Site icon الجهة 8 | جريدة إلكترونية جهوية مُستقلة

عبد العزيز الدريج يكتب..حين تتحول دوريات الأحياء من فضاء رياضي إلى ساحة للنزاعات القبلية والصراعات الاجتماعية

عبد العزيز الدريج

تمثل دوريات الأحياء التي تنظم عادة في شهر رمضان المبارك ظاهرة رياضية واجتماعية تمتد جذورها إلى عقود من الزمن، حيث كانت وما زالت تُشكل متنفسًا للشباب، و فضاء لتزجية الوقت، و وسيلة لاكتشاف المواهب، وتعزيز قيم الروح الرياضية والتعاون والانضباط. ومع ذلك، شهدت هذه الدوريات تحولات جذرية عميقة خصوصا في الآونة الأخيرة ، حيث أضحت في بعض الأحيان بيئةً للنزاعات والصراعات القبلية والاجتماعية، ومضمارا للتلاسن وإطلاق التهم والكلام النابي على عواهنه، دون مراعاة الأهداف السامية التي تنظم من أجله هذه الدوريات، والاحترام الذي يفرضه التسلسل الهرمي( الأطفال والشباب تجاه الكهول والشيوخ) الشيء الذي أثر على الطابع الرياضي المحض والمثل العليا الذي كان لزاما على الرياضة أن تحققها.

وإن المتتبع للشأن الرياضي سواء في الملاعب أو عبر البثوث المباشرة يدرك يقينا أن دوريات الأحياء لم تعد مجرد منافسات رياضية ودية، بل تحولت في بعض الحالات إلى ساحة للتوترات بين الجماعات المختلفة. وأنصار الفرق، ما يجعلنا نتساءل عن دواعي وأسباب هذا التغير الجذري الذي طرأ على هذه المنافسات، هل هو منطق القبيلة يحط بثقله ليؤدي إلى تعزيز النزعة الفئوية والتعصب بدلًا من الروح الرياضية، وهل لوسائل التواصل الاجتماعي دور في ذلك حيث تلعب دورا مهما في تأجيج الصراعات، وتضخيم النزاعات، إذ يجد فيها البعض نافذة لتصفية الحسابات الضيقة، بهوية غير مكشوفة. مما يجعل من المباريات مجالًا للتراشق اللفظي والتحديات التي تتجاوز حدود الملعب. الشيء الذي يؤثر على النهضة الرياضة التي نتغياها جميعا، ويعيدها سنوات إلى الوراء،

ويؤثر كذلك على جودة كرة القدم في هذه الدوريات، بيد أنها تكاد تفقد طابعها التنافسي النظيف، وتتحول إلى مواجهات مشحونة بالتوتر. ونحن نتقاسم جميعا مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في جنوبنا الشرقي لذا علينا أن نسهم بشكل حقيقي في نشر الوعي بأهمية الروح الرياضية والتركيز على القيم التي تُعزز التنافس الشريف بدل الانقسامات والحسابات الضيقة،
كما وجب على الإعلام تسليط الضوء على الجوانب الإيجابية لدوريات الأحياء وتجنب التغطية التي تُذكي الصراعات. وأن ندرك أن كرة القدم مجرد رياضة تحتمل الانتصار أحيانا والخسارة في أحايين أخرى، لا أن نظهر بثوب الملاك عند الانتصار، والتمرد عند الهزيمة. وفي الختام نقول بأن دوريات الأحياء لا تزال تمثل رافدًا هامًا للرياضة والهُوية المجتمعية، لكنها تحتاج إلى إعادة هيكلة لتستعيد وظيفتها الأصلية كمساحة للتنافس الرياضي النظيف. من خلال تنظيم أفضل ونشر الوعي بالقيم الرياضية، يمكن استعادة دور هذه الدوريات كمحاضن للمواهب ومنصات تعزز الانسجام الاجتماعي بدلاً من الصراعات والتوترات… والله اهدي الجميع ..

Exit mobile version