
تعود للواجهة، تفاصيل فضيحة صفقة التواصل والإشهار، بغلاف مالي يفوق 116 مليون سنتيم، الذي أعلن عنها مجلس جهة درعة تافيلالت منتصف السنة الجارية، و أسندها إلى شركة يملكها شقيق برلماني من نفس حزب رئيس مجلس الجهة، وشهدت عدة خروقات، تشكل موضوع تحقيق قضائي تباشره الشرطة القضائية بالرشيدية.
و توصل الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالرشيدية، بشكاية مباشرة تتعلق بتزوير معطيات و استعمالها قصد صرف أموال عمومية، حيث أمر بفتح تحقيق بخصوصها و الاستماع الى الطرف المشتكي من جهة و إلى رئيس الجهة و المدير العام للمصالح ورئيس لجنة فتح الأظرفة، كما توصلت الأمانة العامة للحكومة بشكاية مماثلة تعرض خروقات تضمنتها مسطرة فتح الأظرفة، توجب الالغاء، من أجل توقيفها، إلى جانب توصل والي الجهة ووزير الداخلية بالحيثيات ذاتها، فضلا عن المجلس الأعلى للحسابات من أجل فتح تحقيق بخصوصها.
ومباشرة بعد اسنادها لشقيق برلماني عن نفس حزب رئيس مجلس الجهة، صاحبة الصفقة، أصدرت حوالي 19 مؤسسة إعلامية جهوية، بيانا توضح فيه موقفها الرافض لسياسة التفصيل و خرق القوانين، معلنة مقاطعتها لتغطية أنشطة المجلس مستقبلا، أو حضور المناسبات التي ينظمها، في خطوة تعبيرية عن رفضهم للطريقة التي تدبر بها العلاقة بين مجلس الجهة و الجسم الاعلامي بدرعة تافيلالت، فيما كان قد أعرب عدد من أعضاء مجلس الجهة عن غضبهم من الطريقة التي آلت إليها العلاقة بين الطرفين.
و في تفاعلات خارجية، توصل مجلس الجهة، باستفسار من الأمانة العامة للحكومة، كما تلقت الأطراف المثارة أسماءها في شكاية شبهة التزوير، باخبارات الحضور أمام الضابطة القضائية لضرورة البحث في اتهامات الجهة المشتكية، فيما اتخذ رئيس مجلس الجهة، قرارا يقضي بإنهاء مهام المسؤولية لرئيس مصلحة العلاقات العامة والتواصل، وسط غياب للأسباب المعللة للقرار.
وتحدثت عدد من المنشورات على الفايسبوك، عن ربط العلاقة بين التوترات التي تشهدها الصفقة المثيرة للجدل و القرار المتخذ مؤخرا، ما أثار عدد من التساؤلات من قبيل سبب غياب المعني بالأمر خلال مسطرة اعداد وانتقاء وتمرير الصفقة المذكورة، وما اذا كان قد رفض “توريطه” في خروقات قانونية تنكب الضابطة القضائية على البحث في تفاصيلها، أو حتى تم استقدامه لمهام المسؤولية قصد تمرير الصفقة، وما إذا كنا أمام حالة معزولة أم جزء منظومة فساد تعتمد الاخفاء والتغطية و “العقاب” وسيلة لتسهيل الاستفادة، والسؤال الأهم الذي يفرض نفسه، هو من له مصلحة في الوضع القائم.
هذه التطورات، تأتي في وقت يشهد فيه الإعلام الجهوي توترا شديدا نتيجة لانتقادات واسعة بشأن طريقة تدبير هذه الصفقة، التي اعتبرها العديد من المهنيين والفاعلين السياسيين بمثابة ضرب للشفافية والمهنية، والمصداقية، دون أن يفكر رئيس المجلس، في أن يعيد الاعتبار للإعلام الجهوي، و جعله ركيزة أساسية في بناء تنمية جهوية قوية، وإرساء علاقة ثقة متبادلة بين المؤسسات الإعلامية ومؤسسات الدولة من حجم مجلس الجهة، بعيدا عن منطق الابتزاز والتلاعبات السياسية والمصالح الضيقة.