Site icon الجهة 8 | جريدة إلكترونية جهوية مُستقلة

أزمة التعمير بالرشيدية… قرارات الوكالة الحضرية تحوّل ملاك بقع أرضية بـ” البياضة ” إلى سجناء عقاراتهم

من المعلوم أن سياسة الدولة في مجال التعمير ترتكز على الملكية العقارية، و من نافل القول أن  لا تعمير بدون عقار و لا عقار بدون تعمير، لكن الملاحظ  أن القرارات الصادرة عن العديد من المجالس و المصالح الخارجية و الوكالات الحضرية تؤثر سلبا على تحقيق سياسة عمرانية فعالة و مواطنة وفق احكام تصاميم التهيئة  ووفق متطلبات سياسات التنمية الإجتماعية و الإقتصادية؛ خاصة عندما تتحول تلك القرارات إلى عملية شل لحق مواطنين في استغلال أراضيهم، و تحويلهم إلى ملاك صوريين خاصة إذا كانت عملية بناء تلك الأرض هي الإمكانية الوحيدة لاستغلالها، وهو الوضع الذي أصبح يعيشه مواطنو مدينة الرشيدية أثناء رحلة الحصول على رخصة للبناء، و خاصة في العلاقة مع الوكالة الحضرية للرشيدية-ميدلت.

ويعيش العديد من مواطني مدينة الرشيدية العديد من الصعوبات في الحصول على تراخيص البناء، حيث شهدت المدينة و منذ مدة وضعا أقرب إلى المنع من البناء، عبر مجموعة من القرارات التي تم إصدارها في هذا الصدد من طرف الجهات الوصية على ملفات التعمير سواء سلطات محلية أو منتخبة أو تلك الصادرة عن الوكالة الحضرية.

و توصلت جريدة “الجهة الثامنة” بملف في هذا الصدد يعكس الواقع المرير الذي يعيشه مجموعة من المواطنين بمدينة الرشيدية منذ 2014، إذ وبعد اقتنائهم لبقع أرضية بغرض بناء مساكن خاصة تحتضنهم و عائلاتهم، وجدوا أنفسهم في مواجهة وضع سريالي لم يجدوا له حلا إلى حدود الساعة.

و تقع البقع المعنية بهذا الوضع – حسب ما توصلت به جريدة ” الجهة الثامنة” – في المنطقة المعروفة بالبياضة السهب أمام المركب الرياضي و إلى جانب المكتب الجهوي للإستثمار الفلاحي لدرعة تافيلالت، حيث استطاع بعض المواطنين ممن لهم القدرة بناء مساكنهم و السكن بها، لكن من تعذر عليه ذلك فقد اصطدم بتحول جدري في تحديد طبيعة البناء في تلك المنطقة مع بداية العمل بما يسمى     “تصميم التهيئة”، و الذي حول المنطقة المذكورة من منطقة خاصة بالسكن الإقتصادي، إلى منطقة فيلات؛ علما أن ملاك هذه البقع ظلوا طيلة هذه السنين يؤدون ضريبة الأراضي الغير مبنية باعتبارها مساكن اقتصادية.

وعمل المواطنون المتضررون من هذا التنطيق الجديد على مراسلة كل الجهات المعنية و المتدخلة في الموضوع، حيث وجهوا مراسلات وشكايات للوالي السابق و الحالي لجهة درعة تافيلالت، بلغت أكثر من عشرون مراسلة دون أن يتلقوا أي رد يذكر؛ كما عقدوا مجموعة من الإجتماعات مع  رؤساء المجلس البلدي السابق و الحالي، حيث عرضوا ملاحظاتهم حول الضرر الذي لحقهم جراء إعادة التنطيق بالمنطقة المذكورة، إذ تم إبلاغهم بأن الملاحظات المدلى بها قد تم إدراجها في مشروع التصميم الذي هو في طور الإنجاز و تحديد تلك المنطقة ضمن السكن الاقتصادي عوض الفيلات.

و استبشر المتضررون بعد تعيين الوالي الجديد، و عقدوا آمالا عليه لحل المشكل الذي خلقه تصميم التهيئة الذي وضع قيد الانجاز منذ 9 شتنبر 2019، و بعد فترة الركود العمراني الذي فرضه الوالي السابق على المدينة، لكنه و حسب المتضررين فإنه و إلى اليوم لم يتم اتخاذ أي قرار منصف لهذه الفئة المتضررة و المكونة  من متقاعدي القوات المسلحة القوات المساعدة و متقاعدو الصحة و بعض الموظفين و منهم الكثير ممن رحل الى دار البقاء و الباقي ينتظر الحصول على سكن لائق؛ إذ أنه و رغم المراسلات الموجهة للوالي الحالي و كذا طلبات الإستقبال الموجهة له فإن الوضع ظل دون أي تفاعل يذكر.

و أضاف المتضررون بأنه إلى جانب المراسلات الموجهة لوالي الجهة عامل إقليم الرشيدية فقد تم توجيه العديد من الشكايات و المراسلات في الموضوع إلى مدير الوكالة الحضرية بالرشيدية بلغت أكثر من 20 منذ 2014 التمسوا من خلالها تغيير نمط القطع الأرضية بحي البياضة السهب الرشيدية، التي تم اقتناؤها منذ 2012 و تتراوح  مساحتها بين 100 و 120 متر مربع مهيأة للسكن الاقتصادي و التي أصبحت مدرجة في صنف الفيلات مع حلول سنة 2014، دون اعتبار لمساحات البقع التي لا تصلح لبناء فيلات، إضافة إلى وجود تشييدات سابقة بالبقع المجاورة عبارة عن عمارات R+3   شيدت الى جانب البقع المذكورة.

و اعتبر ملاك البقع الأرضية بمنطقة البياضة أن هذه الوضعية أعاقت كل الإجراءات التي باشروها من أجل الحصول على رخص بناء مساكنهم الخاصة و حرمهم و ذويهم من حقهم في السكن كحق دستوري.

و راسل نفس المتضررون الرؤساء المتعاقبين على المجلس البلدي منذ 2014، حيث بلغ مجموع الشكايات الموجهة بهذا الصدد أكثر من 17 شكاية، طالب من خلالها مالكو البقع الأرضية بحي البياضة السهب الموجودة خلف صيدلية م. علي الشريف بإدماج بقع البياضة ضمن السكن الإقتصادي لكون البقع المتواجدة بالحي تحتوي على بقع لا تتناسب و الوضع الحالي المخصص للفيلات لصغر مساحتها؛ حيث يحتوي الحي على أربعين بقعة أرضية تتراوح مساحتها بين 100 و 120 متر مربع و هو الوضع الذي كانت عليه عند اقتنائها  منذ 2013، حسب ما تضمنته رسوم الأشرية أي قبل صدور تصميم التهيئة سنة 2014.

و التمس أصحاب هذه البقع بإدماج هذه المنطقة السكنية فيما يناسب مساحات البقع الارضية قبل إتمام تصميم التهيئة لجماعة الرشيدية.

وخلاصة القول أن وضع هذه الفئة من المواطنين يسائل الدور الحقيقي الذي أصبحت تلعبه الوكالة الحضرية بالرشيدية استنادا للظهير الذي ينصب على قانون رقم51-93-1 (22 ربيع الأول 1414) بخصوص إنشاء الوكالات الحضرية (الجريدة الرسمية بتاريخ 15 شتنبر 1993)، إذ أن أغلب القرارات الصادرة عن هذه الوكالة في المدة الأخيرة في عدد من الملفات يظهر جليا أنها قرارات مجانبة للصواب و لروح القانون، و يطبعها الخلل في الموازنة بين المصلحة الخاصة للملاك و حقهم في استعمال اراضيهم لاغراض عمرانية، و المصلحة العامة المتمثلة في ارساء سياسة حضرية قادرة على خلق مجالات مندمجة و محفزة على التنمية تمكن من بلوغ مبتغى الإنسجام و التناسق بين مكونات المشهد العمراني؛  كما أن منع مالكي الأراضي من البناء في بعض المناطق بمقتضى تصميم التهيئة، خاصة إذا كان البناء هو الإمكانية الوحيدة لاستغلالها، وإن كان يستهدف تحقيق منفعة عامة، فإن ذلك لا يستساغ أن يتحقق على حساب فئة فقط، بل لا بد من تحقيق التوازن بين مبدأ وجوب مشاركة المواطنين في التكاليف العامة ومبدأ مساواتهم في تحمل هذه التكاليف، إذ يشكل هذا التصرف الإداري اعتداء جسيما على حق اساسي مكفول بقوة الدستور والذي تعتبر الملكية الخاصة حق خالص لصاحبه، و لا يمكن المساس به او تقييده الا بمقتضى القانون.

 

Exit mobile version