تعيش مشاريع “مخطط المغرب الأخضر” بحهة درعة تافيلالت على وقع العديد من الاختلالات التي يروح ضحيتها الفلاحين البسطاء والمستثمرين في هذا القطاع، والذي أصبح حاضنة لكل أنواع الفساد والتسيب، والذي سبق لجريدة “الجهة الثامنة” ان أثارت بعضا من القضايا التي تعتمل داخل هذا القطاع، والذي يستوجب تحركا سريعا وحازما من طرف الجهات المختصة، لإيقاف هذا النزيف، والضرب بيد من حديد على كل المتورطين في قضايا نهب المال العام، وخاصة أموال ” نخطط المغرب الأخضر” والذي تحول لمصدر للاغتناء السريع للعديد من ” المقاولات” و التقنوقراط الفاسد الذي لا يراعي حرمة لمال عام، أو لسطلة قانون.
وتوصلت جريدة ” الجهة الثامنة” بشكاية من طرف أحد المستثمرين الفلاحيين بإقليم ميدلت (أ.أ) يعرض فيها تعرضه للنصب والاحتيال من طرف جهات، لها يد طولى في مؤسسات عمومية وخصوصية، عملت بتنسيق محكم للاستيلاء على قرض بلغت قيمته 3.710.000,00 درهم.
وحسب الوثائق – التي تتوفر “الجهة الثامنة” على نسخة منها – فملف القضية تعود بدايته بعدما قرر ( أ.أ) الإقامة بمدينة ميدلت قادما إليها من مدينة طنجة لأجل الاستثمار في قطاع الفلاحة، ضمن مشاريع المخطط الأخضر، على أرض تبلغ مساحتها 13 هكتارا، حيث قادته أبحاثه الأولية لمقابلة أحد المقاولين النافذين بمركز بومية، وصاحب شركة تعمل في مجال تجهيز الضيعات الفلاحية، والذي تكلف بناءً على طلب ( أ.أ) بالقيام بدراسة للمشروعEtude de projet المراد إنجازه، على مساحة 13 هكتارا، وهي الدراسة التي ستشمل كل جوانب المشروع، تجهيزا ، تشجيرا وتثبيتا لشباك يقي من البَرَد؛ وهو المشروع الذي سيموله ذاتيا المستثمر، إلى حين الحصول على إعانة الدولة، من خلال الحصول على قرض مالي من إحدى المؤسسات البنكية التي تعنى بالشأن الفلاحي، وهو ما حدى بالمقاول المذكور إلى عرض مساعدته التي تتم بطرق مشبوهة، لم يدرك حينها المستثمر الفلاحي بداية الأمر أنها ستحول أحلامه إلى كوابيس.
وعمد المستثمر ( أ.أ) إلى القيام بكل الإجراءات الإدارية الخاصة بالحصول على القرض البنكي، حيث تحصل على موافقة بالقرض من المؤسسة البنكية بقيمة 3.710.000,00 درهم، لتنطلق بعده رحلة معاناته، بعد علمه بتسليم المبلغ المالي المقترض للمقاول وبعقود مزورة، بعد إستعانته بموظفين ببلدية مدينة ميدلت في تصحيح إمضائه على العديد من وثائقه الشخصية دون علمه أو حضوره.
كما أنه لم يكن حاضرا أثناء تسليم مدير المؤسسة البنكية للمبلغ المقترض للمقاول المعني، الذي لم يلتزم أصلا بإعداد الدراسة المتفق عليها، حيث عمد إلى إنجاز دراسة لـ 6 هكتار عوضا عن 13 هكتار المتفق عليها؛ حيث تأكد باجتماع كل هذه المعطيات وقوعه ضحية لشبكة الجامع بينها تواطؤها في النصب والإحتيال والتزوير.
وبناءا على هذه الوقائع سارع المستثمر ( أمين.أ) إلى التقدم بالعدي من الشكايات للجهات المختصة قصد إنصافه، غذ تقدم بشكاية للإدارة الجهوية للمؤسسة البنكية المعنية والمتواجدة بمدينة الرشيدية، وشكاية ثانية تم توجيهها للمديرية الجهوية للفلاحة بالرشيدية؛ وبعد علم عناصر هذه الشبكة بشأن التحركات الذي يقوم بها المستثمر الفلاحي على المستوى الإداري، ستتحرك بإيفاد بعض أعيان المنطقة، في محاولة لاحتواء تداعيات المشكل، على أساس إلتزام بقيام المقاول صاحب الشركة باستكمال كل عناصر الدراسة، ومكوناتها، وشمولها لباقي المساحة مقابل التنازل عن شكاياته الإدارية، وهو الأمر الذي قام به المستثمر ( أمين. أ) كبادرة حسن نية منه، غير أن المقاول المعني أخل بكل المتفق عليه، ليعمد المستثمر إلى مراجعة لوكالة البنكية المقرضة بزايدة قصد استرجاع أصل ملف القرض، وهو ما واجهه مدير هذه الوكالة برفض متعنت، مثير للاستغراب؛ مادام من حق المستثمر المعني الحصول على نسخة من ملفه الشخصي الموجود لدى هذه المؤسسة بقوة القانون.
وأمام هذا الوضع، تقدم المستثمر بشكاية (مسجلة تحت عدد 03/ 3101/ 2022) للوكيل العام للمحكمة الإبتدائية بالرشيدية، معززة بجميع الوثائق التي تثبت تعرضه لأعمال التزوير والإحتيال وخيانة الأمانة، وهي الشكاية التي تمت إحالتها على مصالح الدرك الملكي ببومية لأجل تعميق البحث والتحقيق في الأفعال الواردة في مضمونها،
لكن تباطؤ مسطرة التحقيق، والتي تعدت خمسة أشهر، دون الحصول على أي رد، أو تسجيل تحرك ما في اتجاه تحريك المساطر القانونية ضد المتورطين، قد شجع هذه الشبكة على تهديده بالتصفية الجسدية في حالة استمراره في اللجوء إلى القضاء، وبما أن بعضا من أفراد هذه الشبكة يتوفر على بنادق صيد، حسب الشكاية – التي تتوفر الجريدة على نسخة منها – فقد أجبر هذا المستثمر على مغادرة المنطقة حفاظا على حياته وسلامته الجسدية وأمنه النفسي.
وأمام هذه المستجدات عاود المستثمر التقدم بشكاية لوكيل الملك لدى ابتدائية ميدلت، والتي أحيلت على درك ميدلت الذي تمكن من إحضار أصل ملف القرض المعلوم من الوكالة البنكية بزايدة، و استدعاء كل المتورطين في الملف، من مدير الوكالة البنكية، وموظفي مصلحة تصحيح الإمضاءات ببلدية ميدلت، حيث وأنه أثناء مواجهة المستثمر بأطراف القضية ، إعترف أحد الموظفين المذكورين بكون المقاول هو نفسه الذي جاء بملف القرض لتصحيح الإمضاء في غياب المعني به، فيما وقفت الضابطة القضائية، حسب المشتكي، على فعل التزوير بالوثائق، لتكتفي هيئة المحكمة بالإفراج عن المشتكى بهم، مقابل تجريدهم من جوازات سفرهم وإرغامهم على عدم مغادرة البلاد.
وإعتبر المستثمر الفلاحي (أمين. أ)، أن هذا القرار القاضي بتمتيع المشتكى بهم بالسراح قد يمنحهم الفرصة للتستر على جريمتهم تفاديا للعقاب القانوني، حيث التمس في شكاية وضعها على طاولة رئاسة النيابة العامة التدخل الحاسم والحازم في قضيته، والتحقيق أكثر في ملف المستثمرين والمزارعين والمقاولين الذين رغبوا أو يرغبون في الاستفادة من الدعم لتمويل مشاريعهم في إطار المخطط الأخضر، حيث لم يفت المستثمر المعني بالأمر عدم استبعاد وجود ضحايا مثله، واصفا قضيته ب “الخطيرة” بالنظر لوقائعها وأبطالها، وكذا لحجم الضرر، المادي والمعنوي، الذي سببته له.