تفاجأ الرأي العام المتتبع للشأن الجهوي، خصوصا ما يسنه مجلس جهة درعة تافيلالت، من سياسات تنموية، و ما ينشر على وسائل الاعلام يقول بفشل هذه السياسات أو باتجاهها نحو الفشل، ببلاغ صادر عن مجلس الجهة، يحمل توقيع غير مسمى، دخل طولا و عرضا في اللغة العربية، و نزع عنها قواعد النحو والاملاء وحتى المنطق.
و بدأ البلاغ ب “خلافا لما تروجه بعض المنابر الإعلامية والمواقع الالكترونية”، بيد أن المتتبعين للشأن الجهوي، يعلمون حق المعرفة، أن الجهة8 كانت هي السباقة الى نشر خبر رفض وزارة الداخلية لبرنامج التنمية الجهوية لدرعة تافيلالت، و الجهة8 قد تكون منبرا إعلاميا أو موقعا الكترونيا (إخباريا)، و يستطيع المواطن البسيط أن يميز بين منبر إعلامي و موقع الكتروني، إذ هذا الأخير يشير إلى نوع الحامل، وهذا الحامل قد لا يكون صحفيا أو اعلاميا بالضرورة، بينما الأول يحيل إلى منبر إعلامي، أي يتخصص في إنتاج و بث المواد الاعلامية والصحفية، فلم يكن هناك من داع إلى إيراد الكلمتين داخل بداية بلاغ هو الأول من نوعه في مسيرة اهرو أبرو، رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت.
و زاد البلاغ، في القول “من أخبار مغلوطة و غير صحيحة، بخصوص برنامج التنمية الجهوية لجهة درعة تافيلالت لإثارة الشك و البلبلة” ، إذ أن المجلس لم يكن شجاعا ويسند الغلط و عدم الصحة إلى جزء من الأخبار التي نشرتها “الجهة8″، التي أحجم عن ذكرها في بلاغه رغم أنها أوجعته بتناولها لأكبر قضية يهتم لها الرأي العام الجهوي، إذا ما سلمنا أنه بالفعل أخبارنا كانت “أخبارا مغلوطة وغير صحيحة”، ثم لقد اتهمنا المجلس، هيئة دستورية، بإثارة الشك والبلبلة، لأننا نشرنا خبرا يعلم الرئيس دون الأعضاء أنه صحيحا، و أن الملاحظات التي تقدمت بها الوزارة جوهرية، و مست البنية العامة للبرنامج و توجب اعادة الصياغة و اعادة التداول والمصادقة و الارسال من اجل التأشير من جديد (سنبين المسطرة فيما بعد)، فنحن نعم نود إثارة الشك والبلبلة بنشرنا لكل هذه المعطيات الصحيحة، و نعتز بذلك، لأن كشف الحقيقة و نشرها للعموم يسيطر على عقولنا.
نتقدم في طرح ما جاء البلاغ، حيث أورد “فإن برنامج التنمية الجهوية لجهة درعة تافيلالت، لم يتم رفض التأشير عليه من طرف وزارة الداخلية، ولم توصي الوزارة بإعادة صياغته و عرضه من جديد على المجلس للمداولة والمصادقة، و إنما وعلى العكس من ذلك، وعلى فرار ما تم القيام به مع الجهات الأخرى التي سبقت مجلس جهة درعة تافيلالت، في ذلك، وفي إطار الدور المنوط بالمديرية العامة للجماعات الترابية في التعاون ومواكبة الجماعات الترابية في إعداد برامجها التنموية، فقد تم تسجيل مجموعة من الملاحظات و طلب بعض التوضيحات، قامت إدارة الجهة بالاستجابة اليها بطريقة كاملة و فورية “، يعترف المجلس أن شيئا ما يجري فيما يتعلق ببرنامج التنمية الجهوية، و أن هذا الشيء هو طبعا سلبي و غير مفرح، وهو ما تقدمت به “الجهة8” في مواد صحفية سابقة تطرح الملاحظات التي تقدمت بها وازرة الداخلية في ردها على التوصل بطلب التأشير على برنامج التنمية الجهوية لدرعة تافيلالت.
المجلس يعترف أولا أن وزارة الداخلية لم تؤشر على برنامج التنمية الجهوية، و ثانيا أن الوزارة أرجعته لمصالح إدارة مجلس الجهة مرفوقا بملاحظات لم يصف المجلس درجة أهميتها و تأثيرها على البنية العامة لوثيقة البرنامج، ويقول “و إنما وعل العكس من ذلك” كأنه يلغي كل ما قاله، و كأن الوزارة قد أشرت عليه و سارت الأمور كلها بخير.
