
في سابقة تعد من أصعب المحطات التي تمرّ بها الكلية متعددة التخصصات بورزازات، التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير، وجدت المؤسسة نفسها منذ زلزال الحوز في شتنبر 2023 أمام أزمة تعليمية خانقة عمّقت من معاناة طلبتها وأطرها التربوية. فبين قاعات دراسية متضررة، واكتظاظ غير مسبوق، وتراجع في جودة التكوين، تحوّل الحرم الجامعي إلى فضاء يعكس أزمة بنيوية تعصف بمستقبل آلاف الطلبة.
التقارير التقنية كشفت أن الزلزال خلّف أضراراً جسيمة في البنية التحتية للكلية، إذ جرى إغلاق ما يفوق 34 قاعة دراسية بسبب تشققات خطيرة طالت الجدران والممرات، ما أجبر الإدارة على الاعتماد على ثلاثة مدرجات فقط لاستيعاب أكثر من أربعة آلاف طالب، هذه الوضعية الاستثنائية أربكت السير العادي للدروس، وأدت إلى تقليص الحصص النظرية وإلغاء الأشغال التطبيقية في عدد من المسالك العلمية، الأمر الذي انعكس مباشرة على جودة التعلم والتحصيل.
وسط هذا المشهد المأزوم، تصاعد التوتر داخل أسوار الكلية بين الطلبة والأساتذة، بعد أن تحولت الوعود المتكررة بإصلاح المرافق إلى مجرد تصريحات دون أثر ملموس على أرض الواقع. وبفعل طول الانتظار، لجأ الطلبة إلى التصعيد بتنظيم وقفات احتجاجية ومقاطعات للدروس، للمطالبة بإصلاح القاعات المتضررة وتوفير بيئة تعليمية تحفظ الحد الأدنى من شروط الدراسة الجامعية.
المطالب المرفوعة تتجاوز الجانب الآني المرتبط بترميم البنايات، لتشمل رؤية أوسع تدعو إلى إحداث جامعة مستقلة بجهة درعة تافيلالت، تكون قادرة على استيعاب الطلبة وتطوير العرض الجامعي بالجنوب الشرقي للمملكة، في أقاليم ورزازات وزاكورة وتنغير، بما يضمن عدالة مجالية في التعليم العالي ويسهم في تنمية المنطقة.
اليوم، يقف مستقبل آلاف الطلبة على مفترق طرق، في انتظار قرارات حاسمة من الوزارة الوصية، سواء بتسريع أشغال الإصلاح داخل الكلية أو بإطلاق مشروع الجامعة الجهوية المنشودة، لإنهاء حالة الترقب وإعادة الثقة في التعليم العمومي كرافعة للتنمية والعدالة الاجتماعية بالجنوب الشرقي.






