الرشيديةمنبر الجهة8

يوسف الكوش يكتب…أنقذوا جهة درعة تافيلالت قبل فوات الأوان

درعة تافيلالت، الجهة التي لطالما وُصفت بخزان الذاكرة الوطنية وأحد أعمدة التاريخ المغربي، تعاني اليوم في صمتٍ مؤلم؛ مشاكل متفاقمة، وشبه هجرة جماعية، ومرافق عمومية تحتضر، وبرلمانيون غائبون عن الترافع الحقيقي؛ كلها مؤشرات تدق ناقوس الخطر، وتفرض علينا أن نرفع الصوت عاليًا: أنقذوا درعة تافيلالت قبل فوات الأوان.

من أبرز مظاهر الأزمة في الجهة، الغياب التام لصوت ممثلي الأمة في قبة البرلمان، إذ ورغم كون جهة درعة تافيلالت تزخر بكفاءات وطاقات بشرية، إلا أن “النخب” الحزبية المنتخبة لم تنجح – إذا افترضنا وجود المحاولة- في الترافع الحقيقي، و الجدي عن القضايا المصيرية للجهة؛ لم نرىَ تحركات جادة لجلب الإستثمار، ولا مبادرات ملموسة للنهوض بالبنية التحتية، ولا حتى الدفاعً عن الحقوق الأساسية للسكان.

الهجرة السرية أصبحت قدرًا محتومًا لآلاف من شباب الجهة، الذين ضاقت بهم السبل في ظل البطالة والتهميش وانعدام الأفق؛ قوارب الموت التي تُقلع من السواحل الجنوبية لم تعد حكرًا على شباب الشمال؛ بل إن أبناء درعة تافيلالت أصبحوا اليوم في مقدمة الفئات التي تغامر بأرواحها في عرض البحر بحثًا عن حياة كريمة في الضفة الأخرى.

الوضع التعليمي في الجهة بلغ مستويات مقلقة، فالمؤسسات التعليمية تعاني من نقص فادح في الموارد البشرية والبنيات التحتية، ناهيك عن ارتفاع نسب الهدر المدرسي، خاصة في العالم القروي، و هو القطاع المفترض فيه أن يكون رافعة للتنمية، بحيث أضحى في درعة تافيلالت عبئًا ينُضاف إلى أوجاع الساكنة، بعد أن فشل في تأهيل جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل.

ولا تقل منظومة الصحة مأساوية عن التعليم، بل إنها تشكل أبرز وجوه الإنهيار في الجهة، فالمستشفيات العمومية تعاني من نقص الأطباء والمعدات، مما يضطر المواطنين إلى السفر لمئات الكيلومترات بحثًا عن علاج بسيط، و في المقابل، ظهرت مصحات خاصة تستنزف جيوب المرضى دون ضمان خدمات صحية محترمة، وفي غياب أي رقابة أو بدائل عمومية فعالة.

أما عن المجالس الجماعية والجهوية، فالوضع لا يسر، سنوات من التسيير لم تثمر عن أية مشاريع تنموية حقيقية، بل تميزت بتدبير عشوائي، وسوء تخطيط، وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، بل و حتى المواطن في درعة تافيلالت فقد عدم الثقة في منتخبين لم يحققوا شيئًا مما وُعد به خلال الحملات الانتخابية.

درعة تافيلالت لا تحتاج للشفقة، بل تحتاج إلى وعي حقيقي، وإرادة سياسية حازمة، واستراتيجية تنموية عادلة تُخرجها من دائرة النسيان.

فهل من مُجيب قبل أن يتحول الوضع إلى كارثة لا رجعة فيها؟

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى