الرشيديةمجتمع

عبد الرحيم أريري : من العار قضم خمس التراب الوطني بالجنوب الشرقي للمملكة

أفظع ما استفزني اليوم (الأربعاء 3 غشت 2022)، في المعطيات التي نشرها المكتب الوطني للمطارات حول الملاحة الجوية بجهات المغرب، هي تلك الأرقام الصادمة التي تخص عاصمة تافيلالت.

ففي تقرير المكتب الوطني، نقرأ أن مطار مولاي علي الشريف بالرشيدية، لم يعرف طوال النصف الأول من عام 2022 سوى توافد 20.647 شخصا فقط. أي بمعدل 114 مسافر في اليوم!، كما أن عدد الرحلات الجوية المتجهة نحو الرشيدية لم تتجاوز 408 رحلات خلال الفترة نفسها، أي ما يمثل رحلتين تقريبا فقط كمعدل في اليوم. علما بأن مجموع المسافرين بمطارات المغرب بلغ في الفترة نفسها حوالي: 7.440.000 مسافر، وبلغ عدد الرحلات الجوية بالمغرب 70.680 رحلة في النصف الأول من سنة 2022.

هذا يدل على أن حصة الرشيدية من مجموع المسافرين بالمغرب لم تتجاوز 0،2 في المائة، وبخصوص حصة تافيلالت من الرحلات فإنها لم تتعد 0،5 في المائة من مجموع الرحلات ببلادنا.

وتزداد الخيبة حين نستحضر أن مطار الرشيدية كلفنا صرف 450 مليون درهم (45 مليار سنتيم)، على مرحلتين: المرحلة الأولى في 1993، حين أنفقنا كمغاربة 36 مليار سنتيم لتوسيع منشآت مولاي علي الشريف لاستقبال الطائرات الكبرى وما يستلزمه ذلك من أبراج ومرافق ملاحية، وفي المرحلة الثانية في عام 2019، حين أنفقنا كمغاربة مبلغ 9 ملايير سنتيم لبناء محطة جوية جديدة بالرشيدية في سياق الحملة التي انخرطت فيها وزارة الداخلية والمجالس الجهوية المهمشة بالمغرب والمكتب الوطني للمطارات وشركة “لارام”، لتحسين العرض الملاحي لاستقطاب سياح وزوار جدد مغاربة وأجانب ( وهي الحملة التي شملت مطارات: وارزازات، كلميم، طانطان، وجدة…إلخ).

لكن للأسف ها هي الحصيلة مخيبة جدا، علما بأن جهة الرشيدية تعد من الجهات الأكثر غنى بالمناظر السياحية الخلابة وبالواحات الفيحاء والجميلة، فضلا عن شهرة تافيلالت بغنى مكونها الثقافي والروحي المفروض أن يجلب زوارا بمئات الآلاف وليس بأصابع اليد!.

لا ليس هذا فحسب، بل إن مطار الرشيدية ليس فقط مدرجا ومحطة جوية ورادارا ومكاتب ومخازن، بل هو مرفق يوظف 150 فردا ينتمون لمكتب المطارات والأمن والدرك والجمارك والقوات المساعدة، ومستخدمو الحراسة والنظافة وما شاكل ذلك. وهؤلاء الموظفون تخصص لهم الخزينة العامة حوالي 11 مليار سنتيم كل عام كأجور وتحملات ضريبية واجتماعية، من أجل أن يؤمنوا تشغيل المطار وتأمين السلامة الملاحية به.

فهل يعقل أن نبذل كل هذا الجهد المالي ويبقى المسؤولون (حكومة ومجلس الجهة والولاية والأحزاب والجمعيات المهنية) يتفرجون دون أن يبادر أحد منهم للتساؤل: أين الخلل؟ ما هو السبب في عدم فتح شهية الناس للمجيء للاستمتاع برؤية هذه القطعة من جنة الله بتافيلالت؟.
هل العيب في الأثمنة؟ هل المشكل في غياب بنية الإيواء بالفنادق والمآوي؟ هل الخلل في انعدام عروض سياحية متنوعة؟ أم العطب ناتج في قلة المطاعم ومحلات الترفيه؟ أو أن المشكل يكمن في غياب سياسة ذكية وواعية لتسويق تراب تافيلالت للمغاربة وللأجانب على السواء؟

وما يرفع من منسوب الصدمة، أن شريط تنغير/ ورزازات الذي يعد امتدادا مجاليا واحيا لشريط تافيلالت يعرف هو الآخر نكبة سوداء.

ففي تقرير المكتب الوطني للمطارات، نقرأ أن مطار ورزازات، وخلال الفترة نفسها، لم يستقبل هو الآخر سوى 28.586 مسافرا خلال ستة أشهر. أي لم يزر ورزازات جوا سوى 158 مسافرا في اليوم (وهو ما يمثل حصة هزيلة جدا لا تتجاوز نسبتها 0،3 في المائة من مجموع المسافرين بمطارات المغرب، و0،6 في المائة من مجموع الرحلات الجوية ببلادنا). علما بأن ما بسطناه من نفقات ترف لبناء وتسيير مطار الرشيدية تسري تقريبا بنفس الحجم على مطار ورزازات.

لكن بدل أن نحصد الرخاء والرواج والرفاهية، نحصد الكساد والانكماش وانهيار الجنوب الشرقي ككل، بل وتآكل خمس التراب الوطني، بالنظر إلى أن أقاليم الرشيدية وتنغير وورزازات وزاكورة تمثل لوحدها حوالي 20 في المائة من مساحة المغرب.
من العار أن تفرط الحكومة والبرلمان والأحزاب والمجالس المنتخبة والإدارة الترابية في خمس ترابنا وتشطب على سكان هذه المجالات الواحية والصحراوية الجميلة من الرادار العمومي.

مقالات ذات صلة

Back to top button

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى