الرشيديةمنبر الجهة8

الدكتور لحبيب الشوباني يكتب 20… الأساطير المؤسسة للحل الصهيوني للمسألة اليهودية: حسب منظور الفيلسوف الفرنسي Roger Garaudy (3/2)

  1. بعد استعراض وتفنيد الأساطير الدينية/اللاهوتية الثلاثة كما لخصناها في المقالة السابقة، يتوقف Garaudy مع الأساطير السياسية المعاصرة المؤسسة للسياسات الإسرائيلية، والتي حددها في أربعة أساطير. يتعلق الأمر أولا ب” أسطورة معاداة الصهيونية للفاشية Le mythe de l’antifascisme sioniste“، وذلك بادعاء الصهاينة وقوفهم إلى جانب الحلفاء ضد ألمانيا النازية، إبان الحرب العالمية الثانية. وقد تتبع Garaudy هذا الادعاء بالبحث الرصين وكشف بطلانه، مؤكدا أن الحركة الصهيونية في ألمانيا– عكس المنظمات والجمعيات اليهودية الأخرى – وقفت إلى جانب هتلرHitler وساندته في سياسته الموجهة لاضطهاد اليهود، لأنها راهنت على الاستثمار في هذا الاضطهاد النازي لتهجيرهم تحت ضغطه إلى فلسطين، تطبيقا لمخطط “الحل الصهيوني للمسألة اليهودية“؛ وقد بين أن “إنقاذ اليهود في أوروبا لم يكن على رأس قائمة أولويات الطبقة المسيرة (الصهيونية). لقد كان تأسيس الدولة هو الأهم في نظرهم/  Le sauvetage des juifs en Europe ne figurait pas en tête de liste des priorités de la classe dirigeante. C’est la fondation de l’Etat qui était primordiale à leurs yeux.[1] . لتأكيد هذه الوقائع التي تثبت الجوهر الفاشي للإيديولوجية الصهيونية، يستدعي Garaudy شهادة المؤرخ الصهيوني [2]Michel Bar Zohar في كتابه بن غوريون، النبي المسلح Ben Gourion, Le Prophète arméوهو يكتب ما يلي: [ في عام 1941، ارتكب إسحاق شامير جريمة لا تغتفر أخلاقيا: الدعوة إلى تحالف مع هتلر، ومع ألمانيا النازية ضد بريطانيا العظمى/ En 1941, Itzhak Shamir commit un crime impardonnable du point de vue moral : prôner une alliance avec Hitler, avec l’Allemagne nazie contre la Grande-Bretagne ][3] . ويضيف غارودي أيضا: ” [إن المجموعة الصهيونية الألمانية، رغم أنها كانت أقلية في ذلك الوقت، فقد اتخذت موقفًا معاكسًا، وأنها من سنة 1933 إلى 1941 انخرطت في سياسة التفاهم وحتى التعاون مع هتلر. ولذلك فإن السلطات النازية، في نفس الوقت الذي بدأت فيه باضطهاد اليهود، بطردهم على سبيل المثال من الوظائف العامة، كانت تحاور القادة الصهاينة الألمان، وتمنحهم معاملة تفضيلية تمييزا لهم عن اليهود الاندماجيينالذين كانوا مستهدفين بالملاحقة/ le groupe sioniste allemand, qui pourtant, à l’époque, était très minoritaire, prit une attitude inverse et, de 1933 à 1941 s’engagea dans une politique de compromis et même de collaboration avec Hitler. Les autorités nazies, en même temps qu’elles persécutaient les juifs, par exemple, en un premier temps, en les chassant des fonctions publiques, dialoguaient avec les dirigeants sionistes allemands et leur accordaient un traitement de faveur en les distinguant des juifs “intégrationnistes” auxquels ils faisaient la chasse][4]. ويزيد غارودي مرافعته قوة وحُجِّيَّة باستدعائه لشهادة الفيلسوفة الصهيونية “حنة أرندت“، كشاهدة عيان حضرت مداولات المجالس اليهودية ، فيقول: [حنة أرندت، واحدة من أبرز المدافعين عن القضية اليهودية من خلال دراساتها وكتبها، كانت تتابع المداولات، وخصصت لها كتاب أيخمان في القدس“. وقد أظهرت فيه (ص134-141) سلبية، بل وتواطؤ المجالس اليهودية” (جودنرات) والتي كان ثلثاها يسيره الصهاينة/Hannah Arendt, l’un des plus éminents défenseurs de la cause juive par ses études et ses livres, assistait aux débats. Elle leur a consacré un livre : « Eichmann à Jérusalem ». Elle y a montré (p. 134-141) la passivité, et même la complicité des “conseils juifs” (Judenrat), dont les deux tiers étaient dirigés par des sionistes.][5] وهو ما يؤكد في نهاية المطاف أن العلاقة بين الصهيونية والفاشية ثابتة بوجود اتفاقيات ومواقف لا سبيل لإنكارها، من قبيلكسر مقاطعة هتلر من خلال الهافارا” (اتفاقيات التهجير)، ورفض المنظمة الصهيونية العالمية تنظيم المقاومة ضد النازية.brisé le boycott d’Hitler par la “Haavara” (les accords de transfert) et le refus de l’Organisation sioniste mondiale d’organiser la résistance contre le nazisme. [6]؛ مع التأكيد على أن الأمر يتعلق [بسياسة للتعاون استمرت حتى عام 1941 (أي لمدة 8 سنوات بعد صعود هتلر إلى السلطة). قام أيخمان بالتنسيق مع كاستنر. كشفت محاكمة أيخمان ولو بشكل جزئي على الأقل، آليات هذه التواطؤات والمبادلاتبين اليهود الصهاينة المفيدينلإنشاء الدولة اليهودية (الشخصيات الثرية، والفنيين، والشباب القادرين على تعزيز قوة الجيش، الخ…) وكتلة من اليهود الأقل حظًا، ممن تم التخلي عنهم وتركوا بين يدي هتلر.Cette politique de collaboration dura jusqu’en 1941 (c’est-à-dire pendant 8 ans après l’arrivée d’Hitler au pouvoir). Eichmann faisait la liaison avec Käsztner. Le procès Eichmann découvrit, pour une part au moins, les mécanismes de ces connivences, de ces “échanges” entre juifs sionistes “utiles” à la création de l’Etat juif (personnalités riches, techniciens, jeunes gens aptes à renforcer une armée, etc…) et une masse de juifs moins avantagés abandonnée aux mains d’Hitler.][7]

 

  1. بنفس المنهج البحثي الصارم، واصل غارودي في كتابه عملية التفكيك وإعادة التركيب العلمي الممنهج لباقي الأساطير السياسية الحديثة، حيث صنفأسطورة عدالة محكمة نورنبيرغ Le mythe de la justice de Nuremberg بمثابة الأسطورة الثانية في سرديات الرواية الصهيونية المؤسسة للسياسات الإسرائيلية. يتعلق الأمر بقرار المنتصرين في الحرب العالمية الثانية (الأمريكيون، البريطانيون، الفرنسيون، الروس) المجتمعون في لندن بتاريخ 8 غشت 1945، إنشاء محكمة عسكرية (غير عالمية في تشكيلة قضاتها رغم توصيف الحرب بأنها عالمية !) لمُعاقبة كبار مُجرمي الحرب التابعين لقوى المحور، بسبب الجرائم الثلاثة كما حددوها في المادة 6 من القانون المؤسس للمحكمة، وهي: “الجرائم ضد السلم Crimes contre la paix ” لمعاقبة المسؤولين عن اندلاع الحرب؛ و”جرائم الحرب Crimes de guerre” لمعاقبة منتهكي قوانين وأعراف الحرب، و”الجرائم ضد الإنسانية Crimes contre l’humanité” لمعاقبة مرتكبي الجرائم ضد المدنيين. وقد بين غارودي بالأدلة المتواترة أن هذه المحكمة العسكرية الاستثنائية اشتغلت كآلة حرب قانونية، وشكلت امتدادا للحرب المسلحة، وأنها بسبب ذلك افتقدت لشروط المحاكمة العادلة، لأنها لم تتقيد بالقواعد المتعلقة بإقامة الأدلة والبراهين، ولأنها اعتبرت الوثائق الرسمية لحكومات الحلفاء كلها براهين صحيحة، “كما أقر بذلك المدعي العام للولايات المتحدة، روبرت جاكسون، الذي ترأس جلسة الاستماع في 26 يوليوز 1946، بقوله عن حق: “إن الحلفاء ما زالوا من الناحية الفنية في حالة حرب مع ألمانياوكمحكمة عسكرية، فإن هذه المحكمة تمثل استمرارًا للجهود الحربية التي تقوم بها الدول الحليفة/Comme le reconnaîtra, avec juste raison, le Procureur général des EtatsUnis, Robert H. Jackson, qui présidait l’audience du 26 juillet 1946 : “Les Alliés se trouvent encore techniquement en état de guerre avec l’Allemagne… En tant que tribunal militaire, ce tribunal représente une continuation des efforts de guerre des nations alliées.”][8]

 

(يتبع في الحلقة 21)

[1] Roger Garaudy, Les Mythes Fondateurs de la Politique Israélienne, p :32. ) édition électronique)

[2] ميشيل بار-زوهار Michel Bar-Zohar من مواليد 30 يناير 1938 في صوفيا/ بلغاريا، مؤرخ صهيوني، وكاتب سيرة “ديفيد بن غوريون” و”شمعون بيريز“، متخصص في المخابرات الإسرائيلية؛ كان رقيبا مظليا في حرب 1967، وشارك أيضًا في حرب 1973، وهو الرئيس السابق للخدمة الصحفية للجنرال موشيه ديان في وزارة الدفاع الإسرائيلية. كان نائبا برلمانيا في الكنيست عن “حزب العمل” في التسعينيات. حاصل على إجازة في الاقتصاد والعلاقات الدولية من الجامعة العبرية في القدس، وعلى الدكتوراه في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية في باريس. في عام 2005، أعلن تأييده لحزب حزب أرييل شارون: “كاديما”.

 

[3] Roger Garaudy, Op.cit, p :36.

[4] Roger Garaudy, Op.cit, p :31.

[5] Roger Garaudy, Op.cit, p :36.

[6] Roger Garaudy, Op.cit, p :36.

[7] Roger Garaudy, Op.cit, p :36.

[8] Roger Garaudy, Op.cit, p :46.

 

مقالات ذات صلة

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى