لا حديث، منذ تفجر قضية رفض وزارة الداخلية لبرنامج التنمية الجهوية لجهة درعة تافيلالت، في الأوساط السياسية بمختلف اقاليم درعة تافيلالت و بين اعضاء مجلس جهة درعة تافيلالت، سوى عن أزمة التواصل التي سقطت فيها إدارة المجلس، التي باتت تتستر بشكل مرضي عن المعلومة، و تحرم منها حتى من كانوا السبب في توظيفهم، إذ تروج أخبار عن كون حتى الرئيس لم يعطي للملاحظات وقتها للتأمل فيها و دراستها وتحليلها قبل إعطاءه الأمر لرئيس مصلحة المالية و مدير الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع بالاجابة عنها و تصحيحها، و إعادة ارسالها الى مصالح وزارة الداخلية.
و انتفض العديد من الأعضاء خلال اجتماعات اللجن الدائمة المعنية بنقاط جدول الأعمال، والذين تساءلوا بشكل صارم عن السبب وراء تستر ادارة المجلس عن ملاحظات وصلت الى المجلس بشكل قانوني من طرف المصالح المركزية لسلطات التأشير، أو على الأقل عن خبر رفض البرنامج و مسطرة إعادة صياغته و إدراجه ضمن دورة أخرى للمجلس و التداول والمصادقة عليه من جديد، و عن التعنت الحاصل على مستوى الإدارة بشكل يوحي بالسذاجة القانونية لمن يقودها، إذ يدفع من خلال البلاغ الذي صدر مؤخرا، بكون الوزارة لم تشر إلى طريقة تصويب برنامج التنمية الجهوية، و حيث سكتت مصالح الوزارة عن المسار القانوني للإجابة عن ملاحظاتها الجوهرية والمسطرية، فإنها تطلب تعزيز البرنامج بصيغة أخرى للبرنامج تراعى فيها الملاحظات، و هذا أمر خطير وجلل لدى من يدبرون الشأن الجهوي، إذ كيف يعقل لمدير عام للمصالح أن يجهل حتى أبسط المواد القانونية العامة والخاصة التي تتعلق بأهم وثيقة المفروض للجهة أن تتوفر عليها في السنة الأولى من ولايتها، أي، فقد فاتها قطار وضع هذا البرنامج في سكته الصحيحة، مع دخول دورة أكتوبر الجاري.
و تعالت أصوات المستشارين الأعضاء داخل مجلس جهة درعة تافيلالت، على الواتساب و داخل المجموعات الخاصة والعامة، حول مصير برنامج التنمية الجهوية الذي قدمه لهم اهرو أبرو و صادقوا عليه في دورة عمومية و أخذ منهم العديد من الوقت و العديد من المداخلات، التي بدا أن الرئيس لم يتكترث لها، بل أطلق العنان لمصالح الإدارية في تغيير معطيات وثيقة قانونية صادق عليها الأعضاء و حصلت على موافقتهم، مما يدخل الوثيقة داخل دائرة “الوثائق المزورة”، وهو الفعل الذي سبق أن تعرضت له مجموعة من مقررات دورات المجلس، وخصوصا خلال دورة مارس الماضية.
الأعضاء وفي اجتماعات عديدة تتزامن مع الدورات، سبق لهم و أن صبوا جام غضبهم على الإدارة التي لا يمكن وصفها بالإدارة، إذ مر عليها عام دون أن تستطيع فهم طريقة اشتغال المجالس المنتخبة لا قانونا ولا تدبيرا ولا فنا، فالمستشارين لا يؤبه لملاحظاتهم ولا لمداخلاتهم، كما لا يستفيدون من عدد من الامتيازات المشروعة لهم، والتي يستفيد منها الرئيس و عدد من نوابه و عدد من موظفيه الذين يرضى عنهم لحاجة في نفسه يعلمها هو وحده.
مستشارون يستنكرون التمييز بين أعضاء المجلس و جعلهم “كائنات ترفع ايديها و تنزلها موافقة فقطت”
استنكر عدد من المستشارين، رفضوا الكشف عن هوياتهم، في حديثهم إلى جريدة “الجهة8” الالكترونية، ما يحصل عليه نواب الرئيس من امتيازات (4.000 درهم من الكازوال شهريا) و سيارة توارك أو تيكوان و إمكانية توظيف سائق عرضي يختارونه يرافقهم بشكل دائم، دون أن يكون لهم الحق القانوني في ذلك، إذ إن الحالة القانونية الوحيدة التي تتيح لهم الحصول على ما يحصلون عليه حاليا، هو توفرهم على أمر بمهمة محدد زمنا و موضوعا و مؤدى عنه من ميزانية المجلس، بينما يوجد من بين أعضاء المجلس من لا يقطن حتى داخل شبكة طرقية مناسبة تمكنه من الوصول إلى الرشيدية، و يضطر مجبرا لاستخدام “الأطوسطوب” و استعمال أموالهم الخاصة و تحمل كل مشاق الطريق، مع ما تفرضه عليه أنشطتهم التجارية أو الوظيفية من تغيب.
و أسر عدد من المتحدث ين من أعضاء المجلس، إلى الجريدة، عن معاناتهم مع التوصل بالمعطيات الصحيحة و الحقيقية، إذ قالوا أن وسائل الإعلام، أصبحت مصدرهم الوحيد للتعرف على مستجدات المجلس و إدارته، و عن معاناتهم بالحصول على الوثائق المرتبطة بما يصادقون عليه أو مآل المشاريع التي يتخذون مقرراتها داخل الدورات، أو حتى فيما يتعلق بضرورة استشارتهم في اتخاذ قرارات سياسية ترتبط بالمجلس، كما وقع في حالة الرد ببلاغ للمجلس على نشر ملاحظات وزارة الداخلية.
المصادر نفسها، استنكرت عمليات “تغيير” محتوى الاتفاقيات و المقررات التي يتخذها المجلس في دوراته والتي يصادق عليها الأعضاء، حيث وصفوا العملية بكون رئيس المجلس يجعلهم أدوات فقط لإضفاء الشرعية على ما ينفرد به من قرارات و من خطوات باسم المجلس، و هذا يبخس من قدرهم ومن قدر الأمة التي انتخبتهم بسائر ربوع الجهة باقاليمها الخمسة (الرشيدية، تنغير ورزازات، زاكورة و ميدلت)، إذ لا تظهر أيا من ملاحظاته في النسخ النهائية و حتى الاتفاقيات التي يتوصلون بها لا تتطابق مع ما يتم التاشير عليه من طرف وزارة الداخلية، متسائلين حول دور ولاية الجهة و مصالحها في مراقبة مدى مطابقة ما يُصادق عليه داخل دورات المجلس مع ما يُرسل الى التاشير للمصالح المركزية للوزارة، و ما إذا كانت تغض الطرف عن هذه الأمور.
سنة كاملة من عمر المجلس، وحصيلة الإنجاز صفر.
استغرب العديد ممن تحدثت إليهم الجريدة من أعضاء المجلس، من كون عدد من الاتفاقيات و المقررات التي اتخذها المجلس في دوراته العادية والاستثنائية يفوق 140 مقرر، و حين تجري المقارنة بما تم انجازه أو الشروع في إنجازه على أرض الواقع، هو صفر، ما عدا الأمور التنظيمية للمجلس و إدارته بما يتيح لها الاشتغال بوضع قانوني، و ما عدا برنامج محاربة الفوارق المجالية والاجتماعية بالعالم القروي، الذي له آلية حكامة مستقلة و تمويل خاص، باعتباره مشروعا ملكيا، كما أفادت بذلك وزارة الداخلية في ملاحظاتها المضمنة لرفض برنامج التنمية الجهوية.
و عبر المتحدثون عن استياءهم الصريح والواضح من طريقة اشتغال الرئيس الانفرادية، مع ما يتبجح به من كون الإدارة الترابية “في يده” و أنه يحصل على كل ما يطلبه من مختلف الوزارات و من كونه يقدر على صنع المعجزات، دون استحضار للاعتبارات السياسية و لا القانونية و لا الإدارية، ولا حتى منطق التشارك مع اعضاء المجلس، خصوصا فيما يتعلق بصرف أموال الجهة على المقربين من الموردين.
وحول صرف أموال الجهة، استنكر المتحدثون، كونها تجد طريقها سريعا إلى معارف الرئيس و نوابه، من موردين و مقاولين، من قبيل الكراء الأخير للسيارات من وكالة لكراء السيارات بالرشيدية، وهي السيارات التي توجد في حالة سيئة، حسب مصادر الجهة8، ولم تخضع للمراقبة الميكانيكية منذ مدة ولا تتوافق ما المبلغ الطائل الذي سيصرف عليها، ولا تخضع حتى للمعايير المعمول بها في عملية كراء السيارات، وهذا فقط نموذج لتشتيت أموال الجهة على المقربين، ناهيك عن خدمات أخرى، لموردين، تستفيد منها الجهة و إدارتها.
مجلس الجهة : ترحيل للميزانية و توظيف للأقارب و استفادة غير مشروعة للمسؤولين
لم يكد مجلس الجهة، يطفئ شمعته الأولى، حتى تفجرت في الخفاء، عدة قضايا توضح بالملموس رؤية اهرو أبرو و فريقه للتآمر على المواطنين و استغلال منصبه في الاغتناء و في “التضبار” عن المقربين منه و الأقربين منه، و أول ما فعله رئيس المجلس، حسب مصادرنا، حتى يبتعد عن أعين مصالح وزارة المالية، هو ترحيل الميزانية الى الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع لدرعة تافيلالت، من أجل انجاز المقررات التي يتخذها المجلس بالشروط والظروف التي يراها هو و مدير الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، مناسبة.
ثاني ما تفجر، حسب المصادر نفسها، دون أن يجد طريقه للعلن، هو شبهة توظيف أحد المقربين لرئيس المجلس في منصب إداري، لا يتلاءم مع ما يحمله من شهادات علمية، وفي ظروف وصفتها مصادرنا بالمشبوهة، وهي القضية التي كانت موضوع تنبيهات و توبيخات من طرف “رؤساء رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت” ، مع محاولاته الحثيثة لأجل تنفيذ توظيفات إدارية أخرى غير مشروعة، دون تمكنه من ذلك.
من ضمن ما توصلت به “الجهة8” من فضائح تدبيرية و تسييرية لمجلس الجهة الجديد، من مصادرها المطلعة، هو تعيين مدير عام للمصالح، كان يشغل سابقا و راكم خبرة في مصلحة تدبير حظيرة السيارات و الكازوال و قطع الغيار بعمالة الرشيدية، وحصل على دفء والي الجهة و رضاه، و الذي مثله في العديد من المناسبات المهمة وغير المهمة، حتى تمكن من أن يدق مسماره إبان عملية تسليم السلط بين الشوباني و أبرو، في منصب مدير عام للمصالح بمجلس الجهة، دون أن تكون له لا الكفاءة ولا التجربة ولا القدرة التواصلية على هذا المنصب، حيث كان يتصرف مديرا قبل الإعلان عن المباراة و اجراءها و اعلان نتيجتها، وفي الوقت نفسه تم إقصاء أحد المترشحين المشهود لهم بالكفاءة، والحاملين لدكتوراه في القانون العام في تخصصات لها ارتباط مباشر بتدبير الجماعات، إلا أن اهرو أبرو، تقول مصادرنا، يبدو أنه لاتهمه الكفاءات بقدر ما تهمه التوقيعات والقدرة على تحمل المسؤولية مكانه في حالة كل ما من شأنه ان يورطه قانونا، لا قدر الله. تقول مصادرنا.
رابع ما تفجر مؤخرا، حسب المصادر نفسها، هو عدم قانونية توظيف مدير الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع بدرعة تافيلالت، إذ أن وضعه الإداري السابق غير متطابق بتاتا مع ما تقتضيه مراسيم التعيين في مناصب من هذا النوع، وعلى هذا الأساس، فمن المرتقب أن تجد شكاية احد المترشحين ذوو الكفاءة والخبرة، طريقها نحو المحكمة الإدارية من أجل احقاق العدالة و الغاء قرار رئيس مجلس الجهة القاضي بتعيين مدير الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، بالشروط التي وصفتها مصادرنا ب “غير القانونية”.
خامس ما توصلت به الجريدة من المصادر نفسها، هو عملية استفادة غير مشروعة من أموال الجهة، بطلها المدير العام للمصالح، في قضية وصفتها مصادرنا بالفضيحة الكبرى لرئيس المجلس، والذي تورط معه فيها، إذ بموجب هذا التورط و التسهيلات التي قدمه يستفيد بدون وجه حق من مبالغ مهمة من ميزانية الجهة، دون أن يكون له الحق فيها، حيث يخرق بها قوانين المملكة، رغبة منه في مراكمة الأموال ضدا في القوانين وفي الأخلاق، كما أن رئيسه المباشر يستفيد هو الآخر، منذ انتخابه، من ريع سياسي و أخلاقي يمكنه من تكديس مبلغ من الأموال دون أن يكون له فيه الحق سياسيا ولا أخلاقيا.
أعضاء المجلس يقفون مكتوفي الأيدي متفرجين على تعرض مواطني الجهة للتٱمر
توقف محدثو الجهة8، عند نقط بعينها مهمة، تتعلق بكون وضعيتهم العددية داخل المجلس يضفون بها الشرعية فقط على مقررات بيضاء عذراء، بشكل يمكن لاهرو و فريقه وضع ما يريدون داخلها، دون أن يوقفهم أحد عند عملية التأشير، وبعدها يدفعون بأن مصالح الوزارة هي من أدخلت التعديلات التي لم يصادقوا عليه داخل الدورة، مشيرين إلى كون كاتب المجلس هو الآخر لايستطيع مراقبة محاضر الدورات ورقة بورقة و لا التدقيق في معطيات المقررات، والتي لابد لها من توقيعه.
من بين هذه الأمور، التي يتفرج عليها ممثلي أقاليم درعة تافيلالت، هي مقاومة اهرو أبرو كل الظروف القانونية والسياسية والاخلاقية، من أجل مساعدة مكتب الدراسات في الحصول على مستحقاته المالية، وهو المكتب نفسه الذي كان قد فاز بصفقة انجاز مشروع التنمية الجهوية لدرعة تافيلالت سنة 2016 و عبره وكالة التواصل التي كانت قد بدأت العملية مع المجلس السابق، والتي أدت له خدمات تواصلية جليلة، حيث قالت مصادر الجريدة، أن الرئيس هو الآخر صادق صاحبها و أركبه في سيارته و أدخله منزله و أشركه في الصغيرة والكبيرة داخل مكتبه بالمجلس، من أجل ان يحصل على مستحقاته المالية منذ عهد المجلس السابق، حتى ان استدعى الأمر تجاوز القانون، وهي العلاقة، التي وضعت عليها مصادرنا عدة علامات استفهام، واصفة إياها ب”المريبة”.
كما استنكرت المصادر نفسها، حصول أعضاء ينتمون لحزب رئيس المجلس، على صفقات تدر عليهم أموالا طائلة سنويا، دون ان يخضع الأمر لاعتبار الكفاءة والجودة والفعالية، فقط الانتماء الحزبي لرئيس المجلس، إلى جانب محاولة الرئيس و مديره إغراق الإدارة بأعضاء من الحزب عبر كل الوسائل والطرق القانونية التي يتيحها التوظيف او الانتقال او وضع رهن الاشارة، و كأنه يريد جعلها ضيعة تابعة له كما سبق ان فعل مع مصالح وزارة الفلاحة و الهيئات التابعة لها، حيث يتصرف فيها كما يحلو له.
مصادرنا داخل المجلس، وعدت بممارسة الضغط من جهتها و التدخل في حينه من أجل وقف العبث الجديد الذي تقبل الجهة على المعاناة منه، مستقبلا، مع التدبير الجديد، الذي يهدف إلى أن يأتي على الأخضر و اليابس، دون رادع، بسبب مؤشرات و مظاهر عديدة طفت على السطح خلال السنة الأولى من التدبير.