الرشيديةسياسة

بيجيدي الرشيدية يُصدر مذكرة ترافعية في شأن المشهد السياسي والتنموي بالإقليم

توصلت جريدة ” الجهة الثامنة” بنسخة من المذكرة الترافعية التي أصدرتها الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بخصوص المشهد السياسي والتنموي بإقليم الرشيدية.

وجاءت هذه المذكرة كمحاولة لبسط وجهة نظر حزب العدالة والتنمية وقراءته للمشهد السياسي والتنموي بإقليم الرشيدية، من خلال تتبعه وتفاعله المستمر مع قضايا الساكنة ومسارات التدبير العمومي، وذلك بعد أزيد من 13 سنة من إقرار دستور 2011 ومرور 08 سنوات على إحداث جهة درعة تافيلالت؛ كما أن الهدف المعلن من إصدار هذه المذكرة كوثيقة ترافعية تترجم نبض فئات مجتمعية عريضة في الإقليم إلى المساهمة في بلورة رؤية استشرافية تنموية متجددة للمنطقة، وفق مقاربة سياسية نقدية ترمي إلى حفز النقاش السياسي البناء بالإقليم.

وشكلت هذه المذكرة تكثيفا للممارسة السياسية للهيئات الحزبية الإقليمية، ومشاركتها في تدبير الشأن العام بمختلف مستوياته، وهي الممارسة والفعل الذي شكل محورا لأشغال اليوم الدراسي المنعقد يوم الأحد فاتح دجنبر 2024 بمشاركة أعضاء المجلس الإقليمي للحزب ومنتخبيه السابقين والحاليين وثلة من المناضلين والمناضلات، حيث تم التداول في أرضية المذكرة وإغناؤها لتخرج في حلتها الحالية.

وعند الإطلالة على هذه المذكرة، يمكن الوقوف على تضمنها تقديم تستحضر السياقات السياسية والدستورية والقيمية الموجهة، والمؤطرة للمذكرة، إضافة إلى تضمنها لمحورين أساسيين، حيث يعرض المحور الأول قراءة حزب العدالة والتنمية للمشهد السياسي والتنموي في السياق الحالي، والمحور الثاني تضمن مجموعة من مقترحات حزب العدالة والتنمية، والتي تؤسس لرؤية استشرافية لهذا المشهد.

واعتبرت المذكرة الترافعية، في قراءتها للمشهد السياسي و التنموي بإقليم الرشيدية أن المرحلة الأخيرة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك، التلازم المنطقي بين احترام المبادئ والمقومات الديمقراطية وبين مستوى النخب المتصدرة للمؤسسات المنتخبة وجودة اشتغالها، وقد جاء المشهد الذي أفرزته نتائج اقتراع 08 شتنبر 2021 كانعكاس لحالة النكوص الديمقراطي المتمثل في التضييق على الحريات السياسية والمدنية، واستعمال آلية المراقبة الإدارية لعرقلة الجهود الجادة والصادقة لمجالس الجماعات الترابية بشكل متدرج منذ انتخابات 2015، وهو المسار الذي توج بالتحكم في هندسة الخريطة الانتخابية والتدخل في نتائجها بأشكال مباشرة وغير مباشرة؛ كما أن تردي مستوى النقاش السياسي في عموم المجالس المنتخبة بالإقليم، ومحاولة حجب مهازله عن عيون المواطنين من خلال التراجع عن البث المباشر لأشغال الدورات، يؤكد ما سبق؛ غير أن المواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية باتوا يدركون تمام الإدراك الفرق الواضح والبون الشاسع بين مجالس منتخبة بقيادة العدالة والتنمية والواقع الحالي، ويعبرون بكل تلقائية عن التذمر الكبير والسخط على ما آلت إليه الأوضاع التنموية والتدبيرية، وعلى هزالة التواصل السياسي العمومي للسلطات الترابية وللمنتخبين على حد سواء.

وانتقدت المذكرة الترافعية للبيجيدي أداء برلماني الإقليم، والمحكوم بالسياق الذي سبقت الإشارة إليه، وهو أداء يتسم بعجز كبير في التعاطي مع قضايا التنمية، والقصور في التواصل وأدوار الوساطة، وبغياب للعمل الممأسس الفاعل والمتفاعل، والمنضبط لآليات تحترم كرامة المواطن وتوفيه حقه في التفاعل مع ممثليه؛ وهو ما تدل عليه غياب مكاتب للتواصل البرلماني بالإقليم، كما هو الشأن في التجربة البرلمانية السابقة للعدالة و التنمية، و غياب لقاءات رسمية لتقديم حصيلة العمل، والاستماع لقضايا ومطالب الفاعلين والمواطنين، إضافة إلى غياب القوافل البرلمانية التي كانت تجربة المصباح رائدة فيها؛ مما أحدث قطيعة مع التراكم في أداء الفاعل الجماعي والبرلماني على حد سواء، وأثر سلبا على الفعل التنموي بالإقليم.

وأبرزت المذكرة الترافعية وجها آخر للممارسة السياسية السائدة محليا وإقليميا، والتي تتجلى في الفتور المقلق الذي يتسم به تفاعل المجتمع المدني مع تدبير الشأن العام، بعد ما راكمه الفاعلون المدنيون في هذا الصدد من ترافع وتتبع منتظم للقضايا والملفات التدبيرية، وما تم تحقيقه من مكتسبات تم الإجهاز والتراجع عنها منذ انتخابات 08 شتنبر، مما يعمق ضعف قدرة المجتمع على التصدي لآليات الفساد والاستبداد؛ فشكل تظافر هذين المعطيات إلى سيطرة تحكم المال والنفوذ في التنظيمات الحزبية والمجالس المنتخبة.

وسجلت المذكرة التراجع الكبير على المستوى التدبيري والتنموي بالإقليم، وتقهقر وتيرة الأداء والهشاشة في تشكيلات الأغلبيات المسيرة للجماعات الترابية؛ والمفارقة أنه رغم كون المجالس السابقة قد تعرضت للعرقلة الممنهجة خصوصا في الثلاث سنوات الأخيرة (من 2019 إلى 2021)، إلا أن حصيلة أدائها تظل أعلى بكثير من الواقع الحالي، كما أن عددا من المجالس الحالية شهدت تعثرا كبيرا في تنزيل المشاريع والميزانيات المبرمجة التي كانت موقوفة التنفيذ في السياق المذكور، رغم أن ذلك شكل فرصة حقيقية ـ بالنسبة لها ـ لاستثمار موارد استثنائية جاهزة وقابلة للصرف.

و عرجت قراءة حزب العدالة و التنمية إلى عرض حالة الحيف الذي يشكل قاسما مشتركا بين إقليم الرشيدية، و باقي أقاليم جهة درعة تافيلالت؛ و هو الحيف الذي تعبر عنه حالة الخصاص على مستوى الخدمات والبنيات التحتية؛ مما جعل الإقليم يؤدي ضريبة مزدوجة، تمثل وجهها الأول في عدم تفعيل مبادئ العدالة المجالية والتضامن بين الجهات، ووجهها الآخر في الممارسات السلطوية البائدة التي تتناقض بشكل فج مع المبادئ الدستورية وتحن إلى عهد التحكم المخزني وإفراغ الآليات الديمقراطية من معناها؛ وهو الوضع الذي كان له بالغ الأثر على مستوى تهميش المنطقة وافتقارها لبنيات خدماتية هامة خصوصا في قطاعات التعليم والتكوين والصحة، مما يجعل الساكنة في تنقل دائم ويشجع بعضها على الهجرة للاستقرار في مدن كبرى أو في ضواحيها؛ إذ و رغم المجهودات المبذولة في فك العزلة عن المنطقة، وغير ها من المنجزات التي لا يمكن إنكارها؛ إلا أن الحاجيات التنموية للإقليم تبقى أكبر بكثير مما تم تحقيقه، خصوصا عندما نقارن تلك الحاجيات الملحة بوتيرة إنجاز بعض المشاريع المبرمجة مثل كلية الطب والمستشفى الجامعي.

وأضافت – المذكرة – أنه ورغم توفر المنطقة على مؤهلات بشرية وطبيعية واقتصادية مهمة، إلا أنها لازالت تعاني من ضعف البنية المقاولاتية والعرض الضئيل لفرص الشغل، مما يؤدي إلى هجرة متصاعدة للرأسمال البشري في اتجاه مناطق أخرى، بحثا عن لقمة العيش وعن الظروف الملائمة للاندماج السوسيو-مهني؛ كما أن المؤهلات الطبيعية خصوصا منها المعادن يتم استنزافها دون عائد تنموي ملموس على المنطقة، بالإضافة إلى قصور في استثمار المؤهلات السياحية للمنطقة.

وأضافت المذكرة، أن الإقليم عانى خلال هذه المرحلة – موضوع الدراسة – من تهديد كبير ومتزايد خاصة على مستوى الواحة والتي عرفت تتالي موجات الجفاف والحرائق، وهو ما يعكس غياب استراتيجية حقيقية وناجعة لحماية الواحة وتنميتها، رغم وجود وكالة مختصة بالمجال في تراب الإقليم وهي “الوكالة الوطنية لتنمية الواحات وشجر الأركان”؛ كما أن استثمارات الضيعات الفلاحية الكبرى ظلت تثير تساؤلات بشأن تأثيرها على الفرشة المائية وعلى الفلاحة المعاشية، ومدى توفر المؤسسات الرسمية المعنية على مقاربة تنموية متوازنة في هذا الصدد.

وكخلاصات فقد اعتبرت المذكرة أن مرور نصف الولاية الانتخابية كان كافيا لكشف التردي الواضح في تدبير الشأن العام الترابي وفي مسار التنمية بالإقليم، والتراجع المخجل في مكتسبات الحكامة والشفافية والتخليق، وعدم القدرة على تنزيل واستثمار ما رصَّدته تجربة المصباح في المجالس المنتخبة وفي العمل البرلماني، إضافة إلى القصور البين في التفاعل مع الحاجيات اليومية للمرتفقين، وفي أدوات التواصل والتأطير؛ وأن عمق إشكالية هذا الوضع، يتجلى ـ من وجهة نظر العدالة و التنمية ـ في سيادة معادلة “السلطة والمال” وتحكمها في آليات تدبير الشأن العام الترابي، بل وامتدادها إلى أبعاد تنظيمية لعدد من الأحزاب بالإقليم، مما سيكون له انعكاسات خطيرة على مستوى العزوف عن العمل السياسي المسؤول، وتدني منسوب الثقة في المؤسسات وفي الخطاب العمومي.

وقدمت المذكرة الترافعية في محورها الثاني، والمعنون بملامح استشرافية للمشهد السياسي والتنموي بالإقليم، وهو المحور الذي قدم من خلاله حزب العدالة والتنمية مجموعة من المقترحات المرتبطة بالتنمية الترابية، سواء على مستوى القطاعات الحكومية، وهي مقترحات تهم مجال البنيات التحتية، والتجهيزات والقطاعات الخدماتية، إضافة إلى مجموعة من الجوانب الاقتصادية، والتي تستلزم مستلزمات ومداخل سياسية لتحقيق الإرتقاء.

وتم تحديدها في ثلاث أولويات تهم تقوية البنيات التحتية والخدماتية بالجماعات الرئيسية للإقليم من خلال برمجة مشاريع مهيكلة، ودعم الاوراش التي توجد في طور الإنجاز وتسريع وتيرة إنجازها، والترافع للاستفادة من صندوق التضامن بين الجهات، و كذا تحسين الجاذبية الاقتصادية و السياحية للمنطقة، من خلال إحداث مناطق صناعية و مشاريع سياحية كبرى و إرساء بيئة جاذبة للاستثمار و التشغيل و تعزيز الربط الجوي و الطرقي و الترافع من اجل الربط السككي إضافة إلى تحسين الولوج للخدمات الأساسية و تحقيق حد ادنى من خدمات القرب بالجماعات الأكثر فقرا بالمنطقة للحد من الهجرة نحو المراكز الحضرية.

وتضمن هذا المحور أيضا العديد من المقترحات القطاعية التي همت قطاع الصحة العمومية، قطاعات التربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي، المجال الاقتصادي والسياحي، قطاع التعمير والسكنى، قطاع التجهيز والنقل واللوجيستيك، قطاعات الفلاحة والماء والبيئة، قطاعات الشباب والرياضة والثقافة.

و عرضت مذكرة العدالة و التنمية الترافعية المستلزمات والمداخل السياسية لتحقيق الإرتقاء من خلال 17 نقطة، و التي تشكل أولويات تنموية للمرحلة المقبلة، حددت في ثلاث أولويات تتعلق بتقوية البنيات التحتية والخدماتية بالجماعات الرئيسية للإقليم، وذلك من خلال برمجة مشاريع مهيكلة، ودعم الأوراش التي توجد في طور الإنجاز وتسريع وتيرة إنجازها، والترافع للاستفادة من صندوق التضامن بين الجهات؛ وتحسين الجاذبية الاقتصادية والسياحية للمنطقة: من خلال إحداث مناطق صناعية ومشاريع سياحية كبرى، وإرساء بيئة جاذبة للاستثمار والتشغيل، وتعزيز الربط الجوي والطرقي، والترافع من أجل الربط السككي، و كذا تحسين الولوج للخدمات الأساسية: خصوصا في مجالات الصحة والتربية والتكوين والتعليم العالي والثقافة والرياضة والترفيه؛ وتحقيق حد أدنى من خدمات القرب بالجماعات الأكثر فقرا بالمنطقة، للحد من الهجرة نحو المراكز الحضرية.

وقدمت المذكرة مجموعة من المقترحات التي يراها حزب العدالة والتنمية لبنات مهمة في بلورة رؤية استشرافية تنموية للإقليم، همت قطاعات الصحة العمومية، التربية والتكوين والتعليم والعالي والبحث العلمي، المجالين الاقتصادي والسياحي، قطاع التعمير والسكنى، قطاع التجهيز والنقل واللوجيستيك، قطاعات الفلاحة والماء والبيئة، قطاعات الشباب والرياضة والثقافة.

واعتبر حزب العدالة والتنمية أن الإرتقاء بالمشهد السياسي والتدبيري بالإقليم في أفق تجاوز الأعطاب والاختلالات البنيوية المرصودة، وتحقيق الطموحات التنموية المشروعة والمنصفة، يتطلب تضافر الجهود بين مختلف الفاعلين المؤسساتيين والمجتمعيين، وفي طليعتهم كل القوى الديمقراطية والكفاءات من مختلف الانتماءات والمشارب، في سبيل تقديم نخب ومجالس قادرة على رفع التحديات وكسب الرهانات المتعددة.

وأخيرا اعتبرت المذكرة على أن التدافع من أجل توفير ضمانات و شروط الممارسة الديموقراطية و العمل المؤسساتي، هو مدخل محدد لطبيعة المناخ السياسي و التدبيري بالإقليم، و الذي ينعكس بدوره على مشروعية النخب و مستواها و جودة أدائها؛ كما أن الحزب له إيمان عميق بأهمية تفعيل أدوار الأحزاب السياسية في التأطير و الترافع و الاسهام في رفع منسوب الوعي السياسي و الفكري للمواطنين، و خاصة فئة الشباب، و أن عدم اختزاله لدور الحزب السياسي و حضوره في المشهد السياسي فقط في المحطات الانتخابية هو من بين الأسباب التي كانت وراء نشر هذه المذكرة للعموم، و التي تشكل تعبيرا عن الاستعداد للتعاون و التنسيق مع كافة الفرقاء و الفاعلين الذين يقاسمونه الاهتمام بالبناء الديموقراطي و الإرتقاء بالمسارات التنموية من أجل ترافع ونضال مشترك للارتقاء بالمشهد السياسي و التدبيري بالإقليم، مؤكدا استعداده للانخراط في كل الجهود الرامية الى جعل المنطقة قاطرة لتنمية جهة درعة تافيلالت، و تحقيق الكرامة و العدالة الاجتماعية لساكنتها.

مقالات ذات صلة

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى