الرشيديةمنبر الجهة8

هشام رزيك يكتب…تكريم الأستاذ مولاي اسماعيل هاروني علوي..أكثر من مُجرد حفل

هشام رزيك

لم يكن حفل تكريم الأستاذ مولاي اسماعيل هاروني على إثر إحالته على التقاعد، والذي نُظم بمبادرة من زملائه في قطاع الشباب بالمديرية الجهوية لدرعة – تافيلالت، يوم الأربعاء 14 ماي 2025 بدار الشباب المدينة بمدينةالرشيدية، (لم يكن) مجرد حفل تكريم بل أكثر من ذلك…

تسابق زملاؤه وزميلاته (سابقون وحاليون) في القطاع للحضور.. وتسابق أصدقاؤه ومعارفه – من الذكور والإناث والشباب والكهول – للحضور.. ومنهم من تنقل من مدن مجاورة أو بعيدة للحضور.. ومن لم تُسعفهم الظروف على الحضور، حضروا بقلوبهم ووجدانهم، وعبروا عن ذلك بمكالمات هاتفية خلال زمن الحفل..

رأيتُ الدموع تنهمرُ في لحظة وداعه بغزارة.. ورأيتُ الهدايا يتعبُ المتابعُ في عَدِّها.. الكلُّ يريدُ أن يُهديه هدية.. تذكارا أو أي شيء.. المُهم التعبير عن حُبٍّ صادق وتقدير فائق..

وسمعتُ كلمات مدح كثيرة.. منها من أخذ أصحابها وقتا – ربما كبيرا – لتذبيجها.. ومنها من كانت وليدة اللحظة.. لتعبر عن مشاعر جياشة حركتها وقائع الحفل..

علمتُ إذاك أن الأمر أكثر من مُجرد حفل تكريم شخص أُحيل على التقاعد.. فالأستاذ مولاي اسماعيل هاروني علوي أراد أن يُعفي أصحاب المبادرة – مشكورين – فأبوا إلا أن يُنظموها..

والذين حضروا تزاحموا على الميكروفون للتعبير عن عميق تقديرهم وامتنانهم لمولاي اسماعيل.. وأماطوا الغطاء عن كثير من إنجازاته ومساره الحافل بالعطاء، الذي بدأ في ثمانينيات القرن الماضي، واستمر إلى سنة 2025.. ولا شك لن يتوقف بتوقف العمل الرسمي.. هذا انطباع استصحبني وأنا أغادر القاعة.. فالحاضرون “ما غاديش يطلقوا منو” كما قالوا.. هم دائما في الحاجة إليه..

وتبين لي حينها أن مولاي اسماعيل هاروني علوي:

أكثرُ من مُجرد موظف في قطاع الشباب والرياضة سابقا وقطاع الشباب حاليا..

أكثرُ من مُجرد مدير لدار الشباب بأرفود، ثم بوتلامين بالرشيدية، ثم المدينة بالرشيدية..

هرمٌ في المجال التربوي..

مُجمعٌ فما وُلدَ ليُفرق..

مُستوعبٌ فما وُجدَ ليُبعد..

ينشر الطاقةالإجابية وسط من يشتغل معهم ضمن الفريق..

قائد حكيم.. طويل الصمت.. وعندما يتكلم يُفحم..

بشوش.. لا يخلو كلامه من قفشات.. فالصرامة المُبالغ فيها تقتل الانسجام..

وقبل ذلك وبعده إنسانٌ – تسكنُه الإنسانية وتتجلى فيه – يتضامن ويُحس بظروف الآخرين.. يُفرحه ما كان عليه الشباب من إقبال على التربية والثقافة، ويُحزنه ما أصبح عليه واقع الشباب اليوم من تيار “اللامعنى” والركض خلف ما لا يُفيد..

أُعطية لـ”سيرور” لم ينساها

من بين القصص المؤثرة، التي تعكس نبالة أخلاق مولاي اسماعيل هاروني علوي، ما حكاه صحفي من “جريدة الجهة 8″، نقلا عن زميل له يشتغل الآن رئيس تحرير في “فرانس 24″، ابن تاركة القديمة بمدينة الرشيدية، أنه عندما كان طفلا كان يشتغل “سيرورا” (ماسح أحذية) – في وقت الفراغ ليُعين نفسه وأسرته – بحاجة إلى دفتر، وكان من رواد دار الشباب، فأعطاه مولاي اسماعيل ثمن شراء الدفتر.. بل وقال له: “عندما تحتاج شيئا آخر لا تتردد في طلبه مني”.. إصرار رئيس تحرير “فرانس 24” على ذكر هذه القصة في حفل تكريم مولاي اسماعيل، دليل على أن ما قام به مولاي اسماعيل تجاهه – رغم أنه قد يبدو بسيطا – إلا أنه حفر عميقا في وجدان الطفل الذي أصبح ذا مكانة سامقة الآن، فأراد أن يعترف بهذا المعروف لهذا الرجل..

توجيه بليغ غَيَّرَ السلوك فورا

ومن القصص التي تعكسُ صفة المُربي في الرجل المُكرم، تلك التي حكاها أحد من تخرجوا على يد مولاي اسماعيل وكان مسرحيا ذا شعر طويل في الثمانينيات (الهيبي).. فبتوجيه بليغ تمكن من تغيير سلوك الشاب بسرعة حين قال له: “هل تُريد أن أناديك بمولاي الشريف أم بإيطو” (كناية عن أن الشعر الطويل خاصية من خصائص الأنثى).. فما أن انتهى اللقاء حتى خرج الشاب إلى أقرب حلاق واختار طواعية أن يكون “مولاي الشريف” وليس “إيطو”..

مولاي اسماعيل.. قُدوة.. إذا كُنتم  تحبونه حقاًّ فأكملوا المشوار

لقد تبين لي من خلال هذا الحفل – الذي كان أكثر من مجرد تكريم – أن المُكرم الأستاذ مولاي اسماعيل هاروني علوي، يُعد بالفعل قُدوة حسنة لعاملين في قطاع الشباب من جهة وللعاملين في المجال التربوي – مهنيين كانوا أو مُتطوعين – من جهة ثانية. وهذا يُحملنا جميعا مسؤولية الاستمرار على الدرب الذي بدأه ورسم منهجه،فعلينا:

الاجتهاد في خدمة الطفولة والشباب بالرشيدية وكل الوطن بصدق وحسن نية..

الإسهام في سحب الأطفال والشباب من تيار “اللا معنى” وإرجاعهم إلى سكة العمل التربوي والثقافي الهادف، الذي يبني الإنسان وسواعد الوطن..

الاتحاد لإرجاع البريق للعمل التطوعي والجمعوي لنُسهم – كل من موقعه- في بناء الإنسان وتنمية الوطن..

كل عام ومولاي اسماعيل هاروني علوي بصحة وعافية.. ودام عطاؤه بحول الله..

مقالات ذات صلة

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى