الرشيديةمجتمع

مشروع “تسقيف الموقع الأثري سجلماسة” يواجه عاصفة تنديد قوية من الجمعيات و مراكز الأبحاث المهتمة بالتراث

أصدرت مؤخرا مجموعة من الجمعيات ومراكز الأبحاث على الصعيد الوطني بيانا موجها للرأي العام حول “تسقيف الموقع الأثري سجلماسة”، معنونة إياه  بـ ” لا للكذب على التاريخ باستعمال المال العام”.

و أكد كل من المرصد الوطني للتراث الثقافي، جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، الجمعية المغربية للتراث، جمعية أمنير – المكتب الوطني، جمعية المبادرات المواطنة ، المركز الوطني للواحات ،جمعية ميران لحماية الآثار، جمعية الأطلس الصغير الغربي للسياحة الجبلية بوطروش سيدي إفني، مركز عبد الرحمان الركاز للأبحاث والدراسات، مركز الساقية الحمراء لحماية الآثار وتثمين التراث – الموقعون على البيان- أنها ومنذ مدة ليست بالقصيرة تتابع باستنكار سياسة طمس الذاكرة والإعتداء على التراث الوطني، و التي تجلت بوضوح في مشروع موقع سجلماسة؛ و هو المشروع الذي لن يعمل سوى على تشويه موقع سجلماسة التاريخي والأثري المرتب في عداد الآثار عام 2017، مع ما يرافق عملية التشويه تلك من إهدار 12 مليار سنتيم من المال العام.

و ثمن البيان الذي تتوفر جريدة “الجهة الثامنة” على نسخة منه، مبادرات الأستاذ لحسن تاوشيخت المدافعة على ضرورة تثمين هذا الموقع، مشددا – البيان- على ضرورة العمل على رفع الحيف عنه، وتقوية نسيج البحث الأثري به؛ من خلال طرح العديد من المقترحات الكفيلة بصون و المحافظة على هذا الموقع الأثري عبر اعتماد مجموعة من الآليات و التي تفترض كأولوية التوقيف الفوري لهذا المشروع “المشوه”، مع تحديد الجدوى من المشاريع التي يمكن أن تنجز بالموقع، والقيام بدراسات جدوى من مختصين وعارفين بالواقع الثقافي والتاريخي والإجتماعي لهذه المنطقة، إضافة إلى ترميم الشواهد الأثرية الظاهرة للعيان لا سيما القصبة الإسماعيلية، وسورها الممتد في الشمال وفي الغرب وفي الجنوب والمسجد الجامع والمرافق التابعة له، وبقايا الحصن، وهو الترميم الذي ينسجم مع المنظر الثقافي المعماري ويحفظ شكلها ورونقها، وكذلك وضع علامات التشوير وبطائق التعريف بالمعالم المتبقية.

و أضاف البيان آليات أخرى كفيلة بالمحافظة على هذا الموقع، و التي من بينها الاشتغال على ترتيب الموقع ضمن التراث العالمي بعد أن تم تسجيله في لائحة الآثار الوطنية بقرار وزاري رقم 2.17.691 بتاريخ 23 نونبر 2017 والصادر بالجريدة الرسمية عدد 6628 بتاريخ 7 دجنبر 2017، مع تفعيل الدور الحقيقي لكل من المحافظة الخاصة بالموقع ومركز للتعريف بالتراث وإعادة الإعتبار لمركز الدراسات والبحوث العلوية للقيام هو الآخر بدوره كما هو مسطر في قانون إحداثه، وتمكينه من الإمكانيات المادية والموارد البشرية للإضطلاع بمسؤولياته؛ مع التأكيد على ملحاحة وضع حد لاستغلال الموقع في أعمال لا تمت بصلة لعمقه التاريخي والحضاري؛ كالإستمرار في دفن الموتى في أجزاء مهمة من الموقع، ووجود ملعب لكرة القدم فوق منطقة حساسة منه عرفت بكونها موضع المعامل الحرفية، ناهيك عن وجود مجزرة بلدية ومركز   سوسيو-ثقافي في الجزء الحساس للموقع حيث توجد بقايا السور السجلماسي.

كما دعا بيان الجمعيات ومراكز الأبحاث إلى تنظيف الموقع من النفايات والأتربة المترتبة عن أشغال الهدم والبناء، والحد من الروائح الكريهة المنبعثة من المجزرة، مع خلق ممرات لتنظيم الزيارة الثقافية للبقايا الأثرية والمعمارية وغلق كل المسالك التي تعبر الموقع في كل الاتجاهات وبالتالي المحافظة على حرمة مكونات الموقع المتسمة بالحساسية والهشاشة.

و انتقد البيان وزارة الشباب والثقافة والتواصل في إهمالها لهذا الموقع، و عدم المبادرة إلى رد الإعتبار لهذا الموقع الشامخ الذي يحتفظ في طواياه بكنوز الذاكرة، وليس طمسه داخل إطار معدني عملاق هجين لا علاقة له بثقافة المكان ولا تاريخه؛ موضحا – البيان- على أن موقع سجلماسة ليس بحاجة إلى سقف معدني، لا سيما وأنه سيشوه المنظر الثقافي العام وسيضفي أكذوبة عملاقة على التاريخ الإنساني لموقع أعطى الإنسانية الكثير؛ و أنه حري بوزير الشباب والثقافة والتواصل أن يعرف على أن الإستثمار الحقيقي في الثقافة هو الإستثمار في الإنسان وأن يعمل وفق هذا المنظور على تقوية الكوادر البشرية العاملة في التراث الثقافي، وأن يترك جانبا الأحلام المعدنية، فمبلغ 12 مليار سنتيم يمكن أن يثمن عاليا موقع سجلماسة الأثري وغيره من المواقع التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة، فالعديد من محافظات المواقع الأثرية لا تتوفر حتى على الماء الصالح للشرب، ومواقع أخرى لا تتوفر حتى على حراسة قارة وثابتة، ولولا انخراط النسيج الجمعوي وفعاليات المجتمع المدني في إنقاذ شواهد الذاكرة الحضارية لاختفت عشرات المواقع.

و أكد البيان في الأخير على أن الجمعيات الموقعة على البيان، و انطلاقا من اهتماماتها بالتراث الوطني وحمايته، ستبقى حريصة أشد الحرص على تثمين كل عمل جاد يرمي إلى تأهيل مواقع التراث المغربي، لكنها لن تتوانى في التصدي لكل التشوهات التي تطال تراثنا الوطني المادي وغير المادي فوق أي شبر من وطننا العزيز.

مقالات ذات صلة

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى