المختار العيرج
لم تتمكن جماعة بودنيب و جماعة الخنك من عقد دورة أكتوبر بسبب غياب النصاب، في حين نجحت جماعة الرشيدية في انجاح جلستها رغم مقاطعة فريق التجمع الوطني للأحرار .
أعاد منتخبو الحمامة في بيان موجه للرأي العام، دواعي غيابهم عن دورة أكتوبر إلى غياب الديمقراطية التشاركية داخل جماعتهم، في حين التزمت العناصر المقاطعة في الجماعات الأخرى الصمت إزاء ما حدث، ما عدا رئيس جماعة الخنك الذي انتقد النزوع السياسوي للمقاطعين .
إن ما شهدته دورة أكتوبر يعيد إلى الأذهان البلوكاج الذي عانى منه مجلس جهة درعة تافيلالت في ولايته السابقة، و الذي كانت له مسوغات سياسية واضحة، تجلت أنذاك في اختلاف المرجعيات بين الرئيس و جل المستشارين المشكلين للأغلبية، و على الرغم من أن تلك الأغلبية كانت تتماهى مع الأغلبية الحكومية المكونة لحكومة العدالة و التنمية الثانية، فإن البلوكاج قد تم و تعرقل الأداء و توقفت التنمية و ظلت الدورات تدور في حلقة مفرغة مما فهم منه وقتئذ أن جهة درعة تافيلالت أخرجت من جبة الأغلبية الحكومية .
غير أن ما يحدث في الجماعات التي تعيش الارهاصات الأولية لشيء من ملامح البلوكاج، يطرح تساؤلات مشروعة حول الدواعي و الأسباب، فالأغلبية المسيرة للجماعات التي لم تتوفق في عقد دورة أكتوبر منسجمة سياسيا و لا تتعرض لأدنى ضغط من أية جهة كانت، و بالتالي فهل كان الغياب أو المقاطعة اختيارا واعيا، له أهدافه و غاياته، و هل نحن بصدد تصدع للأغلبية له ما يستدعيه بعد شهور من تدبير الرؤساء لشؤون جماعاتهم، تدبير لم يرق إلى مستوى تطلعات المستشارين المشكلين للأغلبية، فكان ما حدث أول خطوة في عملية التصحيح التي يتيحها منتصف الولاية في العام المبقل ؟ أم أن كل ما حدث ليس سوى مجرد تخبط و سلوك عشوائي و سحابة صيف، و في مواضعة أخرى فإن كل ذلك لا يعدو أن يكون تمثيلا مسرحيا سيئا لتغيير الأجواء و الروتين الذي ألم بالمنتخبين الذين وجدوا أنفسهم في المكان الخطأ و في الاحراج المقيت .
في ما تواتر، صار اليوم يستعصي على المتتبع للشأن العام، أن يستخلص النتائج و يستشرف الآفاق من خلال الاشارات و المسلكيات السائدة داخل مجالس الجماعات، ففي ظل المواصفات الخاصة جدا التي صارت تميز المنتخبين و تحدد الاطار العام الذي صار ينظم علاقاتهم و ” مجتمعهم ” الخاص يصعب اليوم على الملاحظ و المتتبع فك الشفرة و الوقوف على الدوافع الحقيقية لكل السلوكات الصادرة عن المنتخبين الذين صار لهم كوكبهم الذي لا يبارحونه و لا ينزلون منه إلى الأرض سوى في الحملات الانتخابية، ففي هذه المدة فقط يتكيفون بمشقة مع سكان البسيطة، و ينزعون الأقنعة ريثما تنتهي مدة اقامتهم بين ظهراني البشر ليعودوا إلى عالمهم الخاص .