مجتمع

المغرب التاريخي: الثوابت و المتغيرات و ما بينها

مختار العيرج

1961 باشا تندوف يحضر كما هي العادة في كل سنة إلى القصر الملكي بالرباط للمشاركة في مراسيم حفل البيعة في عيد العرش… إلى جانب أعيان قبائل الصحراء المغربية في الجنوب الغربي و الجنوب الشرقي… من العيون و السمارة و نواديبو و نواكشوط و كذا من بشار و القنادسة و توات … أعيان من سكان هذا المغرب العميق كانت تلتقي بمناسبة حفل البيعة بالرباط و كان الجميع بعد 1956 يطرح السؤال المؤرق متى يلتئم الشمل و تعود للمملكة أطرافها المبتورة ؟

ماي 1962 تبين الوثيقة أعلاه المحررة من قبل الإدارة الفرنسية شهورا قبل استقلال الجزائر رفض السكان لأي جنسية أخرى بديلا عن المغربية، و كيف غضبوا من الشخصية الجزائرية التي تسعى ل ” جزأرة ” تندوف .

نوفمبر 1962 تنال الجزائر استقلالها على رقعة جغرافية كبيرة، تضم الصحراء الشرقية أو منطقة تندوف بتعبير الملك الحسن الثاني رحمه الله، و في هذه السنة تحدث القطيعة و لن يحضر باشا تندوف المعين بظهير سلطاني احتفالات عيد العرش، فيما ظل أعيان الصحراء المحتلة من قبل الإسبان و سكان الصحراء الشرقية ممثلين بقائد قيادة دوي منيع  المرحوم الصديق الصديقي يداومون الحضور في هذه الإحتفالات، و سار على خطاه قائد دوي منيع بعده السيد بوعلام شهيد، لكن بعد إحالته على التقاعد ” يتوقف ” هذا السلوك المتوارث .

كان حضور هؤلاء متميزا على الرغم من اشتراكهم في نفس المناسبة مع أعداد كبيرة من الجهات الاخرى، متميزا بدلالاته و مايرمز إليه و ما يحمله من إشارات، و لم يتعطل إلا حين عهد بقيادة دوي منيع إلى أطر من وزارة الداخلية من خارج سكان المنطقة فصار الحضور شكليا خاليا من دلالاته التاريخية و إشاراته العميقة .

ماذا يمثل اليوم سكان ” المغرب التاريخي ” و  ” المغاربة التاريخيون ” سواء أولئك الذين ظلوا بقلوبهم مغاربة و صاروا بواقع الحال شيئا آخر، أو هؤلاء الذين آثروا الوطن على أرض أجدادهم، مثل جماعة من الموريتانيين و التندوفيين و القندوسيين و السكان الذين تمثلهم قيادة دوي منيع : دوي منيع، أولاد جرير، لعمور، الشعانبة …

مغرب تاريخي لم يتمكن من التحرر من ثقل الاحداث التي لم تطو مادام الوجود البشري مازال حاضرا متحديا مسنودا بالقناطر المقنطرة من الوثائق و الدلائل.. لكن الحضور الفعلي للقضية في مراكز القرار توارى، اضمحل و.. تلاشى.. جماعة موريتانيا انتقلت من مراكز قرار هامة إلى الظل، جماعة القنادسة بعد المرحوم المحفوظي خليفة الذي كان مكلفا بمهمة في الديوان الملكي تصير من ذكريات الزمن الجميل، و قيادة دوي منيع مهمشة تماما كحال قرية عين الشواطر بإقليم فجيج التي تحتضن مقرها ..

 

في بداية الإستقلال كان سكان هذه المناطق محط عناية و كانت الأبصار شاخصة نحوهم  و ظلوا على العهد أوفياء للتاريخ و وصايا الاجداد، لكن بمجرد أن تغيرت الموازين و اتجاه الاحداث تركوا لحالهم و لذكرياتهم ينبشون فيها،  يقلبونها، يذكرون و يتذكرون، لكن و حين لم يثيروا انتباها او يحصدوا تعاطفا أو ينالوا تقديرا… دار بخلدهم أنهم في ” إطار الفعل المعزول ” أو حالة الشرود أو أحلام اليقظة التي تلامس حدود التيه

مقالات ذات صلة

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى