اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بدرعة تافيلالت تنظم ندوة حول “حق الطفل في الهوية وإشكالياته القانونية والعملية بالجهة”

نظمت صباح اليوم الأربعاء، اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بدرعة تافيلالت، بتنسيق مع محكمة الإستئناف بالرشيدية، والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالجهة، ندوة حول “حق الطفل في الهوية وإشكالياته القانونية والعملية بجهة درعة تافيلالت”، بدار المواطن بالرشيدية.
وعرفت الندوة حضور، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بدرعة تافيلالت، ونائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرشيدية، والسادة القضاة، وممثل الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالجهة، ومحامون، والمنسق الجهوي للتعاون الوطني، وممثلو قسم الجماعات الترابية بالعمالات، إضافة إلى رؤساء المصالح المكلفين بتتبع عملية تسجيل الأطفال بالمؤسسات التعليمية بالجهة، ومندوب الحرية المحروسة، وهيئات المجتمع المدني بالجهة، ووسائل الإعلام.
ويأتي تنظيم هذه الندوة في إطار صلاحيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مجال الحماية والنهوض بحقوق الإنسان، وخاصة الفئات الهشة، وكذلك تنزيلا لبرنامج عمل اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان رسم سنة 2024.
وأكدت فاطمة عراش رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بدرعة تافيلالت في معرض كلمتها، أن تنظيم هذه الندوة يأتي في إطار تنزيل برنامج عمل اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة درعة تافيلالت برسم سنة 2024، وأيضا في سياق الاحتفال باليوم العالمي للطفل الذي يصادف ال 20 من نونبر من كل سنة، الذي هو يوم دولي للعمل من أجل الأطفال، ومع الأطفال، احتفاءً بذكرى إقرار اتفاقية حقوق الطفل، والذي ينظم هذه السنة تحت شعار: ” استمع إلى المستقبل! قف مع حقوق الأطفال”، مضيفة أن النشاط يأتي في سياق تفاعل اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة درعة تافيلالت مع العديد من الشكايات التي توصلت بها، ذات الصلة بموضوع حق الأطفال في الهوية وما يطرحه من إشكاليات.
وأكدت المتحدث ذاتها في كلمتها، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعتبر إشكالية الحق في الهوية كجزء من النقاش الوطني العام حول مدونة الأسرة بأبعاده الثلاثة، البعد القيمي (Axiologique) والبعد المرجعي (Référentiel) وكذا البعد المسطري (Procédural)، على اعتبار العلاقة الجدلية بين هذه الأبعاد، وفي هذا السياق سبق للسيدة آمنة بوعياش رئيسة المجلس أن أبرزت خلال افتتاح أشغال اليوم الدراسي الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول “الحق في الهوية، أي مرجعية” سنة 2022، بأن “معالجة شكاية تمس بحق الطفل في الهوية والتفاعل معها مدخل أساسي لتمحيص مدى ملاءمة القوانين الوطنية مع اتفاقية حقوق الطفل، لاسيما مدونة الأسرة، وتقييم مدى ولوج الأطفال المحرومين من الحق في الهوية إلى حقوقهم الأساسية من خلال السياسات العمومية وكذلك على مستوى تشبع جل الفاعلين في ميدان الطفولة بثقافة حقوق الطفل خصوصا الفاعلين المتدخلين في منظومة العدالة”.
وأضافت فاطمة عراش في كلمتها، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أحدث لديه الآلية الوطنية لتظلم الأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الطفل، والتي من بين أهم صلاحياتها تلقي الشكايات المقدمة إما مباشرة من قبل الأطفال ضحايا الانتهاكات أو نائبهم الشرعي أو من قبل الغير، والقيام بجميع التحريات المتعلقة بالشكايات المتوصل بها ودراستها ومعالجتها والبت فيها، وتتصدى تلقائيا لكل حالات خرق أو انتهاك حقوق الطفل التي تبلغ إلى علمها وتبليغ السلطات القضائية المختصة وموافاتها بجميع المعلومات والمعطيات والوثائق المتوافرة لديها في حالة وقوع خرق أو انتهاك فعلي، وعلاقة بحق الطفل في الهوية، أوصت هذه الآلية في التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لسنة 2023، بإقرار حق الطفل في النسب بغض النظر عن الوضعية العائلية لوالديه، نظرا لما يعانيه بعض الأطفال من حرمانهم من هذا الحق، بعلة أنهم ولدوا خارج مؤسسة الزواج، إضافة إلى تعديل نصوص مدونة الأسرة بما يراعي المصلحة الفضلى للطفل وحذف جميع المقتضيات التمييزية، على غرار نسخ المادة 148 من مدونة الأسرة من خلال حذف جملة ” لا يترتب على البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية”، ومراجعة نصوص المدونة من خلال حذف مصطلح الابن غير الشرعي، وجعل كل الأطفال متساوون في المراكز القانونية في علاقتهم بآبائهم، و بالتالي يتمتعون بالحقوق الناتجة عن تلك العلاقة، سواء أكانت الولادة في إطار علاقة زوجية أو خارجها، أو ناتجة عن اغتصاب، وضبط المصطلحات التشريعية مع المقاربات الحقوقية للطفل، بحذف العبارات التمييزية من نصوص المدونة من قبيل ابن غير شرعي، ولد مجهول النسب، علاوة على إقرار إجبارية إعمال الخبرة الجينية في القضايا المتعلقة بإثبات النسب، باعتبارها أداة علمية.
وأوضحت رئيسة اللجنة في معرض كلمتها، أن المجلس عمل أيضا على تنظيم مشاورات جهوية مع الأطفال في إطار مأسسة مبدأ المشاركة للأطفال، انخرطت فيها جميع اللجان الجهوية لحقوق الإنسان على امتداد سنة 2023، حتى يتم تمكينهم من تجميع انتظاراتهم واقتراحاتهم بشأن تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل وتمكينهم من إعداد تقريرهم المستقل، وفي هذا الإطار أكدت السيدة آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأن المجلس: “يريد أطفالا يشاركون مواقفهم وملاحظاتهم ويقررون مصيرهم بأنفسهم، كيفما كانت ظروفهم ووضعيتهم، لكونهم ضمن جزء من اختيارات هذا البلد في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
وأكدت المتحدثة ذاتها، أن ضمان حق الطفل في الهوية، ليس هدفا ساميا وجديرا بمجتمعنا فحسب، بل هو أيضا واجب اتجاه أطفالنا تمليه حقوقهم الأساسية، والتزام صريح بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يعد المغرب طرفا في منظومته، مؤكدة، أنه من منطلق الحماية الدولية والوطنية للحق في الهوية والإشكاليات القانونية والعملية التي يطرحها الموضوع، وأخذا بعين الاعتبار العدد الكبير من الأطفال الذين لم يتم تسجيلهم بعد بسجلات الحالة المدنية، يأتي تنظيم هذه الندوة، من أجل التداول والنقاش بهدف بلورة تصور واضح، يحمي حق الأطفال في الهوية، كمدخل أساسي وجوهري للتمتع بباقي حقوقهم المشروعة كونيا ودستوريا، فضلا عن البحث عن المداخل الفعالة للخروج بتوصيات تسير في اتجاه تحقيق المصلحة الفضلى للطفل.