
شهدت مدينة الرشيدية نهاية الأسبوع الماضي توافدًا كبيرًا على المكتبات، بعد أن عبّر عدد من أولياء التلاميذ عن استيائهم من النقص الحاد في الكتب المدرسية، خاصة المقرّرة ضمن برنامج “مدارس الريادة”.
هذا الوضع غير المسبوق، وبعد مرور أكثر من شهرين على انطلاق الموسم الدراسي، يثير قلق الأسر ويضع المنظومة التربوية أمام تحدٍّ حقيقي.
وحسب ما عاينه طاقم جريدة “الجهة الثامنة”، فقد شهدت المكتبات طوابير طويلة من الزبناء، إذ أكّد عدد من أولياء الأمور أن بعض المواد الدراسية ما تزال كتبها غير متوفّرة إطلاقًا، فيما تصل كميات محدودة ومتفرقة لا تكفي لتلبية الطلب المتزايد.
وقالت فاطمة محمادي، وهي أمّ لتلميذ بالمرحلة الابتدائية في تصريحها للجريدة، ننتظر الكتب منذ بداية الدخول المدرسي، وكل مرة نُبلَّغ بأن الدفعة الجديدة لم تصل بعد، فاضطررت لنسخ بعض الصفحات من زملاء ابني حتى لا يتأخر في دراسته.
هذا التأخر، الذي تجاوز الشهرين، لم يعد مجرد مشكل لوجستي، بل تحوّل إلى أزمة تربوية تمسّ مبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ، فالعديد منهم يضطرون إلى تقاسم الكتب أو الاعتماد على نسخ ناقصة، مما يضعف متابعتهم اليومية للدروس ويؤثر على مردودهم الدراسي.
ويطرح هذا الوضع تساؤلات ملحّة حول مدى جاهزية مشروع “مدارس الريادة” الذي رُوّج له كخطوة إصلاحية نوعية، لكنه اليوم يكشف عن ثغرات في التخطيط والتنسيق بين المصالح المعنية.
كما يعبّر عن غياب تواصل فعّال من طرف وزارة التربية الوطنية، التي لم تصدر إلى حدود الساعة أي توضيح رسمي بخصوص أسباب هذا التأخر.
ويعتبر عدد من المتتبعين أن استمرار الخصاص في الكتب بمدينة الرشيدية وغيرها من المدن المغربية الصغيرة يُبرز الحاجة إلى إعادة النظر في آليات توزيع الموارد التعليمية وضمان وصولها في الوقت المناسب، حمايةً لحقّ التلاميذ في تعليم سليم ومتوازن.
إن ما تعيشه الرشيدية اليوم ليس مجرد أزمة محلية، بل إنذار واضح يدعو إلى تقييم شامل لمشروع “مدارس الريادة”، حتى لا تتحول المبادرة الإصلاحية إلى عبء إضافي على الأسر والمنظومة التربوية على حد سواء..