Site icon الجهة 8 | جريدة إلكترونية جهوية مُستقلة

يوسف الكوش يكتب…الترحال السياسي بإقليم الرشيدية.. مشهد عبثي يؤشر على المزيد من الإنحدار

مع اقتراب كل استحقاق سياسي، تنطلق قاطرة “الترحال السياسي” من جديد، وهذه المرة من إقليم الرشيدية، حيث تعيش الساحة السياسية حالة من الركود، تُحركها بين الفينة و الأخرى مصالح ضيقة أكثر مما تحركها البرامج والمبادئ، هذا مشهد يبدو مألوفاً، لكنه أكثر وضوحاً ومأساوية هذه المرة.

لقد دخلت الأحزاب السياسية بإقليم الرشيدية سباقاً محموماً لاستقطاب الأفراد، لا على أساس الكفاءة أو الإنخراط في مشروع مجتمعي واضح، بل فقط لملء فراغ تعيشه هذه التنظيمات بعد أن فقدت قواعدها الجماهيرية، فبدلاً من مراجعة الذات وإعادة بناء الثقة مع المواطن، اختارت بعض هذه الأحزاب أسلوباً إحسانياً، توزع فيه الوعود والخدمات في محاولة لاستعادة الشرعية المفقودة.

وفي المقابل، اختارت أطراف أخرى اعتماد منطق الزبونية السياسية البائس، حيث تُوزع المقاعد والمواقع بمقولة: “غير أجي أمولاي، بلاصتك راه كاينة”، وكأن الشأن العام أصبح غنيمة تُوزّع في صمت، لا مسؤولية مقترنة بالفعالية و الكفاءة و تتبعها المحاسبة.

وما يزيد الطين بلة، أن المشهد يعرف وجود كائنات تفتقر لأي دراية بالحقل السياسي، لكنها تبحث فقط عن “تَبْليصها”، بينما الغير غيّر جلده الإيديولوجي من اليمين إلى اليسار، و العكس دون خجل أو مراجعة، في تجلٍّ واضح لانتهازية مقيتة .

أما الأكثر إثارة، فهو أن بعض المناصب والمهام تم الوعد بها مسبقاً من قبل من يُوصف في الكواليس بـ”ولي النعمة”، ليس فقط للسياسيين بل حتى لزوجاتهم، مما يجعلنا أمام واقع مؤسف يدار فيه الشأن المحلي بمنطق الولاءات الشخصية لا بمنطق الكفاءة أو خدمة الصالح العام.

إن ما يجري في الرشيدية اليوم ليس مجرد حالات معزولة، بل هو انعكاس لأزمة بنيوية تضرب كل العمل السياسي و من ضمنه الأحزاب السياسية، وتضع الديمقراطية التمثيلية أمام اختبار حقيقي، فإما أن تعود السياسة إلى جوهرها القائم على الإلتزام والمسؤولية، أو أن نواصل الإنحدار نحو مزيد من العبثية السياسية التي تنفر المواطن وتُفرغ المؤسسات من معناها.

Exit mobile version