
من رحم المعاناة، تبنى العزائم مبشرة بصبح جديد؛ جملة تلخص مسار حفيضة احدوش إبنة دوار اغذو مشيخة أنفكو جماعة أنمزي دائرة تونفيت التابعة ترابيا لإقليم ميدلت، و التي أصبحت رمزا لكفاح الفتاة القروية من أجل تحقيق طموحها في العلم و الرقي؛ رمز للعزائم الصلبة التي لا تلين أمام قساوة ظروف الطبيعية و العرف والمجتمع، بل و التي جعلت منها حافزا و صهارة لإبراز قيمتها الحقيقية، كما هو شأن الأحجار الكريمة.
حفيضة احدوش، إبنة بيئة قاسية، فصولها مميتة، وغير رحيمة البتة بالأطفال خصوصا، فمجرد ذكر المنطقة يحبس الأنفاس، فكانت حفيظة نموذجا للصمود من أجل البقاء، و من أجل رسم وجه جميل لمنطقة لا تسمع عنها إلا عند الحديث عن الأدنى في ميدان الطقس؛ كانت حفيظة تتلمس درب العلم في هذه البيئة بانتظار غد سيكون حتما جميلا؛ فكانت زيارة عاهل البلاد كدفعة قوية للمنطقة و ساكنتها بعد المشاريع التنموية و المهيكلة التي تم تشييدها بالمنطقة، مما شجع الكثير على المضي قدما في مسار التعلم خصوصا بعد بناء ثانوية أنفكو الإعدادية و التي كان لها الفضل في تقليص نسبة الهدر المدرسي، وتشجيع تمدرس الفتاة، والقطع مع ظاهرة الزواج المبكر.
حفيظة احدوش محتفظة بكل عزيمتها و إصرارها، تعود اليوم لتقدم أولى الثمرات، و لتعود لمنطقتها كمهندسة متخرجة من المدرسة المحمدية للمهندسين تخصص الهندسة المدنية، لتؤكد للجميع كيف تكون النتيجة مع الإصرار، و كيف ساهمت المبادرة الملكية في الدفع بالفتاة القروية نحو أفق رحب مليء بالنجاح و المزيد من النجاح، بعيدا عن الإرتهان لطقوس الوأد المزدوج: طبيعة قاسية، و زواج مبكر.
أصبحت المهندسة حفيظة احدوش، و تودى جعضيض بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، زهرة احدوش و نصيرة بوسكا خريجتي المدرسة العليا للأساتذة ببني ملال، رموزا و مثالا لعزيمة الفتاة القروية في تحديها لكل الصعوبات؛ و أكيد على أن الكثير من فتيات المنطقة سيحذون حذوهن، مبرهنات على قدرتهن لتحقيق كل إنجاز عظيم.