
تعيش المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بإقليم ميدلت على وقع توتر غير مسبوق، عقب تصاعد الخلاف بينها وبين النقابة الوطنية للصحة العمومية المنضوية تحت لواء الفدرالية الديمقراطية للشغل.
فقد فجّرت النقابة قضية مثيرة للجدل بعد نشرها سلسلة من الاتهامات تتعلق بما وصفته بـ“سوء تدبير الصفقات العمومية”، و“الاستعمال غير القانوني لسيارات المصلحة”، إلى جانب “اختلالات صارخة في توزيع الموارد البشرية والخدمات الصحية”.
منذ يوم الجمعة 7 نونبر، دخل المكتب الإقليمي للنقابة في اعتصام مفتوح داخل مقر المندوبية الإقليمية، محمّلاً المندوب الإقليمي كامل المسؤولية عن “الوضع المختل الذي يعيشه القطاع الصحي بالإقليم”، ومتهماً إياه بـ“الخضوع لنفوذ أطراف اعتادت على الفساد وغض الطرف عن تجاوزاتها خدمةً لمصالحها الخاصة”، وفق بيان النقابة.
صفقات غامضة واتهامات تطال “صفقة الإطار”
وأشارت النقابة، عبر صفحتها الرسمية على موقع “فيسبوك”، إلى ما اعتبرته “مبالغة غير مفهومة” في تمرير صفقات وسندات طلب مرتبطة بخدمات الفندقة والإطعام، رغم ندرة أو شبه انعدام الزوار الفعليين للمندوبية.
كما أثارت النقابة تساؤلات حول “تجديد صفقة الإطار” دون مبررات موضوعية، مع تداول أنباء عن “استعمالها في أغراض خارجة عن نطاقها الأصلي”، داعيةً إلى فتح تحقيق عاجل من قبل المفتشية العامة لوزارة الصحة والمجلس الأعلى للحسابات لكشف ملابسات هذه الصفقات.
حادثة سيارة الإسعاف تثير علامات استفهام
وفي سياق متصل، كشفت النقابة عن واقعة غامضة تتعلق بسيارة إسعاف تابعة للوزارة تحمل الرقم 198698، قالت إنها تعرضت لحادثة سير مطلع سنة 2024 بمركز إملشيل.
وتساءلت الهيئة النقابية عن هوية السائق وصفته القانونية، كما طالبت بتوضيحات حول الجهة التي تكفلت بإصلاح السيارة وتكاليف الإصلاح، مشيرة إلى أن المركبة لم تعد إلى المركز الصحي المعني وتم تحويل وجهتها لاحقاً لأسباب مجهولة.
كما لفتت النقابة إلى “استعمال بعض سيارات المصلحة خارج الأطر القانونية”، سواء في نقل موظفين وأفراد من عائلاتهم أو حتى في أغراض شخصية كحمل الأثاث، في وقت تفتقر فيه المراكز الصحية إلى الوسائل اللوجستية الضرورية لضمان وصول الأدوية والخدمات للمناطق النائية.
ارتباك إداري وتسييس للقطاع الصحي
وأكدت النقابة أن القطاع الصحي بالإقليم يعيش “فوضى تنظيمية غير مسبوقة”، مشيرة إلى أن “تعيين الأطر الطبية يتم أحياناً بناء على اعتبارات سياسية لا تمت بصلة للمعايير المهنية أو للخريطة الصحية الوطنية”، ما نتج عنه مراكز صحية تعمل دون وجود طبيب فعلي، وهو ما “يشكل تهديداً لسلامة المواطنين ومخالفة صريحة للقانون”.
واقع ميداني متدهور واحتجاجات مفتوحة
وفي تشخيص ميداني أكثر دقة، أوضح الكاتب الجهوي للنقابة، سفيان آيت أويدير، أن الاعتصام المفتوح داخل المندوبية الإقليمية بميدلت يأتي احتجاجاً على “تسييس العرض الصحي وحرمان المواطنين من حقهم في الولوج العادل إلى العلاج”، فضلاً عن “استهداف الأطر الصحية”.
وأشار المسؤول النقابي إلى أن الإقليم يفتقر إلى مركز متخصص في تشخيص وعلاج الأمراض التنفسية وداء السل، إذ يظل المركز الحالي “هيكلاً محدود الإمكانيات” لا يتوفر على قاعة للأشعة أو مختبر للفحوصات البيولوجية، مما يجعله “بعيداً عن معايير البرنامج الوطني لمحاربة السل واستراتيجية 2024-2030”.
كما تحدث عن “تعطل أجهزة التعقيم بصفة متكررة”، و“غياب وسائل نقل لتوزيع الأدوية”، إلى جانب “نقص حاد في تجهيزات أقسام المستعجلات”، ما يجبر المرضى على التنقل لمسافات طويلة نحو مدينتي ميدلت أو الريش بحثاً عن الرعاية الطبية الأساسية.






