سياسة

ملفات الفساد تمتد إلى تنغير والرشيدية… وزارة الداخلية تحيل رؤساء جماعات على القضاء

تعيش الساحة السياسية المغربية على وقع زلازل متتالية، عنوانها الأبرز سقوط رؤساء جماعات ومجالس منتخبة بسبب ملفات فساد مالي وإداري طالت عدداً من الجهات. وبينما تتساقط الأسماء تباعاً في الشمال والوسط، تظل الأقاليم الجنوبية، على نحو مثير، بمنأى عن هذه العواصف، لأسباب يلفها الغموض وتبقى رهينة دوائر القرار.

في الأسابيع الأخيرة، تحركت آلة العدالة بسرعة لافتة، حيث أسفرت التحقيقات والمراجعات الميدانية عن عزل وإيقاف عدد من المنتخبين البارزين، من بينهم برلمانيون يتولون رئاسة جماعات محلية أو مجموعات جماعات، كما حدث في إقليم القنيطرة بعزل رئيس مجلس “سوق الثلاثاء” ورئيس مجموعة الجماعات بسيدي سليمان، إضافة إلى توقيف رئيس المجلس البلدي لسيدي قاسم في انتظار الحسم القضائي.

وفي طنجة، يتابع الرأي العام المحلي عن كثب مآل الوعود الصارمة التي أطلقها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، عندما أكد أمام لجنة الداخلية بالبرلمان أن لا أحد سيفلت من المحاسبة، حتى من استولى على متر واحد من الممتلكات الجماعية. وجاءت هذه التصريحات متزامنة مع فضيحة عقارية جديدة، بعد تحويل فضاء مخصص للأطفال في حي “بوبانة” إلى ملعب خاص لرياضة “البادل”، ما أثار غضب الساكنة ودفع إلى المطالبة بتحقيق عاجل من طرف السلطات الولائية.

مصادر  كشفت أن أكثر من خمسة عشر رئيس جماعة يستعدون لتسلّم قرارات توقيفهم أو عزلهم، ضمن موجة جديدة من الإجراءات التأديبية التي تطال المنتخبين المتورطين في اختلالات خطيرة، بناء على تقارير دقيقة من المفتشية العامة للإدارة الترابية والمجلس الأعلى للحسابات، والتي استندت إلى المادة 64 من القانون التنظيمي 113.14 المنظم للجماعات الترابية.

من الرشيدية وتنغير إلى الشمال… لا أحد فوق المحاسبة

ولم تقتصر هذه الإجراءات على الجهات الشمالية والوسطى، إذ تؤكد المعطيات أن عدداً من الرؤساء من إقليمي الرشيدية وتنغير باتوا بدورهم تحت المجهر، بعد أن كشفت التقارير الرقابية عن خروقات في تدبير الشأن المحلي، تتعلق أساساً بملفات التعمير، وصفقات عمومية مشبوهة، واستعمال غير قانوني للموارد الجماعية. ومن المنتظر أن تعرف الأسابيع المقبلة تحركات جديدة لوزارة الداخلية، لإحالة ملفاتهم على القضاء الإداري قصد اتخاذ القرارات المناسبة.

العدالة الإدارية تتقدم… وسلطة الوصاية تتراجع

وفي ظل هذه التطورات، منحت وزارة الداخلية تعليماتها لبعض الولاة والعمال من أجل إحالة الملفات الثقيلة على القضاء الإداري مباشرة، بعدما انتقلت سلطة الحسم من يد سلطة الوصاية إلى سلطة القضاء الإداري بموجب القوانين الجديدة المؤطرة للجماعات المحلية، ليصبح القضاء وحده المخوّل بعزل المنتخبين وإيقافهم.

ويبدو أن المساءلة لم تعد شعاراً سياسياً، بل واقعاً ملموساً يطال كل من ثبت تورطه في تجاوزات تمس المال العام أو المصلحة العامة، في انتظار أن تمتد رياح المحاسبة إلى باقي الجهات، حتى لا يبقى أي منتخب مهما كان موقعه في منأى عن العدالة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى