بناوي عبد الرحيم يكتب: مدرستي المرة

بناوي عبد الرحيم/فاعل تربوي
مخطئ مرة من ينكر دور التنسيقيات كقوة جماهيرية واقتراحية في هذا الحراك التربوي والضغط الميداني لانتزاع ما انتزع ،ومخطئ مرتين من ينفي دور النقابات وأداء دورها التفاوضي ولعب دور الوسيط والمخاطب في أزمة التعليم هاته والتي أذكاها غياب الحكمة والرزانة واللباقة عند سياسيينا وعدم اكتراثهم بملايين الساعات المهدورة من زمن التعلم، ومخطئ عدة مرات من يعتقد أن النظام الأساسي المرتقب سيسمو بمنظومتنا التربوية إلى مستوى الجودة وسيسمها بالإنصاف وسيطبعها بالنجاعة، ذلك أن هذه الحرب التي شهدتها الساحة التعليمية وغاب فيها العقل والحكمة والتبصر والمصلحة الفضلى، ورافقتها حملة إعلامية خطيرة استعملت فيها الوسائل المحللة والمحرمة من كل الأطراف، وأبانت عن كراهية مكنونة في النفوس لبعضنا البعض وفجرت وضعا محتقنا سخرت فيه الإشاعة والكذب والتكذيب والطنز والتنابز والازدراء والتخوين والانتقام والتغليط والتحليل الخاطئ والأنانية والمكر ،فكان القصف بنيران العدو وبالنيران الصديقة على منظومتنا المعطوبة أصلا ما أسفر إبان هذه الأزمة عن نزوح أكثر من مائة ألف تلميذ اضطراريا من التعليم العمومي الى الخصوصي والزيادة من أرباح أصحاب الشكارة مساهمين عن قصد او غير قصد في تشجيع مدرسة الفلوس على حساب مدرسة أبناء الشعب، ومخلفا كذلك ثمانية ملايين من تلاميذ مغلوبين على أمرهم صاروا ضحايا حرب قذرة أشعلها سوء تدبير الوزارة لملف كانت تراهن عليه الشغيلة التعليمية في حل مشاكل تراكمت على الرفوف لأزيد من عشرين سنة، شغيلة أضحت قبائل وطوائف متضامنة في الظاهر متنافسة في الباطن متناحرة فيما بينها على مرأى ومسمع العموم ببيانات وبلاغات وتدوينات وهاشتاغات تفتقر إلى اللباقة وتنم عن نرجسية مفرطة، فالمفتشون يرفضون تغيير مستشاري التوجيه والتخطيط والممونين لإطارهم إلى مفتشين، والمتصرفون التربويون المسلكيون يرفضون تغيير اطار الاسناديين الى متصرفين تربويين ويرفضون ،وكلاهما لا يتفقان على صيغة الترقي بالاختيار(مسار/مساران) ومنهم من يرفض تغيير اطار الملحقين إلى متصرفين مثلهم ، وبعض أساتذة الإعدادي والابتدائي يرفضون زيادة500درهم للتاهيلي،وأساتذة الابتدائي يطالبون بساعات العمل إسوة بالإعدادي، وأساتذة التاهيلي يرفضون فتح خارج السلم للإعدادي والابتدائي، والمساعدون الإداريون يرفضون الإندماج مع المساعدين التقنيين في اطار مساعد تربوي، والأطر المشتركة ترفض حرمانها من الزيادة في أجورها، والأساتذة يرفضون ‘ركوب’ بعض الفئات على نضالاتها، والتنسيقيات ترفض النقابات، والوزارة ترفض التنسيقيات، ناهيك عن ما صاحب هذه الهبة من مزايدات ولغو سياسي ولغط شعبي وكثرة الفاهمين والأفاكين والعارفين والمحللين والمرتزقين باليوتوب والقنوات، كل هذا كشف عن عورات المدرسة العمومية وعمق من جراحاتها، فكثر الخبراء في أمورها بعلم وبدون علم، وخاض في شأنها الصباغ والنجار والطباخ والإسكافي والممرض والكسال والحمال والعسكري والمدني والكبير والصغير، وهو ما جعل القنط والخزن والبؤس يخيم على قلوب المنتسبين للمنظومة ،وهو ما سيخلف في كل مكوناتها ندوبا لن تندمل وسيفعل بتعليمنا ما تركته كورونا وسيهوي بمستوى تلاميذنا إلى دركات أسفل وسيرهن مستقبل أبنائنا لسنوات قادمة ،فبحسب دراسة “بيزا” فمستوى تحكم التلاميذ في الرياضيات تراجع من0.18في المائة سنة2018الى 0 في المائة سنة2022،أما مستوى العلوم فتراجع بثلاث نقط ومستوى القراءة تراجع بعشرين نقطة ومستوى التحكم في التعلمات الاخرى عاد بخمس وعشرين خطوة إلى الخلف وهو مابوأنا المرتبة 79 من بين81 دولة خضعت لهذا التشخيص.
أقول قولي، هذا وأحمل الدولة وحكوماتها مسؤولية ماوقع وما سيقع.