الرشيديةسياسة

تحقيق الجهة 8: الحلقة الأولى…على ضوء تقرير المجلس الجهوي للحسابات ، الخنك جماعة خارج الزمن القانوني والتنموي

اصدر المجلس الجهوي للحسابات بجهة درعة تافيلالت تقريرا مفصلا برسم السنة المالية 2021، حيث قام هذا الأخير بمهمة رقابية لجماعة الخنك برسم السنوات المالية الممتدة من 2016 الى 2020 من خلال دراسة وتحليل المعلومات والمعطيات المستخلصة من  الوثائق والمستندات  المالية والمحاسباتية ،وكذا إجراء المعاينة الميدانية للتدبير الفعلي لهذه الجماعة، وقد أسفرت هذه العملية الرقابية على رصد مجموعة من الإختلالات في العديد من المجالات و التي أجملها التقرير في 67 ملاحظة، وتنويرا للرأي العام بمضمون هذه الملاحظات ستعمل الجهة 8 على التطرق لهذا التقرير عبر حلقات.
الحلقة الأولى : جماعة الخنك  وسؤال الحكامة والتدبير
مساحة شاسعة وخدمات أساسية مفقودة

 
رغم أن جماعة الخنك من الجماعات القديمة الإنشاء، إذ يعود تاريخ إحداثها الى 1973 بمقتضى المرسوم رقم 2.77.784 بتاريخ 14 غشت 1973 و إلحاقها إداريا بدائرة الرشيدية، ولها امتداد جغرافي على مساحة تقدر ب 5700 كلم مربع ولها حدود شمالية مع جماعة كرس تعلالين، وغربية مع بوذنيب وكرامة، وحدودا شرقية مع جماعتي تاديغوست وغريس وجنوبا جماعتي الرشيدية وشرفاء مدغرة، ولها كثافة سكانية تقدر ب 14.137 نسمة حسب معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى 2014، بكثافة سكانية تقدر ب 2.5 نسمة لكل كلم مربع، موزعين على 39 دوار، وتتوفر الجماعة على موارد مائية جوفية وسطحية مصدرها وادي زيز، مما يجعل النشاط الفلاحي المعيشي هو النمط الإقتصادي المهيمن على نشاط الساكنة.
والملاحظ أنه رغم هذه المعطيات فإن الجماعة تعرف خصاصا كبيرا على مستوى الخدمات الأساسية كالطرق وشبكات التزود بالماء الشروب والتطهير والخدمات الصحية …الخ، وقد بلغت مداخيل التسيير لجماعة الخنك برسم سنة 2020 ما يعادل 5.7 ملايين درهم، منها 4.5 مليون درهم برسم حصتها من منتوج الضريبة على القيمة المضافة، أي ما يمثل 78% من مجموع مداخيل التسيير، أما بالنسبة لمصاريف التسيير الجماعية خلال نفس السنة فقد بلغت 5,3 مليون درهم دون احتساب فائض الجزء الأول، من هذه المصاريف ما يناهز 3,5 مليون درهم ككتلة أجور خاصة للموظفين، وهو ما يشكل 66% من مصاريف التسيير الفعلية.
جماعة  بدون بوصلة وسلطات الوصاية في دار غفلون .
بالرغم من الترسانة القانونية التي وضعها المشرع لتجويد العمل الجماعي، ومنها تخويل مجموعة من الإختصاصات للجماعات كاختصاصات ذاتية  بموجب  المادة 78 من القانون التنظيمي رقم 113,14  المتعلق بالجماعات منها برنامج الجماعة كوثيقة مرجعية وتوجيهية أساسية محددة لجميع أوجه التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي تعتزم الجماعة إنجازها خلال فترة ولايتها الإنتخابية، غير أن التشخيص المنجز من طرف المجلس الجهوي للحسابات كشف العديد من الإختلالات الفاضحة على هذا المستوى، إذ بالرجوع لأداء المجلس الجماعي وإعداد وتنفيذ برنامج عمل الجماعة خلال الفترة الانتخابية الممتدة من 2015 الى 2020 يمكن القول على أن المجلس الجماعي للخنك قد عرف تأخرا غير مفهوم في المصادقة على برنامج العمل، إذ أنه وبعد  انتخابات  4 شتنبر  2015 وتشكيل المكتب بتاريخ 17 شتنبر 2015 فالغريب هو عدم المصادقة على برنامج عمل الجماعة إلا في الدورة الإستثنائية  المنعقدة بتاريخ 15 نونبر 2018 أي بعد ثلاث سنوات