التنمية وقضايا المواطن بجماعة ملعب خارج اهتمامات رئيس الجماعة
لازالت تبعات التفكك الذي تعيشه الأغلبية المسيرة لجماعة ملعب التابعة ترابيا لإقليم الرشيدية، ينعكس سلبا على السير العادي للجماعة في مسار تحقيق التنمية المنشودة من ساكنة الجماعة؛ إذ و رغم هيمنة لون حزبي وحيد على أغلبية مفاصل مراكز القرار بالجماعة إلا أنها لم تراوح مكانها رغم رطانة الشعارات المرفوعة من طرف الأغلبية المسيرة للجماعة أثناء الحملة الانتخابية، ورغم الخطابات والبرامج الرنانة التي شنف بها ممثلو حزب السنبلة آذان مواطني الجماعة بكونهم قادرين على تحقيق ما لم يحقق أثناء العهدة السابقة، وهو الوضع الذي يثير الكثير من الإستغراب لدى متتبعي الشأن العام المحلي بهذه الجماعة الترابية، وهو ما سبق لجريدة “الجهة الثامنة” أن تطرقت له في العديد مقالاتها.
ويجد المتتبع لمجريات الأمور بهذه الجماعة نفسه امام سؤال حارق يتعلق بالخلفية الحقيقية لترشح الرئيس الحالي لهذه الجماعة الترابية، هل بنية صادقة لخدمة الجماعة وساكنتها خاصة بعد السنوات العجاف التي عاشتها التنمية بهذه الجماعة التي تعاني من مختلف أنواع الخصاص؟ أم أن الهدف الحقيقي الذي تتداوله ألسنة مواطني الجماعة، بل وحتى بعض المستشارين الجماعيين يتعلق أساسا بدواع أخرى تطغى عليها نزعات إنتقامية ذاتية و “قبلية”، حيث تبقى قضية التنمية خارج المفكر فيه بالنسبة للمكتب الحالي، خاصة إذا استحضرنا حجم الإلتزامات الملقاة على عاتق الرئيس مركزيا، وسفرياته الكثيرة خارج أرض الوطن إضافة الى التزاماته الشخصية و المهنية، مما يجعل أجندته فارغة من كل ما يتعلق بمتطلبات الجماعة، و هو ما جعله يعمل على تفويض النائب الرابع ( أ.م) و الذي ليس سوى شقيق الرئيس لتدبير شؤون الجماعة.
و تطرح مسألة تفويض الرئيس لمجموعة من الإختصاصات و المهام لخلفه، النائب الرابع إشكالية قانونية وسياسية، إذ رغم استنادها للمقتضيات القانونية التي تضمنها الظهير الشريف رقم 85 – 15 – 1 الصادر في 20 رمضان 1436 ( 07 يوليو 2015 ) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 14 – 113 المتعلق بالجماعات والتي أجاز فيها القانون لرئيس الجماعة إمكانية التفويض في بعض صلاحياته وفي إمضائه إلى نوابه أو إلى فئة محددة من موظفي الجماعة، كما أن إحدى الدوريات الصادرة عن وزير الداخلية بهذا الصدد قد ميزت في تنصيصها على إمكانيات التفويض بين أن يكون تفويض صلاحيات، أو أن يكون تفويضا في الإمضاء؛ هذا التمييز هو من أجل ترتيب المسؤوليات، بحيث تختلف المسؤولية الملقاة على عائق الرئيس عن المسؤولية التي يتحملها النائب المفوض له، بحسب طبيعة التفويض وموضوع، وبخصوص التفويض في المهام.
و أشارت الدورية على أنه يتعين على رئيس الجماعة تحديد القطاعات التي يمكن التفويض فيها لنوابه بناء على معايير موضوعية تراعي التجانس في النشاط موضوع القطاع والموارد المالية والبشرية للجماعة، و المعطيات السكانية و جدوى المرافق الخدماتية الموجودة لخدمتها؛ مشددة – الدورية – على عدم جواز ممارسة الرئيس للصلاحيات المفوضة للغير إلا بعد إلغاء قرار التفويض، كما أكدت على عدم شمول قرار التفويض جميع صلاحيات الرئيس، بما يمكن أن يتم تفسيره على أنه تخلي عن مسؤولياته القانونية المنوطة به وفقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، و حددت الدورية الصادرة عن وزير الداخلية المسؤوليات في مجال التفويض، بحيث لا يعفي هذا الإجراء رئيس الجماعة من مسؤولياته لكونه المسؤول الأول على ضمان حسن سير المرفق العام ومصالح الجماعة، بحيث لا يمكنه الإختباء و التهرب من المساءلة الإدارية و القضائية بالدفع بقرار التفويض عند ارتكاب المفوض له لأخطاء جسيمة تضر بمصالح المواطنين و الجماعة على حد سواء، بحيث يتم اللجوء لمسطرة العزل من طرف عامل الإقليم كإجراء تأديبي دون الإخلال بالمتابعة القضائية في حالة علمه المسبق بالخروقات و الإختلالات المرتكبة، و أحجم عن تفعيل القانون اتجاه المفوض له.
و يطرح العديد من المتتبعين للشأن العام لجماعة ملعب تساؤلات أخرى، تتعلق بمترتبات الغياب المتكرر لرئيس الجماعة، و تفويض مهامه للنائب الأول؛ هذه التساؤلات تلامس سؤال الفعالية في تدبير شؤون الجماعة، و ما يتطلبه التسيير الجماعي من حضور دائم، و مواكبة كبيرة في التخطيط و تنفيذ مقررات المجلس، و متابعة أجرأتها بشكل سليم، إضافة إلى العمل التواصلي الدائم مع مواطني الجماعة و شركائها، إلى غير ذلك، و هو ما يمكن تشخيصه في واقع جماعة ملعب بناءا على مؤشرات واضحة للعيان، و لا تحتاج لمجهود فكري أو تحليلي للوقف عليها.
و أكد بعض المتتبعين، أن الرئيس الحالي للجماعة يتجاهل بشكل تام المكانة المحورية لرئيس الجماعة الترابية في تدبير شؤون الجماعة كما هو منصوص عليه في القانون التنظيمي 113-14 و التي تشمل مسؤوليات قانونية و تمثيلية بل و حتى مهاما بروتوكولية في تمثيل الجماعة في العلاقة مع العديد من المؤسسات و المجالس، و هو ما يدل على قصور فادح في الدور السياسي للمجالس الخاص بتفعيل الأجرأة السليمة لمبادئ التدبير الحر، و الأجرأة الديموقراطية للقوانين المتعلقة بتدبير الجماعات تكريس مكانتها كفاعل ترابي أساس في التنمية المجالية .