يعتبر المجلس ان المديرية العامة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية، قامت بدور منوط بها يتمثل في التعاون ومواكبة الجماعات الترابية في إعداد برنامج التنمية الجهوية، في الوقت الذي تكون فيه الجهة مؤسسة تخضع لسلطة التأشير من طرف السلطة الحكومية المكلفة التي هي المديرية العامة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية، إذ لا يمكن دخول اي مقرر للمجلس حيز التنفيذ دون تأشير هذه السلطة الحكومية، وبهذا يقلل المجلس من شأن هذه المسطرة القانونية المجبرة على الحصول على تأشيرة التنفيذ.
يزيد المجلس ويقول، “فقد تم تسجيل مجموعة من الملاحظات و طلب بعض التوضيحات، قامت إدارة الجهة بالاستجابة اليها بطريقة كاملة و فورية” وهو ما يؤكد ما نشرته الجهة من أخبار تفيد بتوصل مصالح ادارة المجلس ببرنامج التنمية الجهوية مرفوقا بملاحظات من وزارة الداخلية، توصي بإدراج الملاحظات الضرورية، و اعادة الملاحظات المسطرية، و بالمنطق و القانون (سنبينه لاحقا)؛ إعادة المقرر إلى التداول خلال جلسة المجلس لأجل المصادقة من جديد و ارساله الى الوزارة من اجل التأشير.
و أعلن البلاغ، أن “صندوق التجهيز الجماعي قد وافق، بفضل المساعي الحثيثة التي قام به السيد رئيس مجلس الجهة بتعاون مع مسؤولي وزارة الداخلية مشكورين، على إعطاء قرض هام للجهة، سيمكنها من تغطية جزء من حصصها في المشاريع المدرجة في برنامج التنمية الجهوية، الذي إنشاء الله سينفذ بأكمله، وسيلبي طموحات وانتظارات ساكنة الجهة برمتها“. وهنا نستشف رائحة كذب خالصة، إذ كيف يمكن لرئيس المجلس أن يقود ساعي توجت بموافقة صندوق التجهيز الجماعي على اعطاء قرض هام للجهة، دون أن يحدد الرئيس للرأي العام قيمة هذا القرض وهل هو كافٍ لتغطية الفرق الذي ستحتاجه الجهة من اجل تنفيذ برنامج التنمية الجهوية خلال هذه الولاية ؟
إذا ما صدقنا تدخلات الرئيس الذي يتكئ على رئيس الحكومة، بموافقة صندوق التجهيز الجماعي إعطاء الجهة “قرضا هاما”، فلماذا لا نجد نقطة طلب قرض من الصندوق المعني ضمن نقاط جدول أعمال دورة أكتوبر العادية المقبلة ؟ سيجيبنا الرئيس أو من ينوب عنه، بأن المجلس سبق و ان أدرج هذا في جدول أعمال دورة مارس، و سنجيبه بأن المجلس كان قد صادق على طلب خط اعتماد لدى صندوق التجهيز الجماعي للمساهمة في تمويل برنامج التنمية الجهوية، و هذا يعني أن المجلس قد أمن حصته من قروض صندوق التجهيز الجماعي، و أنه أصبح بإمكانه طلب هذا القرض، حتى أن المقررات لم تتضمن أية أرقام للقرض المطلوب أو آجال أو طرق الدفع و الدفعات، وبالتالي فهو إجراء إداري يسبق طلب القرض الذي يجب أن يدرج داخل دورة للمجلس كون هذا الأمر ليس اختصاصا ذاتيا لرئيس المجلس.
الوزارة كانت قد أشارت في ملاحظاتها أن القدرة المالية للجهة محدودة، حيث تبلغ برسم سنوات 2022-2026 كحد أقصى 4 ملايير درهم، بينما تقدر المساهمة المقترحة في تمويل البرنامج ب 7 ملايير درهم (عدم توفر الجهة على 3 ملايير درهم من المساهمة المقترحة). كما أن تقدير تطور ميزانية الجهة المخصصة للبرنامج مبالغ في تقديره (صفحة رقم 81)، ضف إلى ذلك أن المجلس لم يدرج القدرة الإمكانية والقدرة الاقتراضية داخل البرنامج.
يزيد المجلس في التضليل الإعلامي لساكنة الجهة، ويقول أن الوثيقة، تم إعدادها لأول مرة، و هذا ما سيكون موضوع تحليل بالخشيبات بين النسخة القديمة من برنامج التنمية الجهوية الذي أعده مكتب الدراسات في ولاية الشوباني و النسخة الجديدة التي أعدها مكتب الدراسات في ولاية أبرو من طرف مكتب الدراسات نفسه .
ويضيف المجلس في البلاغ نفسه، أن الوثيقة تم “إعدادها بناء على تشخيص دقيق لحاجيات الساكنة، أخذا بعين الاعتبار التوصيات الواردة في تقرير النموذج التنموي الجديد لبلادنا، والانعكاسات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، والبرنامج الحكومي، وقد تمت عملية الاعداد وفق منهج ديمقراطي و تشاركي ساهم فيه الجميع، من سلطات و منتخبين ومصالح خارجية وهيئات استشارية محدثة لدى مجلس الجهة ومجتمع مدني ومواطنات ومواطنين.” بينما وزارة الداخلية، تقول للمجلس في الملاحظات التي قدمتها بخصوص البرنامج أن البرنامج لم يتضمن ما يفيد عرض مشروع برنامج التنمية الجهوية أثناء إعداده على اللجنة الجهوية للتنسيق من أجل إبداء الرأي بشأنه، استنادا لمقتضيات المادة 30 من المرسوم بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري (المادة 14 مكرر من مشروع المرسوم القاضي بتغيير وتتميم المرسوم التطبيقي رقم 2.16.299 المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده)؛ أو ما يفيد عرض مشروع البرنامج على الكتابة العامة للشؤون الجهوية في إطار إسهامها في التتبع والمواكبة والمساهمة في إعداد وإنجاز الدراسات الضرورية لتحديد الحاجيات، وتحيد وإعداد الإطار التعاقدي الملائم لتنفيذ السياسات العمومية وبرامج العمل التي تهم الجهة، وكذا إبداء الرأي بشأن جدوى المشاريع التنموية المراد إدراجها بالبرنامج وكذا تكلفتها المقترحة. (المادة 2 من قرار وزير الداخلية رقم 19-2782 بتاريخ 13 نوفمبر 2019 الصادر بتحديد تنظيم الكتابة العامة للشؤون الجهوية، المادة 14 من مشروع المرسوم القاضي بتغيير وتتميم المرسوم التطبيقي رقم 2.16.299 المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده)، أو كذلك ما يفيد إشراك ممثلي كل من المركز الجهوي للاستثمار والوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع أثناء مراحل هندسة وإعداد التركيبة المالية للمشاريع المقترحة (المادة 9 من مشروع المرسوم القاضي بتغيير وتتميم المرسوم التطبيقي رقم 2.16.299 المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده)، كما، وهذه هي الأهم، لم يتم الإشارة إلى ما يفيد إجراء المشاورات المطلوبة بمقتضى المادة 7 من المرسوم مع المواطنات والمواطنين والجمعيات وفق الآليات التشاركية للحوار والتشاور المحدثة لدى مجلس الجهة طبقا لأحكام المادة 116 من القانون التنظيمي السالف الذكر رقم 111.14، و لم يتم التطرق إلى مراحل ومقاربة إشراك الهيئات الاستشارية الثلاثة لدى مجلس الجهة في مسلسل إعداد هذا البرنامج بمقتضى المادة 7 من المرسوم؛ فمن يكذب ياترى ؟ وزير الداخلية عبر أطر مصالحه الإدارية المحنكة ذات المستوى العالي و المتين في التكوين القانوني و المنهجي والمنطقي ؟ أم السيد اهرو أبرو عبر مديره العام للمصالح، الذي تدرج بقدرة قادر من رئيس مصلحة تدبير حظيرة السيارات بعمالة الرشيدية الى مدير عام للمصالح بإدارة الجهة بأجرة وتعويضات وامتيازات كاتب عام وزارة ؟ ٱٱ؟
يختتم اهرو، قبل الشكر، بالقول إن “مجلس جهة درعة تافيلالت، القوي بأغلبيته وبتماسك و انسجام جميع مكوناته السياسية والحزبية، يندد بنشر مثل هذه الأخبار المغلوطة والغير الصحيحة، والتي لا تمت بصلة للواقع، و يؤكد للرأي العام الجهوي التزامه الدائم واللامشروط لتنمية الجهة وخدمة مصالحها العليا والحيوية.” جملة “القوي بأغلبيته وبتماسك وانسجام جميع مكوناته السياسية والحزبية” توحي بكون الأخبار الصحيحة التي نشرتها و تنشرها “الجهة8” حول المجلس، قد أوجعت الرؤوس المسيرة، و أمعنت في كشف مدى العبث الذي يتعرض له المال العام و ستزيد في هذا، ما دام لديها قراء يحترمونها و يحترمون مصادرها، و إلا فلا حاجة لتذكير الرأي العام بان المجلس لا توجد لديه معارضة معلنة، لكنها قد تكون طور النشأة، ان استمر هذا الكذب على الأعضاء و على الساكنة.
رئيس المجلس، اهرو أبرو، لم يفته كما العادة، وفي كل لقاءاته كيفما كانت سياقاتها و أنواعها، تقديم الكثير من الشكر الذي دخل دائرة “الحموضة الإدارية والسياسية” كما يراه العديد من المتتبعين، الى كل من وضع يده في سبيل تقوية قدرته على الكذب على ساكنة الجهة، حيث يكون بهذا البلاغ، الذي دشن به سنته الأولى في تسيير وتدبير مجلس الجهة، قد أطلق للتو مسيرته المعلنة في الكذب على ساكنة الجهة .
تحية الاحترافية في نشر الخير والمتابعة بالرد اللائق عن جواب المجلس وهروبه للامام …بالرد على الصحافة واتهامها عوض الاهتمام بملاحظات الداخلية وتدارك الأمر في وقته