Site icon الجهة 8 | جريدة إلكترونية جهوية مُستقلة

يوسف الكوش يكتب…جهة درعة تافيلالت: وعود مؤجلة..عن الفقر السياسي و أشياء أخرى

رغم أنها من أغنى جهات المغرب من حيث الموارد الطبيعية والموقع الجغرافي والتنوع الثقافي، تعاني جهة درعة تافيلالت من فقر ليس اقتصاديا فقط، بل فقر سياسي، يتجلى في عدة مظاهر أبرزها  ضعف التمثيلية، غياب النخب القادرة على الترافع الفعّال، وانعدام الإرادة السياسية الحقيقية لتغيير واقعها.

في الوقت الذي تشهد فيه جهات أخرى دينامية سياسية قوية، بقيت درعة تافيلالت مهمّشة في مراكز القرار؛ فلا وزراء يمثلون الجهة على المستوى الحكومي، ولا شخصيات سياسية وازنة في البرلمان تدافع عن قضاياها الأساسية، ابتداء بالبنية التحتية وصولا إلى الخدمات الأساسية.

لم تعرف الجهة منذ إحداثها أي تغيير ملموس من شأنه إحداث نقلة نوعية في مجموع الحياة العامة للجهة و ساكنتها، فالمحطات الإنتخابية كلحظة سياسية بامتياز ليست سوى محطة عابرة، تمر كسحابة صيف، غير قادرة على كنس ما تكلس في مفاصل الجهة، و ما علق منها من شوائب؛ محطة كمهرجانات أقنعة تتبادلها نفس الوجوه، لتكرار نفس الممارسة مع اختلاف طفيف في اليد التي تحرك الكثير من تلك الوجوه، لخدمة هدف واحد هو ألا يتغير شيء في هذه الجهة، مقابل بعض الفتات طبعا.

ضعف الكفاءة السياسية في تسيير المجالس الجهوية والمحلية يؤدي إلى بؤس تدبيري، تضيع به الفرص المتاحة رغم قلتها، فتتعطل المشاريع؛ وهو ما تعبر عنه حالة العديد من الجماعات، والتي استهلكت زمنها التنموي في صراعات داخلية، ذاتية، ضيقة تُجهض أي محاولة للبناء، بينما تظل الجهة رهينة مشاريع معطلة أو مؤجلة؛ و في ذات السياق، أشار أحد التقارير الجهوية للمجلس الأعلى للحسابات إلى أن العديد من الجماعات بالجهة لا علاقة لبرامج عملها بما يسمى بـ”التخطيط الاستراتيجي”، ولا بمبادئ الحكامة الجيدة في توظيف الميزانيات، و الإلتزام بمبادئها.

أفرز هذا الواقع المفروض بالجهة، موقفا سياسيا معبر عنه بما يسمى    ” بظاهرة العزوف” و الذي يزداد حدة و اتساعا مع كل محطة انتخابية، ليشمل فئات أخرى غير فئة الشباب، نتيجة إحساس عام “بالحكرة” و التهميش، و غياب أي بوادر للتغيير؛ ولم تستطع كل محاولات الرقص على إيقاع “مهبول أنا” أن تقنع مواطني الجهة بالغد الجميل، و اسألوا حصيلة المجالس بالجهة، بعقلائها و مهبوليها تأتيكم بالخبر اليقين.

واقع الجهة هو تمثيل حقيقي وواقعي لحالة الإجهاض الدائم لأحلام و طموحات ساكنة الجهة في العيش كمواطنين، كاملي المواطنة و بكافة الحقوق؛ لكن الأكيد وعبر العديد من التجارب التي عرفتها الجهة بمجالسها، و غرفها، أنه أريد لأحلامها و طموحاتها أن تجهض، أو تولد ميتة؛ جهة كأنها عاجزة عن خلق نخب حقيقية قادرة على حمل مطالب و طموحات ساكنة الجهة و ترجمتها إلى برامج قابلة للتحقيق؛ نخب قادرة على وضع الملح مكان الجرح ومكاشفة الساكنة بمكامن الخلل.. لكن الجهة قدر لها أن تكون مجهضة، ليتم تبني “نخب” من طينة  “الريكلام” و ” السواقي” لتمثل (من التمثيل) الساكنة، و “تمثل” بها و بما بقي لها من رمق أكيد هو الأخير.

وصفنا واقع الجهة بكونه فقير سياسيا لكون كل حركاته مخالفة للطبيعي و المنطقي، فهو واقع مشدود لكل ما هو قبلي، و إثني ضيق عكس رحابة السياسة و فكرها؛ واقع مستكين لكل ما هو ذاتي و انتهازي عكس نبل الفعل السياسي و غاياته الفضلى للجماعة البشرية؛ واقع لحظي و مبتور عكس امتداد الفعل السياسي و استمراريته، و يمكن أن نضع مالانهاية من التوصيفات لواقع الفقر السياسي بالجهة..

واقع الجهة هو نتاج لكل ما سبق ذكره، نتاج لـ”نخب” الريكلام” و      “السواقي”، نتاج لفعل موضوعي مجهض لطموحات الجهة عن سبق إصرار و ترصد، نتاج لسيادة اللاقانون و غياب ربط المسؤولية و المحاسبة، و ربما يكون في الأخير نتاج “لقلة الحياء” التي أصبحت تتسيد مشهدنا بحيادنا السلبي.. و لكم واسع النظر.

Exit mobile version