Site icon الجهة 8 | جريدة إلكترونية جهوية مُستقلة

مولاي الحسن الصوصي يكتب: يسار الجبال والواحات: حين يصعد الهامش ليصوغ زمنه السياسي وجواب جيل Z

بقلم: مولاي الحسن الصوصي – هيئة تحرير الجهة الثامنة

في قلب درعة تافيلالت، حيث تختبر الطبيعة الإنسان على قسوتها وكرمها معًا، يتكوّن وعي سياسي جديد لا يشبه النماذج الكلاسيكية التي وُلدت في المكاتب أو تحت الأضواء المركزية.
هنا، في فضاء الجبال والواحات، يتشكّل ما يمكن تسميته بـ “الزمن السياسي ليسار الجبال والواحات” — يسار ينمو من رحم التجربة المحلية، ويستمد شرعيته من معاناة الناس لا من البلاغات، ومن العمل اليومي لا من الشعارات.

جيل Z في هذه الجهة — كما في باقي ربوع المغرب — يعيش مفارقة حادّة: فهو أكثر اتصالًا بالعالم، لكنه أكثر شعورًا بالعزلة في وطنه.
يرى الظلم بوضوح أكبر، ويطالب بالكرامة بلغته الخاصة: لغة الصورة، والرقمنة، والمبادرة الذاتية.
ولذلك، فإن هذا الجيل لا ينتظر الوعود، بل يبحث عن معنى جديد للفعل السياسي، معنى ملموس يُشبهه في بساطته وطموحه وجرأته.

هنا بالضبط يتقاطع مشروع يسار الجبال والواحات مع تطلعات هذا الجيل.
إنه يسار يعيد تعريف السياسة باعتبارها فعل قرب ومواكبة، لا وصاية ولا تمثيل رمزي.
يسار ينطلق من الأرض، من قضايا الماء والبيئة والتعليم، ويعتبرها معارك سياسية بامتياز لأنها تمس جوهر الكرامة الإنسانية.
يسار يدرك أن الدفاع عن الواحة ليس قضية فلاحية فقط، بل مشروع وجودي لمجتمع يرفض أن يُمحى من خريطة التنمية الوطنية.

لقد تعب الناس من الخطابات التي تُقصيهم باسم الحداثة، ومن الشعارات التي تَعِد دون أن تُنصت.
لكنّ الجبال والواحات — كما العادة — تُنبت المعنى من الصمت.
هنا، في هذه الجهة الثامنة، يتحوّل الهامش إلى مختبر سياسي جديد، يُعيد بناء الثقة بين السياسة والحياة اليومية، ويمنح الفعل الجهوي بعده الوطني العميق.

درعة تافيلالت… مختبر الزمن السياسي القادم

لقد آن للنخب السياسية والفكرية أن تنظر إلى درعة تافيلالت لا كمجال للنسيان، بل كمجال لإعادة ابتكار السياسة.
فالتحولات الكبرى لا تبدأ من البرلمان، بل من الحقول، ومن العيون التي تعود للحياة بعد سنوات من الجفاف.
هنا يتكوّن وعي جديد، يؤمن بأن الجهوية ليست تقسيمًا إداريًا، بل مشروع تحرر مجالي وثقافي.

جيل Z في هذه الجهة لا يطلب المستحيل؛ إنه فقط يريد أن يُرى، أن يُسمَع، وأن يُشارك في صياغة مصيره.
ويسار الجبال والواحات، بما يحمله من روح الإنصات والتجذر، قد يكون البوابة التي يدخل منها الأمل إلى السياسة المغربية من جديد.

فمن درعة تافيلالت، من صمت الواحات وهدير الجبال، قد يبدأ الزمن السياسي القادم.

مولاي الحسن الصوصي
الجهة الثامنة – درعة تافيلالت

Exit mobile version