الرشيديةمنبر الجهة8

يوسف الكوش يكتب…الرشيدية على صفيح انتخابي ساخن: من يمسك بخيوط اللعبة؟

على بعد حوالي سنة من المحطة الإنتخابية المقبلة، بدأت حرارة السباق السياسي ترتفع تدريجيًا في مدينة الرشيدية، لتطفو على السطح تحركات مبكرة لعدد من الوجوه الحزبية المعروفة، وأخرى جديدة تسعى لتلمس طريقها نحو المشهد المحلي عبر بوابة التزكيات الحزبية.

ورغم الفاصل الزمني الذي يسبق الدخول الفعلي في الأجواء الانتخابية، فإن ما يشهده الإقليم من لقاءات غير رسمية، وظهور لافت لعدد من “المرشحين المحتملين” في الأنشطة الجمعوية والفعاليات العمومية، يعكس حالة من التربص و الإستعداد المبكر والمحموم، والتي بدأت ترسم ملامح السباق نحو المجالس المنتخبة القادمة.

ما يلفت الانتباه بشكل خاص في مدينة الرشيدية هو هذا الاندفاع المحموم و المتزايد نحو الحصول على التزكية الحزبية، الذي تحول إلى حلبة تنافس قائمة بذاتها؛ إذ لم يعد المعيار لدى العديد من الأحزاب هو البرنامج الانتخابي أو الكفاءة السياسية، بل مدى القرب من دوائر القرار داخل التنظيمات، أو القدرة على تحصيل دعم انتخابي مضمون.

و يعكس هذا الواقع، في نظر عدد من المتابعين المحليين، اختلالًا بنيويا في الحياة الحزبية بالإقليم، حيث ما زالت بعض التزكيات تُمنح وفق منطق الولاء والمصالح الضيقة، لا من منطلق الكفاءة أو الالتزام السياسي و التنظيمي، وهو يزيد من تعميق فجوة الثقة بين المواطن والعمل الحزبي، إن لم نقل السياسي بشكل عام مع بعض التحفظ في هذا الصدد.

و يلاحظ في ذات السياق، أن بعض الأحزاب بدأت تراهن من جديد على وجوه انتخابية “محروقة” سبق لها أن خاضت التجربة، بما فيها تلك التي أثير حولها الكثير من الجدل خلال فترات انتدابية سابقة، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى جدية الأحزاب في تجديد نخبها السياسية المحلية، وفتح المجال أمام طاقات جديدة يمكنها التفاعل مع التحولات التي تعيشها المدينة، وخاصة ما يتعلق منها بالتحديات التنموية.

في المقابل، فإن الرهان الدائم على “الأسماء المجربة” لا يخلو من مخاطر، خصوصًا إذا كان ذلك على حساب فئات شابة وفاعلين جدد يحملون أفكارا بديلة وطموحات مشروعة.

ورغم التعقيدات التي يعرفها أو يمكن أن يعرفها المشهد، يمكن أن نسجل بعض المؤشرات الإيجابية التي تلوح في الأفق، إذ بدأت بعض الوجوه الشابة، والفاعلين الجمعويين في التعبير عن رغبتها في اقتحام غمار السياسة المحلية، مستندين إلى رؤى جديدة، وخطاب يُلامس انشغالات الساكنة، خاصة في ملفات التنمية، البنية التحتية، التعليم، والصحة؛ غير أن الطريق أمام هذه الفئة لازال محفوفًا بالصعوبات، في ظل هيمنة منطق الولاءات والمحسوبية داخل بعض التنظيمات، وضعف آليات التأطير السياسي الحقيقي داخل الأحزاب.

التحركات التي تعرفها الرشيدية اليوم، وإن بدت جد مبكرة، فهي تعكس في جوهرها حالة من الترقّب الحذر، والاستعداد القبلي للتعامل مع كل ما يمكن أن تفرزه الخريطة الانتخابات الجماعية والبرلمانية المقبلة؛ كما أن هذه التحركات تشكل فرصة مناسبة للجواب على أسئلة محورية طالما فرضت نفسها وبإلحاح طوال الفترات السابقة.

هل نريد استمرار نفس النخب التمثيلية، بنفس الخطابات، ونفس النتائج؟ أم أن اللحظة تفرض على الفاعلين السياسيين والحزبيين مراجعة جذرية في منهجياتهم  وتوجهاتهم؟ وهل سيستطيع المواطن الرشيدي، في النهاية، أن يُحدث الفارق من خلال صوته الانتخابي الحر والواعي؟

الجواب على هذه الأسئلة سيبقى رهينً بمخرجات اللقاءات التشاورية لوزارة الداخلية و الفاعلين السياسيين حول المحطات الإنتخابية المقبلة،  وكذا رهين بقدرة الناخبين محليا على دفع الأحزاب السياسية محليا إلى تجديد نخبها و التخلص من الوجوه التي أصبحت الساكنة تجاهر باشمئزازها من رؤيتها في المجالس التمثيلية و لو ” لتعمار أتاي”، إضافة إلى قدرة الأحزاب السياسية على بلورة قرارها المحلي بعيدا عن قرارات مركزية هوجاء لقيادات لا علم لها بالبث و المطلق بخصوصيات الواقع المحلي، مما يجعلها “تزكي” وجوه فاسدة زرعت الخراب أينما حلت و ارتحلت و اسألوا التنظيمات التي زاروها تأتيكم بالخبر اليقين؛ ويبقى الرهان الأخير هو في مدى قدرة الأحزاب على تقديم إجابات نابعة من آلالام و آمال “ولاد البلاد ” بحق.

 

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى