درعة تافيلالت … العمال العرضيين بالجماعات… شريحة تعاني في صمت وتطالب بالإنصاف

لازالت شريحة عريضة من العمال العرضيين و الموسميين تعاني في صمت، رغم جسامة المهام التي تقوم بها في فضاءات المدينة، و دون اعتبار لأوقات العمل و ظروفه المجحفة، و هي الوضعية التي إختزلتها صرخة أحد العمال العرضيين لجريدة “الجهة الثامنة” حيث صرح قائلا “والله الى راه حنا ضايعين اخويا مكان والو لا خلاص مزيان لا تغطية صحية لا تقاعد، ماكاين غير تمرا”.
و بالرجوع إلى الوضع اللإنساني التي تعيشه هذه الفئة، فقد سبق للمجلس الجهوي للحسابات لدرعة تافيلالت، أن أصدر تقريرا ضمنه العديد من الملاحظات؛ حيث لاحظ التقرير المذكور أن نفس المنطق الحالي في التعامل مع هذه الفئة ظل مستمرا و خاضعا لنفس القواعد.
و يمكن تسجيل العديد من الملاحظات حول ملف هذه الفئة، وخاصة في الجانب المتعلق بهضم حقوقها المخولة بقوة القانون، حيث نشير – و ارتباطا بملاحظات تقرير المجلس الجهوي للحسابات- أنه يتم تشغيل هذه الفئة من الأعوان بصفة دائمة، حيث تلجأ الجماعات الترابية سنويا لتشغيل عدد من الأعوان يعملون خلال ثلاثة 3 أشهر يتم تجديدها باستمرار طوال السنة، وقد تبين أن هذه الممارسة كرستها الجماعات بشكل مستمر وليس عرضيا أو موسميا للقيام بأعمال تقنية وإدارية، وتقوم بتجديد الأمر كل سنة مع أغلب هؤلاء الأعوان.
وفي هذا الإطار، يلاحظ غياب مسطرة واضحة لتشغيل الأعوان المياومين والعرضيين وفتح المجال أمام كل المواطنين الذين تتوفر فيهم شروط القيام بالأشغال المراد تحقيقها، أما بخصوص بعض الأشغال المتعلقة بجمع النفايات وسياقة المركبات ونظافة المصالح الإدارية والحراسة، والتي تشكل حاجيات يومية و دائمة للجماعة مما يضطرها لتلبية هذه الحاجيات بشكل مؤقت عبر اللجوء لخدمات أعوان غير موسميين، لكن الملاحظ في عملية التشغيل تلك هو غياب مسطرة واضحة لتشغيل الأعوان المياومين و العرضيين و فتح المجال أمام كل المواطنين الذين تتوفر فيهم شروط القيام بالاشغال المراد تحقيقها.
أما بخصوص بعض الاشغال المتعلقة بجمع النفايات و سياقة المركبات و نظافة المصالح الادارية و الحراسة و التي تشكل حاجيات يومية و دائمة للجماعة فإنها تقوم بتلبيتها بشكل مؤقت عبر اللجوء لخدمات أعوان غير موسميين؛ كما أن تدبير الحياة الإدارية و المالية للاعوان العرضيين تقوم بها مصلحة الحسابات و العتاد و ليس قسم الموارد البشرية كما يلزم الأمر، فهم يتبعون لهذه المصلحة المكلفة بالنفقات غير تلك المتعلقة بالموظفين و هو أمر غير مفهوم، مما يجعل تدبير امور هذه الفئة من الأعوان الجماعيين يقتصر على تصفية مستحقاتهم الشهرية فقط بناء على عدد أيام العمل الشهرية، و هو ما ساهم في تدهور الحياة الإدارية لهذه الفئة من الموارد البشرية الجماعية و الذي يتجلى في عدم استفادتها من المكتسبات و الحقوق المكفولة لهم قانونا من تغطية صحية و حقوق التقاعد و التعويضات العائلية عند الإقتضاء.
و الملاحظ أن الجماعات بدرعة تافيلالت، تمتنع عن منح التعويضات العائلية للأعوان المياومين العرضيين، حيث تلجأ عدد منها لخدمات هذه الفئة في تدبير مرفقي النظافة و المساحات الخضراء، مع عدم تخويلهم حق الاستفادة من التعويضات العائلية عملا بمقتضيات القرار الوزاري الصادر في 30 مارس 1959 و التي تخولهم الحق في الحصول على التعويض الإضافي العائلي و المنحة عن الإزدياد و التعويض عن حوادث الشغل … كما أن مراجعة عقد التأمين الخاص باليد العاملة بالجماعات يوضح عدم استيفاء إلزامية التامين لفائدة الأعوان المياومين و العرضيين في خرق سافر لمقتضيات المادة 2 من القانون 18.01 المغيرة و المتممة للفصل 330 من الظهير الشريف رقم 1.60.223 المغير بمقتضاه من حيث الشكل الظهير الشريف الصادر في 25 يونيو 1927 بالتعويض عن حوادث الشغل؛ مع التذكير على أن عدم استيفاء إلزامية التأمين المذكورة قد تزج بالجماعة في منازعات من شأنها إثقال ذمتها المالية نتيجة لتوقيع الجزاءات الواردة في الفصل 357 مكرر من الظهير الشريف رقم 1.60.223 بالتعويض عن حوادث الشغل.
و تعيش هذه الفئة في ظل غياب التغطية الإجتماعية، حيث سجل عدم قيام مصالح الآمر بالصرف بالتصريح بانخراط و تسجيل الأعوان العرضيين العاملين لديها في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد رغم كون النظام العام يطبق وجوبا على المستخدمين المؤقتين و المياومين و العرضيين العاملين مع الدولة و الجماعات المحلية استنادا للفصل 2 من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77.216 بتاريخ 4 أكتوبر 1977 المتعلق بإحداث نظام جماعي لمنح رواتب التقاعد و هو ما يشكل إخلالا بمقتضيات المادة 41 من القانون 45.08 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية و كذا المادة 181 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات؛ و نفس الملاحظة يمكن تسجيلها في ما يخص عدم التصريح بانخراط و تسجيل الأعوان المياومين و العرضيين لدى صناديق الإحتياط الإجتماعي و هو ما يشكل خرقا لمقتضيات المادة 2 من القانون 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية التي عممت الإستفادة من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض على جميع موظفي و أعوان الدولة و الجماعات المحلية، و كذا لمضمون المادة الاولى من المرسوم رقم 2.05.739 الصادر في 11 جمادى الآخرة 1426 الموافق لـ 18 يوليو 2005 بتحديد فئات الأعوان المياومين الخاضعين لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض.
و السؤال الذي يبقى مطروحا هل من مخرج منصف و عادل لهذه الفئة يحفظ كرامتها و تضحياتها الجسام، بعيدا عن تأويلات جافة لنصوص القانون تهدر كرامة الإنسان بالدرجة الأولى دون أن تحقق من وراء هذه التأويلات أي تقدم يذكر.