آخر الأخبارالرشيديةسياسة

ماذا وراء الوثيقة السياسية لجماعة العدل والاحسان ؟

ماذا وراء الوثيقة السياسية لجماعة العدل والاحسان ؟

 

يرى عدد من المتتبعين لشؤون الجماعة  بأن الاعلان عن الوثيقة السياسية لجماعة العدل والاحسان في هذا التوقيت بالذات له ما يبرره ، فهناك من ذهب إلى القول بأن جماعة العدل والاحسان  تحاول أن تبعت رسائل واضحة  لطمأنه الدوائر العليا من مواقفها من عدد من قضايا المجتمع  ومن رغبتها في المشاركة السياسية إن هي تلقت الضوء الاخضر بطبيعة الحال ، وهناك من يرى بأن الاعلان عن هاته الوثيقة  هو محاولة لاستعراض العضلات لا أقل ولا أكثر وأن الجماعة رغم الحضر المفروض عليها فهي تبقى أقوى حركة سياسية في المغرب رغم انهيار المشروع الاسلامي الذي أتت به رياح الربيع العربي ، بين هذا الرأي وذاك يبقى الجزم بين الامرين رهين  بالتحولات السياسية  والاجتماعية والاقتصادية التي يعرفها المجتمع المغربي ، خاصة بعد تأكل شعبية حزب العدالة والتنمية  خلال العشر سنوات التي قضاها على راس الحكومة  وإدارته لأغلب الجماعات الترابية بالمغرب.

الوثيقة السياسية التي شكلت موضوع ندوة صحفية للجماعة كشفت عن تكتيك جديد في التعامل مع قضايا الشأن العام، أكثر من 700 مقترح تقدمت به الجماعة  وهو مؤشر عن تحول في الاداء السياسي  سينقل الجماعة من دائرة الغموض الذي لازمها طيلة السنوات الماضية إلى دائرة الشفافية والوضوح ، فهي تدعو مثلا إلى ضرورة تنظيم انتخابات نزيهة مع تفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبة بغض النظر عن المكانة السياسية لأي كان ،كما همت هاته المقترحات بأن ترفع الدولة يدها عن الاحزاب السياسية  لكي تقوم هاته الاخيرة بأدوارها الحقيقية في المجتمع ،فلا يمكن بأي حال من الاحوال أن يستمر الوضع كما هو عليه الان ، فالأحزاب على حافة الافلاس جلها استزف من الداخل حتى باتت غير قادرة على تنظيم البيت الداخلي لها وفي بعض الحالات تعجز عن عقد مؤتمراتها الوطنية في الوقت المحدد لها ،بل أحيانا ما تفرز هذه المؤتمرات بروز تيارين متجاذبين قابل لتفجير الحزب من الداخل بالضغط على زر الانفجار في أي لحظة من اللحظات ،أما النقابات فالوضع لا يكاد يختلف عن الاحزاب من حالة الوهن الذي أصابها ،بينما المجتمع المدني لم يعد يحمل سوى الاسم ،أمام كل ذلك، فالجماعة واعية بالمشهد السياسي الحالي وأكيد أن أعينها ظلت منفتحة على جميع المحطات الانتخابية كما هي واعية بالأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية للبلد ،ومدركة لوضع الاسرة المغربية التي لم تعد قادرة على مجابهة تغول أصحاب الرساميل  الكبرى الذين يحصدون الاخضر واليابس ولم تعد هذه الاسرة قادرة على اداء دورها التقليدي في المجتمع  أي تربية الاجيال الناشئة  قبل أن تفطن إلى بلوغ التعليم  والصحة مرحلة خطيرة من درجة الخراب.

في ظل تراجع مؤشرالنمو  في مجموعة من القطاعات وتدهور مستوى عيش الاسر المغربية ،إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة والهدر المدرسي وغلاء المعيشة  وفي ظل غياب أي دور للأحزاب السياسية وتعتر مسلسل الإصلاح ،قررت جماعة العدل والاحسان  الإفراج عن الوثيقة السياسية للجماعة تتزامنا مع اقتراب نصف ولاية الحكومة الحالية ،وهي إشارة لأصحاب القرار بإعلان الجماعة عن استعدادها لطي صفحة الماضي والانخراط في مسلسل أي اصلاح ينقد المغرب من هاته الازمة ؟

فعلى  مدى السنين الاخيرة ظلت  الجماعة تترقب الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمغرب بما يمكنها من الاستفادة من تجارب الحكومات السابقة وخاصة إبان فترة حزب العدالة والتنمية الذي ترأس الحكومة لولايتين متتاليتين وسيطر على جل الجماعات الترابية بالمغرب ،أكيد أن دعم الجماعة لم يكن خفيا في الولاية الاولى لحكومة بن كيران قبل أن يتهاوى إلى السقوط بعد 10 سنوات من الحكم والتي اعتبرها عدد من المتتبعين نهاية المشروع الاسلامي بالمغرب ونهاية الزواج بين الحزب وحركة التوحيد والاصلاح الدراع الدعوي لها التي لم تدعم الحزب بسبب التطبيع وقانوني المخدرات وفرنسة التعليم بعد أن ظلت هاته العلاقة ولسنوات عديدة تعد أكبر من مجرد شراكة بين هيئتين مختلفتين ) الحزب والحركة (من خلال وظيفة  )السياسة والدعوة (

الجماعة اليوم أمام محك حقيقي، ولعل محاكاتها لعدد من التجارب الحكومية سواء يمينية أو اسلامية أو ليبرالية قد تجنبها السقوط في فخ حب السلطة وتجنبها احتكارها الحديث باسم المغاربة وتوظيفه واستغلاله للدين ،مؤشرات التراجع إذن هي في صالح الجماعة والاهم أن تلتقط النخب الغيورة على البلد والقوى الحية رأس الخيط وتعمد إلى مبادرة سياسية منفتحة تعدل ميزانها لصالح إرادة التغيير والاصلاح من أجل الوصول إلى بر الامان والسير بالمغرب إلى الافضل .

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى