الرشيديةمجتمع

الجرف: ليلة استثنائية تتحول إلى مأساة إنسانية بقصر المنقارة بسبب فيضان وادي البطحاء

من قلب قصر المنقارة، التابع لجماعة الجرف، ترصد جريدة “الجهة الثامنة” تداعيات فيضان وادي البطحاء الذي حوّل ليلة هادئة إلى ساعات من الرعب والقلق، فمع الارتفاع المفاجئ لمنسوب المياه، غمرت السيول أزقة القصر بسرعة، واقتحمت المنازل الطينية، مخلفة خسائر مادية جسيمة، وحالة من الهلع في صفوف الساكنة.

وحسب معطيات استقتها الجريدة من عين المكان، فقد أسفر الفيضان عن انهيار عدد كبير من المنازل بشكل كامل، فيما تضررت أخرى بدرجات متفاوتة، ما دفع عدداً من الأسر إلى مغادرتها اضطراراً، بحثاً عن مأوى آمن لدى الأقارب والجيران، المشهد كان قاسياً، جدران متشققة، أثاث مغمور بالمياه، وأطفال ونساء يعيشون لحظات خوف حقيقية.

الساكنة عبّرت، في تصريحات متفرقة لـجريدة “الجهة الثامنة”، عن استيائها من تكرار هذا السيناريو المؤلم، وأكد العديد منهم أن الخطر كان متوقعاً، خاصة بعد انهيار الحائط الوقائي الذي كان يشكل خط الدفاع الأول للقصر في مواجهة الوادي، إضافة إلى تغييرات طرأت على مجرى وادي البطحاء بسبب أنشطة فلاحية في محيطه، ما ساهم في توجيه السيول مباشرة نحو التجمع السكني.

وفي ظل غياب تدخل فوري، برزت مظاهر التضامن بين أبناء القصر، حيث سارع الجيران والشباب إلى مساعدة الأسر المتضررة، وإخراج الممتلكات، وتأمين الأطفال وكبار السن. غير أن هذا التضامن، رغم أهميته، لا يخفي حجم الخطر القائم، خاصة مع استمرار التساقطات واحتمال تجدد الفيضانات.

وتعيد هذه الواقعة إلى الواجهة إشكالية حماية القصور الطينية من أخطار السيول، وضرورة اعتماد مقاربة وقائية حقيقية تقوم على العدالة المجالية، وتوفير بنى تحتية قادرة على حماية الأرواح قبل الممتلكات، فساكنة قصر المنقارة، اليوم، لا تطالب سوى بالأمان، وبحلول استعجالية وجذرية تضع حداً لمعاناة تتكرر مع كل موسم أمطار، حتى لا تتحول الكوارث الطبيعية إلى مآسٍ إنسانية متواصلة.

وفي السياق ذاته، أصدرت الساكنة بيانًا إعلاميًا أكدت فيه أن ساكنة قصر المنقارة، التابع لجماعة الجرف بإقليم الرشيدية، تعيش على وقع قلق متزايد عقب الفيضانات الخطيرة التي شهدتها المنطقة مؤخرًا، والتي تسببت في دخول مياه السيول إلى عدد من الأحياء السكنية، ومحاصرة منازل، إلى جانب تسجيل انهيارات جزئية وكليّة لبعض المساكن، مخلفة حالة من الخوف والهلع في صفوف السكان، ومهددة سلامة الأرواح والممتلكات.

وأضافت ساكنة قصر المنقارة، في البيان الإعلامي الذي توصلت جريدة “الجهة الثامنة” بنسخة منه، أن هذه الفيضانات لا يمكن اعتبارها نتيجة للعوامل الطبيعية وحدها، بل تعود أساسًا إلى تدخلات بشرية غير قانونية ساهمت بشكل مباشر في تفاقم الوضع. وأوضحت أن إحداث أربع ضيعات فلاحية داخل مجرى واد البطحاء ومنابع السواقي، وما رافق ذلك من حفر للآبار وغرس للنخيل وتغيير لمسار الجريان الطبيعي للمياه، أدى إلى توجيه السيول نحو المجال السكني بدل مساراتها المعتادة.

وأشار البيان إلى أن هذه الممارسات تسببت في أضرار جسيمة بالمنظومة المائية التقليدية، حيث تم تسجيل موت عدد من الخطّارات التي تمثل موردًا مائيًا جماعيًا وعنصرًا من التراث المحلي للمنطقة. كما أدى الضغط الناتج عن السيول المحرّفة إلى تهدم الحائط الوقائي الذي كان يحمي هذه الخطّارات، مما نتج عنه ردم عدد كبير من آبارها وإخراجها من الخدمة بشكل نهائي، حتى في حال عودة المياه إلى منابعها الأصلية.

واعتبرت الساكنة في بيانها أن ما جرى يشكل تعديًا سافرًا على الملك العمومي المائي، وخرقًا واضحًا لمقتضيات قانون الماء رقم 36.15، فضلًا عن كونه مساسًا مباشرًا بعدد من الحقوق الأساسية، من بينها الحق في السلامة الجسدية، والحق في السكن الآمن، والحق في العيش داخل بيئة سليمة، محذرة من أن استمرار هذه الخروقات يهدد التوازن البيئي والاجتماعي للمنطقة.

وفي السياق نفسه، طالبت ساكنة قصر المنقارة الجرف بفتح تحقيق عاجل ومستقل لتحديد الجهات التي رخصت لهذه الاستغلالات الفلاحية داخل مجاري المياه، مع ترتيب المسؤوليات القانونية واتخاذ الجزاءات اللازمة في حق المتورطين. كما دعت إلى الوقف الفوري لكل استغلال فلاحي غير قانوني داخل مجرى المياه، وإعادة تأهيل الخطّارات والحائط الوقائي المتضرر، إلى جانب اتخاذ تدابير استعجالية ووقائية كفيلة بحماية الساكنة من تكرار مثل هذه الكوارث.

وختمت الساكنة بيانها بالتأكيد  أن الصمت عن هذه الخروقات من شأنه أن يفاقم المخاطر ويهدد مستقبل قصر المنقارة، داعية مختلف الجهات المعنية إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، والتدخل العاجل لحماية الأرواح والممتلكات، وصون الملك العمومي المائي من كل أشكال التعدي.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى