Site icon الجهة 8 | جريدة إلكترونية جهوية مُستقلة

ارتباك في الإقلاع… شركة جهوية متعددة الخدمات بجهة درعة تافيلالت بلا بوصلة!

تعيش الشركة الجهوية متعددة الخدمات بجهة درعة تافيلالت على وقع ارتباك واضح في انطلاقتها الأولى، ارتباك يكشف منذ الوهلة الأولى غياب رؤية تواصلية واضحة، وخللا تنظيميا ينعكس مباشرة على ثقة المواطن في مشروع وعد بأنه سيكون خطوة جديدة نحو تقريب الخدمات وتحسين جودتها.

صمت رسمي… وغموض في المهام

منذ الإعلان عن تأسيس الشركة الجهوية، لم يصدر أي توضيح رسمي يشرح للرأي العام طبيعة المهام والأدوار، ولا تم تعيين ناطق إعلامي أو مصلحة تواصلية تتفاعل مع استفسارات المواطنين، ووسائل الاعلام، هذا الغياب الصارخ للتواصل خلق جوا من الغموض والشك، وأثار العديد من التساؤلات حول مدى جاهزية هذه المؤسسة للقيام بمهامها الحيوية في قطاعات الماء والكهرباء والتطهير.

خدمات متوقفة ومواطنون في حيرة

المشهد الميداني يؤكد حالة الارتباك؛ توقف أداء الفواتير، تأجيل رخص الربط بالماء والكهرباء، وتعثر في معالجة الطلبات اليومية، و الساكنة، التي كانت تنتظر بداية جديدة عنوانها القرب والنجاعة، تجد نفسها اليوم في مواجهة مكاتب مغلقة وصمت إداري مقلق، فهل هذه هي الجهوية التي بشر بها المواطن؟ أم أننا أمام نسخة جديدة من البيروقراطية القديمة، لكن بواجهة “جهوية” هذه المرة؟

ارتباك يهدد الثقة في المشروع الجهوي

إن هذا التعثر في الانطلاقة لا يمكن اعتباره مجرد خلل عابر، بل هو مؤشر خطير على غياب التخطيط المسبق والتنسيق المؤسساتي، فالشركة التي يفترض أن تكون نموذجا للحكامة والفعالية بدأت بداية مرتبكة، تسيء إلى فكرة الجهوية نفسها، وتزرع الشك في جدوى هذا النموذج الذي راهنت عليه الدولة لتحديث تدبير الخدمات العمومية.

دعوة إلى تصحيح المسار

من حق الرأي العام أن يطالب بالتوضيح والمساءلة؛ من المسؤول عن هذا الارتباك؟ ولماذا غابت المقاربة التواصلية من البداية؟ إن المسؤولية اليوم تقع على عاتق كل الأطراف المعنية لتصحيح المسار بسرعة، لأن استمرار الغموض يفقد المشروع مصداقيته، ويهدد بتحويله إلى تجربة بيروقراطية فاشلة جديدة.

الجهوية لا تُقاس بالشعارات، بل بقدرة المؤسسات على تقديم خدمة في الوقت، وبالوضوح في التواصل، وبالاحترام الفعلي للمواطن، وما لم تُصحح البوصلة سريعاً، فإن الأمل في “شركة جهوية متعددة الخدمات” قد يتحول إلى خدمة متعددة الأعذار…لا النتائج.

إن ما يقع اليوم في هذه التجربة الجهوية الناشئة ليس مجرد عثرة تقنية، بل جرس إنذار إداري وتنموي يستدعي التوقف والمراجعة العاجلة، فالمؤسسات التي لا تحسن التواصل مع المواطن، تفقد مشروعيتها قبل أن تبدأ العمل، والتنمية الحقيقية — كما يذكّرنا الواقع يومياً — لا تبدأ بالهيكلة القانونية ولا بالشعارات، بل بإرادة واضحة في الفعل، وجرأة في الاعتراف بالأخطاء، واستعداد حقيقي لتصحيحها.

Exit mobile version