على تشكيل المجلس وهو ما يشكل خرقا سافرا لمقتضيات المادة 78 من القانون التنظيمي رقم  113,14  المتعقل بالجماعات والمادة الرابعة من المرسوم رقم 2.16.301  الصادر في 29/06/2016 المتعلق بمسطرة اعداد برنامج الجماعة والذي يلزم الرئيس خلال السنة الأولى من مدة انتدابه باتخاذ قرار إعداد برنامج العمل بعد اجتماع اخباري وتشاوري مع أعضاء المكتب ورؤساء اللجان الدائمة … والسؤال المطروح بناء على هذا المعطى: كيف تم تدبير السنوات الثلاث من عمر المجلس؟ ومدى قانونية القرارات و المشاريع المرتبطة بهذه المرحلة؟ والسؤال الأهم أين  كانت سلطات الوصاية  وما مصير المواد 69 و70 من الظهير الشريف رقم 297-02-1 صادر في 25 من رجب 1423 (213 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي والتي تؤكد على عدم قابلية التنفيذ بالنسبة للمقررات الجماعية إلا بعد مصادقة سلطة الوصاية عليها؟
إضافة الى هذا فبرنامج العمل الخاص بالجماعة برسم 2017/2022 والمتضمن ل76 مشروع بكلفة مالية اجمالية قدرت ب 208 مليون درهم والذي من المفروض فيه تقديم أجوبة ملموسة  على الخصاص المهول في الخدمات الأساسية للمواطنين وخاصة ما يتعلق بالبنيات التحتية والتجهيزات والمرافق الاقتصادية والاجتماعية، فالملاحظ على أن هذا البرنامج لم يراعي بشكل سليم القواعد الأساسية المعتمدة في مجال البرمجة التوقعية ولاسيما من ناحية تحديد الموارد المالية اللازمة والجدولة الزمنية الملزمة لتنفيذ المشاريع، ومساهمات الشركاء، والملاحظ كذلك هو تسجيل تقرير المجلس الجهوي لغياب التزامات للشركاء في انجاز المشاريع المدرجة في برنامج عمل الجماعة مترجمة في وثائق ملزمة ( محاضر، اتفاقيات، عقود…) كضمانة قانونية تترجم وتلزم الجهات الموقعة عليها على الالتزام بها وضمان انجازها وخاصة تلك المشاريع الممولة بشكل كلي من الشركاء، إذن فمرحلة التشخيص والبرمجة التي أفرزت برنامج عمل الجماعة لم يأخذ بعين الإعتبار كيفية تعبئة الموارد المالية اللازمة لتمويل المشاريع وفق جدولة زمنية دقيقة.
والجدير بالملاحظة هو أن مساهمة الجماعة في تمويل برنامج العمل قدرت ب 28 مليون درهم أي ما يمثل 13 % من الكلفة الإجمالية للمشاريع المبرمجة وأنه وبالنظر للموارد الذاتية للجماعة أي فوائض الجزء الأول من الميزانية الرئيسية والمحققة على مدى 6 سنوات الممتدة من 2017/2022 ،فإن القدرة التمويلية للجماعة في انجاز المخطط بلغت فقط 6.25 مليون درهم، مما يدل بشكل واضح على أن القدرة على الإستثمار المتوفرة للجماعة غير كافية تماما للوفاء بمساهماتها في انجاز المشاريع المدرجة ببرنامج العمل، كما يمكن عند تفحص وثيقة برنامج العمل ملاحظة غياب أي تصور شامل ومفصل بخصوص تحديد أجال التجهيزات الأساسية والمشاريع ذات الأولوية بالنسبة للجماعة، وتحديد الخصائص التقنية والمالية اللازمة لها، إضافة الى غياب الدراسات  التقنية القبلية ودراسات الجدوى الخاصة بالمشاريع وتحديد الأهداف ومدة الإنجاز، وغياب بطائق تعريف وتتبع انجاز المشاريع، إذ اقتصر المجلس الجماعي للخنك على الإكتفاء فقط بتحديد التكلفة الإجمالية الجزافية للمشاريع المبرمجة، والموكول انجازها للجماعة في غياب اتفاقيات شراكة مع باقي المتدخلين،  دون أن ننسى حالة الشرود القانوني التي كان يعيش على ايقاعها المجلس الجماعي للخنك مما فتح الباب لحالة تسيب اداري وصل للحد الذي ظل فيه أعضاء بالمجلس في حالة غياب دائم على امتداد عدة دورات دون أن يشكل ذلك أي حرج لرئيس المجلس ومكتبه، ونذكر هنا حالة العضوة ( ن.ع) في استهتار تام  للرئيس ومكتبه المسير بالمادة 67 من القانون التنظيمي 113.14  .
