لكروح يكتب … ريان قيمة الإنسان_درس للتاريخ

ذ.أحمد لكروح
كل ما في الكون ثمين وشريف ، لكن أثمنه وأشرفه على وجه الإطلاق هو تلك القيمة التي يحظى بها الإنسان ، فهو الكائن الذي لا حدود لكيانه ، بيد أن جل الناس لا يعتقدون ما أعتقده حسب اختلاف موازينهم لقياس الكتلة الرمزية لقيمة هذا الكائن المثير للجدل، فمنهم من يعتمد على ميزان الصفة أو المهنة في المجتمع ، ومنهم من يجعل الثروة مقياسا لتحديدها، ومنهم من يحددها بمقدار ما يجهل وما يعلم، والبعض الآخر يعتمد في ذلك على كفتي ميزان الفضيلة والرذيلة.
إن المقاييس كانت تختلف ، لكن عندما جاء البطل ريان تبددت كل الموازين وظهر ميزان واحد موحد دون كفتين تجلى في ميزان الإنسانية ، ميزان تشعر في حضرته بأن الكل واحد ولا مجال للاختلاف في هذا الشعور ، فالكل أصبح أبا وأما وأخا لريان ، فهذا البطل لم يغمض عينيه ولم يرحل إلا بعد أن علم العالم بأكمله معنى أن تكون إنسانا بكامل إنسانيته ، إنسانا يعتبر غيره كنزا ثمينا تفوق قيمته الأحجار الكريمة والذهب والفضة والكنوز بمختلف تلاوينها ، إنسانا لا يفرق بين قيمة حياة شاب يافع أو شيخ هرم على حافة القبر أو طفل ورضيع، إنسانا لا يفرق بين الذكر والأنثى أو الفقير والغني ، إنسانا لم يكن لديه وقت في التفكير في معتقد أو دين أسرة ريان ، إنسانا كان همه الوحيد طيلة خمسة أيام هو رسم الفرحة على وجوه الملايين وليس فقط عائلته الكبيرة وأسرته الصغيرة.
ريان علمنا درسا للتاريخ، علمنا معنى الإنسانية بمفهومها الواسع الذي يتمثل في الإحسان أو فعل الخير دون تمييز حسب الأنساب أو الأحساب ، الفقر والغنى ، الحسن والبشاعة ، المعتقد وخلافه ، الرتب والمقامات ، الذكر والأنثى، الطفل والرضيع، الشيخ الهرم والشاب اليافع ، فكأنه بذلك يقول لنا ، أنتم واحد ولا يمكن أن تكون قيمة واحد منكم أقل قيمة من الآخر،فقيمتكم في الكل وليست في الجزء.
علمنا ريان معنى الصبر والصمود، علمنا ريان معنى الوطن والشعور بالانتماء له والفخر بكونه حرك جبلا كاملا من أجل إنسان واحد ، علمنا ريان معنى قيمة الإنسان.
لا داعي للحزن يا أم ريان ، فلترفعي رأسك وتفتخري بأن أنجبتي طفلا كانت مهمته عسيرة وناجحة، فلتفتخري بأن طفلك علم البشرية جمعاء درسا عظيما لا يمكن لأي كان أن يقدمه أمام الملايير.
لقد رحل جسد ريان ولكن روحه الطاهرة ستظل حاضرة في قلوبنا جميعا ، فبقدر الأسى و الحزن على فراقه ، بقدر الشعور بالحب والتقدير والثناء والعرفان لكل من ساهم في محاولة ناجحة رغم نهايتها الحزينة في دك الجبل من أجل إنقاذ حياة الإنسان دون ملل أو كلل !