
أمين الحسناوي
في خطوة غير متوقعة، تم منع حزب العدالة والتنمية من تنظيم لقاء تواصلي في قاعة عمومية بمدينة الرشيدية، وهو القرار الذي أثار الكثير من الجدل بين المواطنين والمتابعين للشأن المحلي. كان اللقاء المزمع عقده يهدف إلى مناقشة حصيلة المجلس الجماعي لمدينة الرشيدية منذ انتخابات 8 شتنبر 2021، إلا أن قرار المنع رفع العديد من الأسئلة حول حرية الأحزاب في التعبير السياسي وتواصلها مع المواطنين في إطار الممارسة الديمقراطية.
يعد هذا المنع مثالًا على القيود التي قد تواجهها الأحزاب السياسية في ممارسة حقها المشروع في تنظيم الأنشطة السياسية واللقاءات التوعوية. في وقتٍ تعاني فيه العديد من الأحزاب من عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية، يبدو أن هذا النوع من القرارات قد يزيد من الإحباط ويغذي الشكوك حول نوايا السلطة في دعم الديمقراطية والحريات العامة.
من المؤكد أن قاعات عمومية هي مرفق عام يحق لجميع الأحزاب السياسية استخدامها، وفقًا لما تنص عليه القوانين والأنظمة. ولكن في ظل منع حزب سياسي من ممارسة حقه في تنظيم لقاء عام، يبقى التساؤل المطروح: هل هناك فعلاً إرادة سياسية حقيقية لدعم التعددية الحزبية وحرية التعبير، أم أن هناك محاولات غير مباشرة لتوجيه الأنشطة السياسية بما يتماشى مع مصالح معينة؟
المنع في هذه الحالة لا يعكس فقط تقييدًا لحرية الأحزاب السياسية، بل يؤثر أيضًا على قدرة المواطنين على الوصول إلى المعلومات والتفاعل مع الفاعلين السياسيين. في دولة تسعى لتعزيز الديمقراطية، ينبغي أن تكون الآليات القانونية والسياسية مهيئة لضمان حق كل حزب في التواصل مع قواعده الانتخابية والمجتمع المحلي بشكل عادل وشفاف.
إن منع اللقاءات السياسية قد يؤدي إلى تعزيز العزوف السياسي، إذ يشعر المواطنون بأنهم غير قادرين على التعبير عن آرائهم أو التفاعل مع القضايا المحلية بحرية. ومع مرور الوقت، يمكن أن تتضاءل الثقة في المؤسسات السياسية، وتصبح المشاركة في الانتخابات مجرد روتين لا يحمل أي معنى حقيقي.
مما لا شك فيه، أن القوانين التي تنظم الأنشطة السياسية، من استخدام القاعات العمومية إلى تنظيم الاجتماعات العامة، يجب أن تكون واضحة وعادلة لجميع الأطراف. في حال كان القرار يعكس تمييزًا أو انتقائية في تطبيق القوانين، فهذا يضر بالممارسة الديمقراطية ويساهم في تآكل الثقة في النظام السياسي.
ختامًا، لا بد من التأكيد على أهمية التواصل السياسي الحر في تنمية الحياة الديمقراطية المحلية، وعلى ضرورة أن تظل الفضاءات العمومية مفتوحة للجميع، بعيدًا عن التوجيهات التي قد تؤدي إلى خلق بيئة معادية للأنشطة السياسية وتساهم في الإضرار بالتعددية الحزبية في البلاد.