عبد الرزاق والزين : لابد من الانتقال من جماعة ترابية تدبر الازمة إلى جماعة مقاولة تستثمر في الأزمة وتنتج التنمية
قال عبد الرزاق أوزين باحث في السياسات العمومية والمالية المحلية خلال حلوله ضيفا على برنامج شؤون محلية الذي يبث على أثير الاذاعة الجهوية لمكناس والذي ينشطه الزميل جمال الفواسي، أنه عند الحديث عن برنامج عمل الجماعة في ظل القوانين التظيمية التي خرجت إلى حيز الوجود بعد دستور 2011 لابد من الإجابة عن سؤال لماذا برنامج عمل الجماعة؟
وأوضح أوزين، في معرض تدخله، أن تطور اللامركزية أوصلتنا إلى مرحلة أن إنتاج التنمية ينطلق من القاعدة، لما أصبح التساؤل حاليا عن دور الجماعة ومساهمتها في إنعاش الاقتصاد الوطني، وتم تجاوز منطق الجماعة الرهينة بالدعم المركزي، والعمل حصرا على تقديم خدمات القرب للمواطنين، وأيضا أصبح الحديث عن البرامج المندمجة في الجماعات الترابية.
وأكد والزين، أن برنامج عمل الجماعة أصبح إلزاميا بعد صدور القوانين التنظيمية، وأصبح يستند إلى مرجعية دستورية، ويظهر ذلك عبر الرجوع إلى الفصلين 138 و139 من الدستور التي تؤكد على أن جميع المجالس الترابية بمستوياتها الثلاثة ملزمة بفتح اليات للتنسيق والتشاور، بما يفضي إلى خلق برامج عمل وطنية وتنموية تمكن من تحقيق إدماج المواطنين والمواطنات، بل ستمكن من إعادة الثقة في العملية السياسية برمتها، عبر إشراك المواطنين في مراحل الإعداد والتنفيذ.يقول المتحدث.
واسترسل المتحدث ذاته، “أن من بين مايعزز وثيقة عمل الجماعة هي فلسفة المشرع التي تتضمن إقرارا بتدبير المجال وهو عمل إقراري جماعي، ويجب ان تجد ثلاث أقطاب تنموية ممثلة في هذه الوثائق؛ القطب الأول هو تفعيل سياسات القطب العمومي، بمستوياته الٍأربع وهي الجماعة بمستوياتها الثلاث، والسياسات العمومية المركزية.
والجماعات التي كانت تسمى الجماعات القروية يجب أن تستثمر العمل مع القطب العمومي بالمنطق المحفز للعمل والمجال، من أجل توطين المشاريع والبرامج التنموية، وإلا فإنها تفوت على نفسها إمكانية الإستفادة من برنامج عمل الإقليم ومن البرامج ذات الطابع الجهوي أو ذات الطابع القطاعي الكبير.
وحول القطب الثاني، هو ما عنا به النموذج التنموي المجتمع المدني، وليس الحديث هنا عن تحقيق هدف تشخيص النواقص بقدر ما هو فرصة لتعبئة الذكاء الجماعي وتحرير الطاقات، كما يقول بذلك النموذج التنموي الجديد، من أجل خلق فرص للولوج إلى الرأسمال المادي الخامل في الجماعات الترابية.
القطب الثالث، حسب المتحدث نفسه، وهو المغلب في أغلب برامج عمل الجمعات، وهو القطاع الخاص، إذ أن جميع الجماعات تشتكي من وجود إكراهات مادية، يستحيل معها إشراك القطاع الخاص، لما كانت 70 في المئة من ميزانيتها، على حد قولها، تذهب في التسيير، وليس هناك إيلاء أهمية للمبادرة الخاصة، من خلال الإنفتاح على الرأسمال المادي الخاص، الذي سيمكن من الإنتقال من جماعة ترابية تدبر الأزمة إلى جماعة ترابية تستغل الأزمة من أجل الاستثمار.
و أبرز، رئيس مصلحة تدبير الموارد البشرية و التكوين بمجلس جهة درعة تافيلالت، أن تجربة عمل برنامج الجماعات 2015 2021 أبانت عن ضعف للإنفتاح على القطاع الخاص ، ولما قمنا بجرد العرائض والوثائق التي أقيمت، فسجلنا أنها تنشر بكثرة مع المجتمع المدني، بينما تكاد تغيب بالنسبة للقطاع الخاص.
وفي حديثه عن مختلف الإشكاليات المطروحة الان على مستوى الجماعات المحلية والجهوية، استهل والزين، حديثه باقتراح تعبئة القطاع الخاص وإدخال فلسفة جديدة قوامها “شركات التنمية المحلية” للانتقال من جماعة ترابية تدبر الازمة إلى جماعة ترابية مقاولة تستثمر في الأزمة وتنتج التنمية.
وللأسف، يقول المتحدث، “فإن الحديث عن المراحل، لا يجد العناية التي يستحق عند بعض الجماعات، إذ إن الإجراء والإعلان والتشخيص والبرمجة والتخطيط و ترتيب الأولويات وتحديد الأزمة، كلها إجراءات بسيطة يمكن إجراؤها في مدة لا تزيد عن الثلاثة أشهر، لكن يبرز سؤال ماذا بعد؟ أين الجماعات الترابية من مسألة المقاربة التشاركية؟ إذ لا نتحدث عن مقاربة تشاركية في الإبداع والتقييم. ومن بين المقاربات الابداعية الجديدة التي يجب الانفتاح عليها اثناء إعداد برنامج عمل الجماعة، ضمان الية الولوج إلى المعلومة لبرنامج العمل ، وتمكين المجتمع المدني والقطاع الخاص من الإستفادة منها وتحيينها.
و أضاف والزين، في معرض استضافته الاذاعية نفسها، أنه استحضارا للأقطاب الثلاث التي تم الحديث عنها، لابد من إثارة نقطة جوهرية داخل برنامج عمل الجماعة، فهناك الزمن الأساسي وهو الزمن التنموي، فجهة درعة تافيلالت تراهن على أن تكون سباقة في هذا المجال لأنها هي الجهة الوحيدة على مستوى التراب الوطني الان، التي صادقت على برنامج التنمية الجهوية، في دورة مارس 2022.
و دعا المتحدث، باقي الجماعات الترابية ومجالس الأقاليم أن تحذو نفس الحذو، وأن يكون الرهان دورة أكتوبر 2023 في جميع المجالس أن تكون دورة تعاقد، إذ اننا نتحدث عن مبدأ التدبير التعاقدي في عمل الجماعات الترابية وهو ما أسلفت توضيحه سابقا.
و عرج والزين، للحديث عن الزمن الاقتصادي لإنعاش المقاولات وخلق فرص شغل جيدة، وفي توفير حاضنات بالنسبة للمقاولات الجديدة وتشجيع الإقتصاد التضامني، فضلا عن الزمن الثالث وهو الزمن الاجتماعي، فلقد أصبح من غير المبرر، وجود بؤر احتجاجية على المستوى الترابي، ووجودها يعني أننا لسنا في نفس الزمن الاجتماعي، ويتناقض مع حديث الدولة عن منطق الدولة الاجتماعية وتكريس منطق خدمات القرب.
و حول الزمن الرابع، أبرز المتحدث انه يتعلق بالزمن الإداري، الذي يعني ضرورة تعزيز دور الموراد البشرية في الجماعات الترابية، و التنسيق معها في التحقيق و في التركيز، و مواكبة الأطر الادارية المشتغلة.
و أكد والزين، أن المشرع حرص على الزام الجماعات بضمان الاستمرارية، فعند الحديث عن الميزانية الزمها بوضع التوجهات الكبرى وفق وثيقة متعاقد عليها، والجماعة هي جزء من هذا التعاقد وليست وحدها فيه، فمهمتها توطين الأوراش وضمان الالتقائية وتحفيز الرأسمال البشري، حيث يجب أن تظل هذه الاستراتيجيات مستمرة وتراكمية مابين رؤساء الجماعات المتعاقدين، فلا يتحدث كل رئيس عن أولوية برنامج ما دون أخر، لا يجب أن ينطلق أي مجلس جماعي من فراغ، بل من برنامج متعدد السنوات.يختتم المتحدث.