
بداية قصة تعزيز العرض الصحي بالرشيدية عبر “البريكول”
بدأت القصة، حين أبرم المجلس الاقليمي للرشيدية بصفته صاحب المشروع، منتصف سنة 2020، اتفاقية شراكة مع جمعية تيسير للصحة بالرشيدية بصفتها منفذ المشروع، و كذا مع شركاء آخرين من قبيل الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان والمندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بالرشيدية و الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، تتعلق بتعزيز العرض الصحي بإقليم الرشيدية و توظيف أطر صحية، وهي الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ أواخر السنة نفسها.
جمعية تيسير للصحة، قادت عملية الاعلان عن فرص للتوظيف في تخصصات التمريض متعدد التخصصات و تقنيي التمريض و متخصصين تقنيين في الإدارة، و هي العملية التي تمت بالمقر الاقليمي للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل و الكفاءات بالرشيدية، و افرزت انتقاء حوالي 38 مستخدما، سيشتغلون بطريقة تعاقدية و يسدون الخصاص الذي كان يعرفه الاقليم سنة 2020، و يستفيدون من “عقود التدريب من أجل الادماج المهني” أو ما يسمى ب”عقود أنابيك”.
بحسب مصادر جريدة الجهة الثامنة، ستخبر الجمعية، المستخدمين الذين تم انتقاؤهم بضرورة حضورهم لمقر المديرية الاقليمية للصحة بالرشيدية من أجل توزيع التعيينات و تكليفات المهام، وهو ما جرى، حيث تسلم المستخدمون الجدد مذكرات مصلحية صادرة عن المديرية الاقليمية للصحة، مؤرخة و مرقمة و موقعة من المدير الاقليمي، تعينهم ممرضين متعددي التخصصات أو ممرضين مساعدين أو تقني الادارة، و تخبرهم بضرورة التقدم الى مدير المستشفى الذي تم التعيين به، من اجل استلام المهام.
المذكرة المصلحية، التي تتوفر جريدة الجهة الثامنة، على نسخة منها، تحمل ترويسة و أسفل صفحة المديرية الاقليمية للصحة بالرشيدية، أشارت في محتواها، إلى أن التعيين يأتي في إطار اتفاقية شراكة مبرمة بين المجلس الاقليمي و جمعية تيسير و شركاء آخرين بتاريخ 8 يوليوز 2020، من أجل دعم و مواكبة العرض الصحي بإقليم الرشيدية عبر اقتناء سيارات إسعاف و المساهمة في توفير الخدمات الصحية و الموارد الصحية البشرية و تنظيم القوافل الطبية بإقليم الرشيدية.
“بريكول صحي إقليمي” لمدة سنتين ..
بحسب مصادر الجهة الثامنة، فقد وقع الممرضون و التقنيون الذين تم انتقاؤهم للعمل في إطار عقدة شغل تدريب من أجل الادماج، عقدة مع الجهة المشغلة التي هي جمعية تيسير للصحة بالرشيدية، و ذلك لمدة سنتين غير قابلة للتجديد ابتداءً من 07 دجنبر 2020، و إلى غاية 06 دجنبر 2022، بمعدل 44 ساعة أسبوعيا، بتعويض شهري يتراوح بين 2500 درهم و 3125 درهم، حيث حدد التعويض في الستة أشهر الأولى في 2500 درهم، ليجري رفعه الى 3000 درهم في فاتح شهر ماي 2021، بموجب محضر وقعه أعضاء الجمعية، توصلت الجريدة بنسخة منه.
و حسب المصادر نفسها، التحق المستخدمون لدى الجمعية بمراكز عملهم أو مصالح اشتغالهم بالمركز الاستشفائي الجهوي مولاي علي الشريف بالرشيدية، حيث عين بعضهم على رأس مراكز صحية بالدواوير و المداشر القروية المنتشرة بتراب اقليم الرشيدية، رغم أن لا عهد له بالتسيير ولا بالتدبير و لا الاشراف على بنية استشفائية في السابق، دون وجود أية حماية قانونية أو أخلاقية أو مادية، و هم في وضعية “ممرضون متدربون”.
و أضافت المصادر، “غطى “المتدربون” النقص الحاصل في الموارد البشرية الصحية بمختلف البنيات الاستشفائية بالاقليم، و استفادت “الدولة” من خدماتهم، التي كانت تفوق المعتاد و القانوني والمتعارف عليه، حتى أنهم حموا هذه البنيات من الانفجار، في الوقت الذي كانت أعداد المصابين بداء كوفيد19 في تزايد مضطرد و توافدت حالات أقلقت راحة مهنيي الصحة و جعلتهم في حيرة أخلاقية، بين تلبية الواجب الوطني و تعويضات الأخطار التي يتقاضونها، فيما نفذ هؤلاء الممرضون المتدربون أوامر “الإدارة” دون تراجع .”
“بريكول” إضافي لسنة ثالثة
بحسب ما توصلت اليه الجهة الثامنة، فإنه قبل انتهاء عقدة أنابيك المحددة في سنتين، قامت جمعية تيسير للصحة، بتوقيع عقود جديدة مع الممرضين، بصيغة محددة لمدة سنة واحدة، ابتداءً من 11 نونبر 2022 إلى غاية 10 نونبر 2023، مع التصريح في نظام الحماية الاجتماعية CNSS ، بالحد الأدنى للأجور .
و بحسب ما توصلت به الجريدة، فإن جميع أجراء الجمعية، توصلوا إلى حدود شهر أكتوبر 2023 بأجر صافٍ قدره 2700 درهم، بينما توصلوا قبيل انتهاء العقدة في العاشر من شهر نونبر 2023، بأجر صافٍ قدره 900 درهم، و تم التصريح بأجر 2970,05 درهم منذ شهر نونبر 2022 إلى غاية شهر غشت 2023، بينما تم التصريح بأجر 3120 لشهري شتنبر و أكتوبر 2024.
و استمر الأجراء في أداء مهامهم، التي كانوا يزاولونها قبل العقدة المحددة في الزمن، بحسب مصادر الجريدة، و بقيت المسؤوليات نفسها، خصوصا بالمراكز الصحية التي يغيب فيها الأطباء أو الممرضين الرؤساء، بسبب استمرار وضعية الخصاص الحاد التي يشهدها الاقليم في الأطر الصحية، و “بريكولا” لهذا الخصاص تم تمديد تواجد الاطر الصحية داخل هذه المنشآت الصحية.
ملائكة الرحمة .. لم ترحمهم لا الجمعية و لا المجلس الاقليمي و لا مديرية الصحة
مصادر الجريدة، أكدت أنه منذ بداية أداءهم لمهامهم داخل المنشآت الصحية المعينين بها، عمل الممرضون على برامج صحية عديدة من بينها، تتبع الحوامل و تتبع حالات كوفيد 19 الوافدة و اجراء التحاليل اللازمة، و كذا برامج التلقيح و تتبع مرضى الأمراض المزمنة، إلى جانب الاشراف على تدبير الصيدلية و تدبير عملية جلب الأدوية التي يجري استهلاكها بشكل متزايد من مراكز اخرى او من المديرية نفسها أو من أموالهم الخاصة، فضلا عن التسجيل و تتبع حالات كوفيد و اعطاء الاحصائيات اليومية عبر النظام المعلوماتي، و ذلك بحسب كل ممرض على حدة، أي أن البرامج جميعها أوكلت لممرض واحد.
و أشارت المصادر نفسها، أن المتعاقدين لم يكونوا يستفيدون من أي برنامج حماية أو تعويض ضد الأخطاء التي قد تطالهم و هم وفي وضعية مزاولة مهامهم داخل المستشفيات، التي كانت تعج بحالات كوفيد19 و كذا كثرة البرامج الموجهة للدواوير البعيدة عن المجالات الحضرية، حتى أنهم خرجوا من العمل باضطرابات صحية و نفسية عديدة.
و حسب المعطيات المتوصل بها، فإن إحدى الممرضات المتعاقد معها، عملت بالمستشفى الجهوي مولاي علي الشريف، أصيبت بداء كوفيد19، و نقلته عن طريق الخطأ إلى أفراد أسرتها، مما أدى الى وفاة والدها، بالإضافة إلى إصابة ممرضة أخرى بداء السكري جراء كثرة الضغوطات و القلق و العمل لمدة 12 ساعة يوميا دون توقف، فضلا عن تتبع ممرضتين لحالتيهما عند طبيب نفسي، بعد تعرضهما لضغوطات و صدمات و أزمة نفسية، خلال العمل.
اتهامات .. و جمعية تيسير للصحة المشغلة توضح
توصلت الجهة الثامنة بمذكرة مصلحية صادرة عن المدير الاقليمي للصحة والحماية الاجتماعية، ابراهيم عشاوي، تم بموجبها تعيين المتعاقدين في الوحدات الاستشفائية ذات الخصاص، بتاريخ 17 نونبر 2020، بناء على اتفاقية الشراكة التي تجمع المجلس الاقليمي للرشيدية و جمعية تيسير للصحة و الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل و الكفاءات و الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان و المندوبية الاقليمية للصحة و الحماية الاجتماعية للرشيدية، وهي المذكرة التي تشوبها تجاوزات قانونية جمة، أبرزها أن الجهة المصدرة لها ليست ذات الاختصاص ولا هي الجهة المشغلة.
هذه المذكرة استندت على في ديباجتها على اتفاقية الشراكة و ليس على نتائج الامتحانات الكتابية و الشفوية التي أجرتها الجمعية مع شركاءها و المتدربين (الأجراء) المتعاقد معهم، ولا على أية وثيقة تربط المتعاقدين بالجمعية، كما أنها تعاملت مع المتدربين و كأنهم مواردا بشرية تابعة للمندوبية الاقليمية للصحة، و أمرت مسؤولين عن مراكز صحية و استشفائية بالتعامل معهم و تكليفهم بمهام تدخل في إطار الممرضين الممارسين وليس المتمرنين أو المتدربين، حسب تسميتهم بالعقدة الأولى المبرمة معهم.
مباشرة بعد تعيينهم و طيلة مدة اشتغالهم، حسب مصادر الجريدة، عمل عدد من المتعاقد معهم، على رأس المنشآت الصحية التي عينوا بها، إما لمغادرة الممرضين الرؤساء أو لغياب أطباء مشرفين على المراكز الصحية، دون أن تتوفر الشروط الموضوعية ولا القانونية في المتعاقدين، بسبب أن العقدة الأولى كانت “تدريب” أي لابد من وجود موجه و مشرف من الجهة المشغلة، و العقدة الثانية لم تتم الاشارة داخلها إلى أن “المأجورين” هم في منصب “المسؤولية”.
حسب الوثائق المتوفرة لدى الجهة الثامنة، فإن الجمعية عمدت إلى التصريح بكل الذين تم انتقاؤهم، لمدة شهر واحد (نونبر 2020) بغير صفة “المتدربين”، فيما تم التصريح بهم لدى لانابيك بصفة متدربين ابتداءً من شهر دجنبر 2020، حيث تتحمل هذه الاخيرة، تكاليف التغطية الصحية، و يصح الأجر يسمى تعويضاً، وهو ما يكون قد كبد مالية الجمعية ما يفوق 29 ألف درهم، كقيمة اجمالية للتصريح في الصندوق الوطني .
و تشير العقدة المبرمة بين لانابيك و الجمعية و “المتدربين”، والتي تتوفر الجريدة على نسخة منها، إلى أن الجهة المشغلة أي جمعية تيسير للصحة بالرشيدية، ملزمة بتسليم شهادات نهاية التدريب عند انتهاء العقدة المبرمة، وهو ما لم يحصل في حالة جميع “المتدربين”، فيما اطلعت جريدة “الجهة الثامنة” على شهادة عمل مسلمة من طرف جمعية تيسير للصحة بالرشيدية، التي تحتوي على رقم تسلسلي و مؤرخة و موقعة بتاريخ 11 أكتوبر 2023 من طرف رئيس الجمعية جبوري احسين، يشهد فيها هذا الأخير، أن المعنيين بالأمر جميعهم، يعملون لدى الجمعية منذ تاريخ 11 نونبر 2020، عبر عقدة تدريب من أجل الادماج المهني، و هو الأمر الخالي تماما من الصحة، ما اعتبره متتبعون “تزويرا” لتاريخ الالتحاق بصفة “Salarié ” ، و عدم تطابق محتوى الشهادة مع القوانين الجاري بها العمل في هذا الصدد، بسبب أن العقدة الأولى (تدريب) ابتدأت بتاريخ 07 دجنبر 2020، بينما الثانية ابتدأت في 11 نونبر 2022 و انتهت في 10 نونبر 2023، و تاريخ توقيع شهادة العمل يجب أن يتعلق بأخر عقدة عمل، حتى تتطابق مع مضمون الشهادة و طبيعتها، و ليس منذ تاريخ بداية عقدة التدريب، حتى أنه لا يمكن أن توجد عقدة تدريب لمدة ثلاث سنوات، بحسب القوانين الجاري بها العمل.
و من جهته، أكد السيد احسين جبوري، أنه “ليس هناك اقتطاع 100درهم من طرف الجمعية لأجل توظيفها في مصالحها الخاصة وانما ملزمة باستعمال الاعتمادات المتوفرة لديها بطريقة عقلانية لأجل تغطية المدة الزمنية المزمع تمديدها اي السنة المضافة لفائدة المتعاقدين الفعل الذي كان بإمكان الجمعية جهله نظرا لعدم توفرها على التكلفة المالية الكافية لإرضاء المتعاقدين لحصولهم على المبلغ الذي يتقاضونه والذي سبق للجمعية اجتهدت لأجل الرفع التعويضات من 2500,00درهم الواردة في العقد المبرم مع ANAPEC الى 3000,00درهم لولا باب الانسانية مع نهاية هذا العقد كان بإمكان الجمعية ان تتخاد قرار ارجاع ما تبقى من الميزانية الى الجهة الداعمة اي المجلس الاقليمي تفاديا لهذه الاتهامات الزائفة”.
و أضاف رئيس جمعية تيسير للصحة بالرشيدية، في معرض جوابه عن مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالموضوع، “أن هؤلاء الممرضون المتعاقدون مع الجمعية عبر آليات التعاقد في اطار اتفاقية شراكة مع المجلس المجلس الاقليمي للرشيدية و شركاء اخرين، تم تشغيل 33 ممرض و 05 تقنيين اداريين بطلب من المندوبية الاقليمية لوزارة الصحة و الحماية الاجتماعية بالرشيدية، مرورا عن طريق الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل و الكفاءات التي هي من بين الشركاء لأجل المواكبة و التأطير، كما تم تعيهم بقرار تعيين من طرف المندوبية الاقليمية للصحة و الحماية الاجتماعية، بالمؤسسات الصحية، و ذلك بعقد عمل محد المدة في 24 شهراً كمتدربين مقابل تعويض قدره 2500 درهم عن كل شهر الوارد بعقد anapec ابتداءً من 11 نونبر 2020، إلى 10 من نونبر 20222، و بعد مرور حوالي 5 أشهر من هذا العقد، قرر المكتب المسير للجمعية، خلال اجتماع له بتاريخ 25 ماي 2021، رفع التعويضات الشهرية من 2500 درهم إلى 3000 درهم، أي إضافة 500 درهم زيادة عن كل شهر.
و أوضح المتحدث، أنه “قبل انتهاء صلاحية عقد anapec ، بما يزيد عن اربعة أشهر تم ادراج من بين النقط المزمع دراستها في اجتماع بتاريخ 15 يوليوز 2022، إمكاينة تمديد تشغيل المتعاقدين لمدة سنة إضافية عن طريق عقد محدد المدة، و من هذا المنطق، يضيف الرئيس، شرع رئيس الجمعية في الاجراءات الخاصة بتحويل بعض الاعتمادات غير المستعملة لإضافتها الى خانة الموارد البشرية حتى تتمكن الجمعية من ضمان صرف مستحقاتهم باستمرار لسنة إضافية، و ذلك بعد تحديد الأجر الشهري، الممكن تفويته خلال هذه السنة المضافة الممتدة من 11 نونبر 2022 إلى 10 نونبر 2023، الذي ستبينه الميزانية التقديرية لهذه المدة، و الذي تم تحديده في 2900 درهم خام قابل لاقتطاعات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لأجل الاستفادة من التغطية الصحية، ان هذا الاجر الخام تم ادراجه ضمن الشروط الواردة في العقد محدد المدة، فلهذا ان هذه الايضاحات تدل على أن ليس هناك اقتطاعات 100 درهم لصالح الجمعية كما يدعون، بالعكس لفائدة المتعاقدين للاستفادة من تشغيلهم لمدة سنة مع استفادتهم من التغطية الصحية.
و حول سؤال الجريدة عن تسريح الممرضين، قال احسين جبوري، رئيس جمعية تيسير للصحة بالرشيدية، إن الجمعية ليست مسؤولة عن هذا الفعل نظرا لانتهاء صلاحية عقد الشغل محدد المدة بالآجال المحدد له، و انتهاء صلاحية الاتفاقية الموقعة في إطار شراكة بين جميع الشركاء، (المجلس الاقليمي، المندوبية الاقليمية لوزارة الصحة و الحماية الاجتماعية بالرشيدية، الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، والوكالة الوطنية لإنعاش الشغل و الكفاءات، و جمعية تيسير للصحة بالرشيدية (التي ماهي إلا طرف ضمن الأطراف الموقعة على الاتفاقية المعنية.
و اشار المتحدث في معرض جوابه، إلى أن الفئات الجديدة التي وردت بالاتفاقية الجديدة الموقعة بتاريخ 30 مايو 2023، و التي تهم أطباء طب التخدير و الانعاش مقابل التعويضات و اطباء الطب العام عبر اليات التعاقد و تقنيي الاشعة مقابل التعويضات و كذا تنظيم القوافل الطبية، (تم تحديدها) وفقا لطلبات و حاجيات المندوبية الاقليمية للصحة والحماية الاجتماعية.
و حاولت جريدة “الجهة الثامنة” التواصل مع المندوب الاقليمي للصحة والحماية الاجتماعية السابق، ابراهيم عشاوي، قبل إنهاء مهامه، حول سند اصدار مذكرة مصلحة، صادرة عن ادارته، و تحمل توقيعه، تعين الأطر الصحية التي تربطها علاقة مع الجمعية، في مناصبهم و تأمرهم بمباشرة تسلم مهامهم داخل مؤسسات التعيين ، في الوقت الذي هي تعتبر أطرا لا تنتمي لوزارة الصحة ولم تنجح في مباراة نظمتها الوزارة، و مدى مسؤولية المديرية و حدود تدخلها في تدبير شؤون هذه الأطر طيلة فترة الاشتغال، و كذا حول انتهاء الخصاص المسجل سابقا في مجال التمريض بكامل اقليم الرشيدية، بحسب تصريح سابق لرئيس جمعية تيسير.
و لم تتمكن الجريدة من التواصل مع المدير المعني، سواء عبر اتصال هاتفي او عبر الواتساب حيث تركنا رسالة تم الاطلاع عليها، و لم يتم الرد عليها.
بالخشيبات .. هذه الأموال كان يجب أن تذهب لجيوب المتعاقدين
بحسب قاعدة البيانات التي حصلت عليها جريدة الجهة الثامنة من مصادرها الخاصة، فإن جمعية تيسير للصحة، تكون مع انتهاء العمل مع الممرضين المعنيين، قد ارتكبت أخطاء عديدة على مستوى التدبير المالي للموارد البشرية، فيما يتعلق بالأجور المصرح بها و الأجور المحولة الى حساباتهم البنكية.
و بحسب المعطيات التي نتوفر عليها، فإن الجمعية، و قبل توقيع عقدة تدريب مع الاطر الصحية و الوكالة الوطنية لتشغيل الكفاءات و انعاش الشغل، قامت بتصريح أزيد من 30 إطار صحي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لشهر نونبر 2020، بأجر2828,71 درهم، وهو ما يعني ان مالية الجمعية تحملت أزيد من 29 ألف درهم مقابل الاشتراكات المتعلقة بالتصريح، وهذه العملية لا تدخل ضمن اطار أية عقدة مكتوبة تربط الأجراء بالجمعية، بل المفروض ان يتم توقيع عقدة لانابيك قبل التصريح بهم لدى LA CNSS ، إذ ان لانابيك تتحمل تكاليف الاشتراكات للجهة المشغلة و المتدرب على حد السواء، و كان يمكن توجيه 29 ألف درهم إلى خدمة أخرى يستفيد منها المجتمع.
بعد توقيع العقدة بين الاطر الصحية و الجمعية و وكالة لانابيك، في 7 دجنبر 2020، لم تنتهي العقدة في تاريخ 6 دجنبر 2022، كما ورد في العقد (سنتين من التدريب) بل انتهت قبل ذلك التاريخ حيث أبرمت عقدة جديدة محددة المدة في 11 نونبر 2022 بين الجمعية و الاجراء (الاطار الصحية)، و تم تفويت امكانية تمديد عمل الاجراء لشهر واحد على الأقل.
في العقدة الجديدة محددة المدة بين الجمعية و المتعاقدين، توصل الأجراء بأجر 2700 درهم لمدة 10 أشهر (نونبر 2022 إلى غاية نهاية غشت 2023) و تم التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (طبيعي لأنهم أصبحوا أجراء و خرجوا من عقدة التدريب)، بأجر 2970,05 درهم، و القاعدة المحاسباتية تقول، أن يتم خصم الاشتراكات و المساهمات المتعلقة بالأجير من الأجر الخام (2970,05)، و حساب الباقي و تقديمه له، و بإجراء هذه العملية يتضح أنه كان يجب أن يتوصل كل أجير خلال 10 أشهر الأولى من عقدته، بأجر 2769,87 درهم، ما يعني أن 69,87 درهم لم تخرج من حساب الجمعية البنكي في اتجاه حساب الأجير الواحد، وهو ما يعني أزيد من 2096,10 درهم في الشهر الواحد، و أزيد من 20961 درهم في مجموع 10 أشهر المصرحة بهذا المبلغ، كان يجب أن تذهب لحسابات الأجراء.
و بحسب قرار الحكومة المغربية برفع الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص بنسبة 5% ليصل إلى 3120 درهما، ابتداءً من شهر شتنبر 2023، فإنه تعين على جميع المشغلين (إلا القطاع العام) أن يصرحوا بأجرائهم بأجر يساوي أو يفوق 3120 درهم، وهو ما استجابت له جمعية تيسير في علاقته بأجراءها، حيث صرحت بأجر 3120 درهم، لشهري شتنبر و أكتوبر، إلا أنها حولت لهم في حساباتهم البنكية أجر 2700 درهم، كما كانت تفعل قبل شهر شتنبر في تصريحها باجر 2970,05، و هو ما يعني أنه كان يجب أن يتوصل كل أجير خلال شهري شتنبر و أكتوبر 2023، بأجر2909,72 درهم، و ليس 2700 درهم، مما يعني أن 209,72 لم تخرج من حساب الجمعية البنكي في اتجاه حساب الأجير الواحد، وهو ما يعني أن أزيد من 6291,60 درهم في الشهر الواحد، و أزيد من 12583,2 في شهري شتنبر و أكتوبر، كان يجب أن تذهب لحسابات الأجراء.
و خلال شهر نونبر، اشتغل الأجراء مدة 10 أيام، توصلوا في نهايتها بأجر 900 درهم، و بحساب الأجر المفترض التصريح في مدة 10 أيام نحصل على 1200 درهم كأجر خام، و اذا ما نقصنا المساهمة الخاصة بالأجراء للتصريح في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، نجد أن 1119,12 درهم كان يجب أن تذهب للحساب البنكي للأجر الواحد، وليس 900 درهم فقط، مما يعني أن 219,10 درهم للأجر الواحد، لم تخرج من الحساب البنكي للجمعية في اتجاه حسابات الأجراء، أي ما يفوق 6500 درهم في 10 أيام من شهر نونبر، كان يجب أن تذهب لحسابات الأجراء، لكنها بقيت في حساب الجمعية المشغلة.
و بحساب المجموع من الأموال التي كان من المفترض أن تذهب لحسابات الأجراء البنكية، نجد أنها فاقت ال40 ألف درهم، و بقيت في حساب الجمعية، دون أن توضح الجهة المشغلة موقفها من هذا النقص المسجل على مستوى تدبير أجور أجراءها من الممرضين خلال فترة نونبر 2022 و نونبر 2023 ، و سندها المعتمد في اقتطاع هذه الأموال، رغم ان قانون الشغل تم خرق عدد من بنوده.
هل خضع المدير الجهوي لضغوط نقابية من أجل الاستغناء عن خدمات الممرضين ؟
توصلت “الجهة الثامنة” بمعطيات دقيقة تفيد بتوصل المدير الجهوي للصحة و الحماية الاجتماعية بجهة درعة تافيلالت، بمراسلة من إحدى النقابات الصحية، تطلب لقاءه بشكل مستعجل للتداول في عدة نقط من بينها وجود “منتحلي صفة الممرض (الهلال الأحمر و المدارس) بالمستشفيات والمراكز الصحية، و ممارسة مهام الممرضين بتزكية من الإدارة”.
و قالت المصادر نفسها، أن النقابة المعنية عملت على ممارسة ضغوط عنيفة على المدير الجهوي للصحة من أجل توقيف عمل هؤلاء المتعاقدين داخل المستشفيات و المراكز الصحية، وهو ما توافق مع إرادة المدير الاقليمي، وهو ما ساهم في وقف أية عملية تجديد للعقدة أو تفكير في تكرار عملية توظيف الأطر الصحية مجددا عبر العقد و مشغل جمعوي.
و حسب المصادر نفسها، فإن المديرية الجهوية قد عارضت توجه السلطات الجهوية الذي يروم تعزيز و تقوية نسيج الموارد البشرية الصحية بالإقليم و الجهة ككل، بشكل يجعل تركيز كل الجهود المادية المبذولة في هذا الصدد لفائدة الأطر الطبية دون الصحية، استجابة لضغوطات نقابية و تجنبا لأي احتقان قد يقع في صفوف الممرضين الممارسين خريجي معاهد القطاع العمومي، وهو ما يعززه تصريح رئيس جمعية تيسير، الذي أشار الى ان المصالح الادارية لقطاع الصحة استبعدت فئة الممرضين في الاتفاقية الجديدة الموقعة بين المجلس الاقليمي و عدد من الشركاء.
المتعاقدون يحتجون بالرشيدية ولا من مستجيب ..
أمام هذا الوضع، عمد الممرضون المستغنى عن خدماتهم، إلى مختلف المتدخلين، من وزارة الصحة و الديوان الملكي ووالي الجهة وباقي الشركاء في الاتفاقية، و كذا تنظيم وقفتين احتجاجيتين على التوالي أمام المندوبية الاقليمية للصحة بالرشيدية و أمام عمالة اقليم الرشيدية، للمطالبة بتسوية وضعيتهم و ارجاع حقوقهم المسلوبة.
و أكدت احدى الممرضات، في تصريحها لجريدة “الجهة الثامنة”، أن الوقفة الاحتجاجية جاءت للمطالبة بتسوية وضعية الممرضين الذين اشتغلوا لأزيد من ثلاث سنوات، في مختلف التخصصات بالمستشفيات، مضيفة ” لقد كنا نتلقى أجرا زهيدا، رغم أننا كنا نقدم خدمات جليلة للقطاع خلال الفترة التي كان يمر منها العالم ووطننا العزيز بجائحة كوفيد19، وسبق أن تلقينا وعودا بتسوية وضعيتنا، لكن للآسف اصطدمنا بواقع آخر، تمثل في الاستغناء عن خدماتنا رغم ما قدمناه للمنظومة، والقطاع وتم تعويضنا بأشخاص آخرين”.
و توصل وزير الصحة و الحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، شخصيا، بمراسلة لرفع الحيف الذي لحق المتضررين، مرفوقة بكل المعطيات اللازمة، خلال زيارته لمدينة الرشيدية من أجل تدشين عدد من المراكز الصحية الجهوية بدرعة تافيلالت، مطمئنا إياهم أنه سيعمل ما في وسع لحلحلة المسألة.