤال ، ما الذي تغير بين الامس واليوم ؟، ماذا عن الاحزاب بطلة البلوكاج الشهير والتي تشارك اليوم الرئيس في التدبير؟ ما الذي تغير في عهد الرئيس الجديد وإلى أين تسير التنمية ؟ كل المؤشرات تفيد بأن المجلس الحالي حتى في ظل توفر أغلبية جد مريحة وبدون معارضة فهو عاجز عن صناعة القرار الترابي وعن صناعة القرار التنموي بالجهة رغم الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها رئيس مجلس الجهة ،فانظر مثلا كيف للمجلس المدجج بالأحرار الذي قفز لمنصة التتويج والذي زحف من فوق وارتمى في أحضان السلطة مكبل اليدين ومقلم الاظافر يجر ورائه إرثا ثقيلا عاجز عن تنزيل التنمية ، أما الاستقلال فميزانه يميل إلى حيث المصلحة ،بينما الجرار ليس بيده حيلة وكل في فلك يسبحون .
هؤلاء الاحزاب أبطال المعارضة سابقا وأبطال التدبير حاليا يجسدون واقعا بئيسا لمؤسسة أنيطت بها التنمية ،جعلوا من هذه التنمية مجرد سراب لن يتحقق إلا في أذهان المحظوظين والمستفيدين من خيرات الجهة، وستظل التنمية مختزلة في الارقام والميزانيات الضخمة التي لن تجد سبيلها إلى حيث أريد لها أن تكون ،ما دامت هذه النخب غير قادرة على الانسجام مع السياسات العمومية يكتفي رئيسها بأداء وظيفة إدارية مؤدى عنها وغير قادر على الارتقاء بهاته المؤسسة التي ولدت من رحم دستور 2011 إلى مكانتها الدستورية الفعلية في سياق تطور اللامركزية بالمغرب .