إضافة الى هذه التجاوزات المرصودة من طرف المجلس الجهوي للحسابات، فإن المجلس الجماعي للخنك وخلافا لمقتضيات المادة 92 من القانون التنظيمي رقم 113.14 وأحكام المواد 169 و 171 و 172 من هذا القانون قد عمد الى فتح حسابات خصوصية واعتمادات جديدة بميزانية الجماعة بموجب تراخيص خاصة وبرامج استعمال دون عرضها على أنظار المجلس الجماعي …؟ كتلك الواردة برسم 2018 والمتعلقة ببناء قاعة متعددة التخصصات، دراسة وبناء ثمان قاعات للدراسة في المؤسسات التعليمية التابعة لجماعة الخنك، وتلك المتعلقة بتهيئة أربعة ملاعب للقرب بقصور تسكدلت، أيت خليفة، القصر الجديد وأيت عثمان .
وينضاف الى كل هذا أن المجلس الجماعي للخنك لم يعمل على إحداث ” هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع كهيئة استشارية ” المنصوص عليها في المادة 120 من القانون التنظيمي رقم 113.14 إلا بعد مرور أكثر من 3 سنوات على انتخاب المجلس الجماعي أي خلال الدورة الإستثنائية المنعقدة بتاريخ 26 يوليوز 2018 ، ورغم هذا فالجدير بالذكر على أن هذه الهيئة ولدت ميتة منذ البداية إذ لم تجتمع ولو لمرة واحدة منذ تشكيلها.
دعم الجمعيات، إنتقائية مجحفة وشفافية مفقودة
بالرجوع لتقرير المجلس الجهوي فإن من بين الملاحظات المسجلة على المجلس الجماعي للخنك غياب الشفافية فيما يتعلق بالدعم الموجه للجمعيات بالخنك والذي يتوفر على نسيج جمعوي لابأس به إذ يقدر ب 122 جمعية و17 تعاونية ، وبالرغم من حجم الدعم العمومي الذي تلقاه النسيج الجمعوي بالخنك يبقى  جد ضعيف حيث قدر ب 420 ألف درهم  خلال الفترة الممتدة ما بين 2016 و 2020 فإن الإشكال المطروح بالنسبة للدعم هو في غياب معايير شفافة وواضحة قبلية محددة لشروط الإستفادة، وذلك وفق دفتر تحملات، وبرنامج تراعى فيه الأولويات والإستراتيجيات المسطرة في برنامج عمل الجماعة، ووفق أهداف مسطرة ومحددة، ينضاف إلى هذا غياب تام لتسجيل طلبات الدعم الخاصة بالجمعيات بسجل كتابة الضبط مما يحول دون معرفة طلبات الجمعيات التي رفضت طلباتها للدعم وتتبع مسار كل ملف على حدة، مع تسجيل حرمان الجمعيات عامة من الدعم سنة 2016، وصرفه بشكل جزئي سنوات 2017 و2020 رغم توفر الإعتمادات لذلك والبالغ  على سبيل المثال 80.000.00  درهم كدعم خاص بالجمعيات سنوات 2019  و2020   حسب التنزيل المالي 13/10.10 .20 .2 ؟ ينضاف لهذا أن المجلس الجماعي المنعقد بتاريخ 2 ماي 2018 في دورته العادية قد صادق على مقرر متعلق بالمصادقة على توزيع الدعم لفائدة الجمعيات بتراب الجماعة حيث خصصت لذلك مبلغ 50.000,00 درهم  حسب محضر الدورة المذكورة، لكنه وبالرجوع للوثائق المثبتة للدعم المقدم لفائدة الجمعيات تبين على أنه وبرسم السنة المالية 2018، فقد بلغ الدعم الإجمالي المقدم ما مجموعه 160.000.00 درهم ؟ ينضاف الى كل هذه الإختلالات تعمد رئيس المجلس حرمان مجموعة من الجمعيات من الدعم المخصص لها من طرف المجلس في خرق تام للقانون ولقرارات المجلس مما يطرح سؤال الشفافية ويسائل المجلس الجماعي ومكتبه المسير في شخص رئيسه عن الخلفيات الحقيقية وراء إقصاء الجمعيات من الدعم واعتماده لمبدأ انتقائي لا يعلم خلفياته الا الرئيس السابق والراسخون في العلم من محيطه…

مقالات ذات صلة

Back to top button

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى