Site icon الجهة 8 | جريدة إلكترونية جهوية مُستقلة

هشام تكينتي يكتب…امتحانُ الرِّياضِيَّاتِ في المِيزَانِ

هشام تكينتي

يُعَدُّ الامتحانُ المُوَحَّدُ الإِقليميُّ لنيلِ شهادةِ الدُّرُوسِ الابتدائيَّةِ مَحَطَّةً أَسَاسِيَّةً لكلِّ تلميذٍ مغربيٍّ، حيثُ يَفْتَحُ هذا الامتحانُ للطفلِ بَوَّابَةَ مُوَاصَلَةِ التَّعْلِيمِ الأساسيِّ الذي أَصْبَحَ اليومَ لِزَامًا على كلٍّ من الأُسْرَةِ والمدرسةِ والمُجْتَمَعِ ضَمَانُ اسْتِمْرَارِيَّتِهِ. كما أنَّ الفشلَ في اجتيازِ هذه المَحَطَّةِ يُنْذِرُ بفتحِ أَبْوَابِ الانقطاعِ الدراسيِّ، وما أَكْثَرَهُ في جِهَةِ دْرْعَة تَافِيلَالْت.

خِلالَ دَوْرَةِ يونيو 2025، تَفَاجَأَ التَّلامِيذُ والأساتذةُ على حدٍّ سواءٍ بموضوعِ مادةِ الرِّياضِيَّاتِ لِمَدِيرِيَّةِ زَاكُورَةَ، وقد كَثُرَ الحديثُ في أَرْوِقَةِ المدارسِ وصفحاتِ التَّواصُلِ الاجتماعيِّ عن هذا الموضوعِ، مِمَّا اسْتَدْعَى وَضْعَهُ في المِيزَانِ بكلِّ حِيَادِيَّة.

لُغَةُ الامتحانِ

تَنْصُّ الرؤيةُ الاستراتيجيةُ لإصلاحِ التعليمِ 2015–2030، والقانونُ الإطارُ 51.17، على مَبْدَإِ التَّنَاوُبِ اللغويِّ، حيثُ يُعَرِّفُ القانونُ الإطارُ في مادَّتِهِ الثانية التناوبَ اللغويَّ كما يلي:
مُقَارَبَةٌ بيداغوجيةٌ وخِيارٌ تربويٌّ مُتَدَرِّجٌ يَسْتَثْمِرُ في التَّعْلِيمِ المُتَعَدِّدِ اللُّغَاتِ، بهدفِ تَنويعِ لُغَاتِ التَّدْرِيسِ إلى جانبِ اللُّغَتَيْنِ الرَّسْمِيَّتَيْنِ للدَّوْلَةِ، وذلكَ بِتَدْرِيسِ بعضِ الموادِّ، ولا سِيَّمَا العِلْمِيَّةِ والتِّقَنِيَّةِ مِنْهَا، أو بعضِ المضامينِ أو المجزوءاتِ في بعضِ الموادِّ بلُغَةٍ أو بِلُغَاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ.”

وكذلك تَعْرِفُهُ الرؤيةُ الاستراتيجيةُ، بينما يَنْصُّ المِنْهَاجُ الدِّرَاسِيُّ للتَّعْلِيمِ الابتدائيِّ على أنَّ الرِّياضِيَّاتِ تُدَرَّسُ في المدرسةِ الابتدائيَّةِ باللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، وتُقَدَّمُ وتُنجَزُ بعضُ الأنشطةِ بلُغَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ في إطارِ مَبْدَإِ التَّهْيِئَةِ للتَّنَاوُبِ اللغويِّ (المنهاجُ الدراسيُّ للتعليمِ الابتدائي، ص: 277)

من خلالِ التعريفاتِ التي أَطْلَقَتْهَا الوثائقُ الرَّسْمِيَّةُ على التناوبِ اللغويِّ، نلاحظُ أنَّ الأَمرَ يَتَعَلَّقُ بلُغَةِ التَّدْرِيسِ وليس بلُغَةِ التَّقْوِيمِ، ومِمَّا يُؤَكِّدُ ذلك خُلُوُّ الإطارِ المرجعيِّ للامتحانِ الموحدِ الإقليميِّ لنيلِ شهادةِ الدروسِ الابتدائيةِ 2025، الخاصِّ بمادةِ الرِّياضِيَّاتِ، من أيِّ إشارةٍ لإدراجِ أسئلةٍ بلُغَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ.

الإشارةُ الوحيدةُ التي تَمَكَّنَّا من الحُصُولِ عليها فيما يَخُصُّ لُغَةَ التَّقْوِيمِ، هي ما وردَ في دلائلِ الأستاذِ الخاصةِ بمادةِ الرِّياضِيَّاتِ، حيثُ صَرَّحَ المُؤَلِّفُونَ أنَّهُ – وَفْقًا للتَّوْجِيهاتِ الرَّسْمِيَّةِ للوزارةِ لإعدادِ الكُتُبِ المدرسيَّةِ – يتمُّ إدراجُ أربعةِ أنشطةٍ باللغةِ الفرنسيةِ في الأُسْبُوعِ الخامسِ (أُسْبُوعِ التَّقْوِيمِ والدَّعْمِ والتَّولِيفِ)، وهو ما يُشَكِّلُ – في كثيرٍ من الأحيانِ – نسبةً ضئيلةً من الأنشطةِ بالفرنسيةِ لا تَتَعَدَّى 20%، زِيَادَةً على أنَّها متمركزةٌ في أنشطةِ الدَّعْمِ لا التَّقْوِيمِ!

في موضوعِ الرِّياضِيَّاتِ الخاصِّ بمديريَّةِ زَاكُورَة، وُجِدَت 7 أنشطةٍ باللغةِ الفرنسيةِ من أصلِ 15 نشاطًا، بنسبةٍ تقاربُ 50%!

في المقابلِ، نجدُ مديرياتٍ لم تَقُمْ بإدراجِ أيِّ نشاطٍ باللغةِ الفرنسيةِ، وأُخْرَى مثلَ المديريَّةِ الإقليميةِ الدار البيضاء أنفا وضَعَت ترجمةً بالعربيةِ، مع العلمِ أنَّ مستوى تَمَكُّنِ التلاميذِ من اللغةِ الفرنسيةِ في هذه المديرياتِ أفضلُ منه في مديريةِ زَاكُورَة.

الإطارُ المرجعيُّ

رغم أنَّ الامتحانَ يَحْتَرِمُ في مجملهِ الإطارَ المرجعيَّ، إلا أنَّ هناك بعضَ الأنشطةِ لم تَحْتَرِمْ ما نَصَّت عليهِ الوزارةُ. فقد حَصَرَ الإطارُ المرجعيُّ الوَضْعِيَّة-المَسْأَلَة في ثلاثة تمارينَ تخصُّ:

بينما في موضوعِ مديريةِ زاكورة، أُضِيفَت مَسْأَلَتانِ:

وهذا أَضَافَ صُعُوبَةً للامتحانِ، حيث إنَّ المسائلَ أكثرُ تعقيدًا من الأسئلةِ المُغْلَقَةِ.

صعوبةُ الأسئلةِ

من بَدِيهيَّاتِ الامتحاناتِ الإشهاديةِ أنْ تحتوي على أسئلةٍ سهلةٍ ومتوسطةٍ وأُخرى صعبةٍ، من أجلِ ضَمَانِ تكافُؤِ الفُرَصِ بين جميعِ التلاميذِ.
بينما اختارَ موضوعُ الرِّياضِيَّاتِ الخاصُّ بمديريةِ زاكورة، في كثيرٍ من الأحيان، نَهْجَ الصُّعُوبَةِ، ويتعلقُ الأمرُ بـ:

هذه الصعوبةُ أَثَّرَت على عاملِ الوقت، حيثُ سيجدُ التلميذُ نفسه في سِبَاقٍ مع الزمن.

التنسيقُ والطباعةُ

مِمَّا زَادَ الوضعَ سُوءًا: بعضُ الهَفَوَاتِ الخاصةِ بِتَنْسِيقِ الصَّفْحَةِ، حيثُ:

 

الامتحان الإقليمي ليس اختبارًا تعجيزيًا، بل مناسبة لإبراز مكتسبات التلميذ في نهاية سلك تعليمي، وفق ما تم تدريسه فعليًّا، وضمن بيئة لغوية ومعرفية منصفة وواضحة.

ما حدث في مديرية زاكورة يطرح ضرورة إعادة النظر في صياغة المواضيع الإقليمية، ومراجعة آليات الإشراف والمصادقة، وتكثيف التكوين في مجال بناء وضعيات تقويمية عادلة ودامجة. فالتقويم العادل هو ركيزة الإنصاف التربوي، وأي إخلال به يُفضي إلى قرارات مصيرية غير منصفة، قد تعصف بمستقبل المتعلم.

 

 

 

 

 

 

 

Exit mobile version