هل هناك وعي بالتحديات التي يطرحها التحول الرقمي في المغرب؟تحليل بيبليومتري انطلاقًا من حصيلة النشر بالمغرب في سنة 2022
محمد ملشوش
خبير في مجال المكتبات والمعلومات
في ظل العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم والذي أصبح فيه كل مواطن يحمل هويتين، الأولى مادية والثانية افتراضية، وأصبح مجتمعنا يعرف سلوكيات وتحديات جديدة، فما هي المنشورات المغربية التي تناولت أبعاد الظاهرة الرقمية اجتماعيًا ونفسيًا وتربويًا.. وتأثيراتها الراهنة على المجتمع المغربي؟ وهل هناك وعي فكري وأكاديمي بالتحديات التي يطرحها التحول الرقمي في بلادنا؟
تسعى هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على ما كتبه المغاربة حول مواضيع تتصل بالعالم الافتراضي والتحول الرقمي في سنة 2022، وذلك من خلال ما تم رصده بالتقرير السنوي الذي أصدرته هذه السنة مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود بالدار البيضاء حول الكتاب والنشر بالمغرب في سنة 2022[1].
يكشف الجزء من التقرير الخاص بالإصدارات المغربية داخل حدود الوطن أن عدد العناوين التي لها علاقة بموضوع العالم الرقمي لم يتراوح 8 عناوين، بنسبة 61,0% من إجمالي الإصدارات المغربية. أما معدل الإنتاج السنوي الذي تم تسجيله في التقرير الخاص بالسنوات الخمس الأخيرة[2] (2017-2021) فقدر بـ 13 عنوانًا في السنة.
تركز اهتمام هذه الدراسات بشكل أساسي على المواضيع التالية:
- الإشكاليات القانونية المرتبطة بالعالم الرقمي (الجريمة المعلوماتية بشتى تجلياتها، وذلك من قبيل حماية الأشخاص تجاه المعطيات ذات الطابع الشخصي والتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، التوقيع الإلكتروني، نظام الرقمنة ورهان ترسيخ الأمن الرقمي بالمغرب والتأصيل التشريعي للقانون الرقمي والعمل القضائي)؛
- الدراسات حول المظاهر الاجتماعية داخل العالم الرقمي (الحركات الاجتماعية الشبكية، رهانات التحديث بالمغرب، الملكية والحوكمة داخل المجتمعات الرقمية)؛
- الأدب الرقمي
- استعمال نظم المعلومات والتكنولوجية الحديثة في التعليم؛
- استعمال الوثائق الرقمية في الدراسة الخرائطية والمناخية والسكانية.
أما أبرز الناشرين الذين اهتموا بالدراسات حول العالم الافتراضي والإلكتروني والتحول الرقمي خلال فترة هذا التقرير، فنجد على رأس القائمة مكتبة الرشاد (سطات) بعنوانين. بينما كان رصيد الجامعات المغربية عنوان واحد فقط وهو عبارة عن أعمال مؤتمر حول التكنولوجيا والتعليم والإبداع في العصر الرقمي نشرته باللغة الإنجليزية جامعة محمد الأول بوجدة. أما الإصدارات التي كانت على نفقه المؤلف فهي تنحصر في عنوانين (الإجرام الرقمي والتحول الرقمي في المغرب).
أما بالنسبة لأبرز ما نشره المغاربة خارج تراب الوطن حول هذا الموضوع خلال فترة هذا التقرير (2022) فلم يتجاوز ثلاثة كتب وكلها باللغة الفرنسية:
- كتاب “وباء كورونا من منظور الاتصال الرقمي في المغرب” وهو تحت إشراف محمد بن دحان وأمل نادر، والذي نشرته لارماتان، باريس. ركز هذا الكتاب على ثلاثة محاور رئيسية: التواصل الرقمي زمن الأزمة الصحية وتعلم الناشئين عن بعد والعمل عن بعد باستعمال الهاتف النقال؛
- “القراءة والكتابة الرقمية”، تحت إشراف محمد دنداني وفابيان سولديني والذي نشرته مطابع جامعة رين (فرنسا)؛
- “الملكية المشتركة والحوكمة متعددة المراكز” لمؤلفه يحيى اليحياوي والذي نشرته لارماتان (باريس).
في الختام، يمكننا أن نستنتج من هذه الدراسة البيبليومترية أن التطورات الكبيرة والمثيرة التي يفرضها العصر الرقمي الجديد لم تشكل قلقًا لدى الباحثين والكتاب في المغرب، ولم يدفعهم فضولهم العلمي إلى القيام بدراسات وأبحاث في هذه المواضيع. أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد نقص في الإمكانيات الفكرية والأبستمولوجية لاقتحام هذا السيل الجراف الذي يخترق كل الآفاق والخصوصيات.
[1] http://www.fondation.org.ma/web/article/356
[2] http://www.fondation.org.ma/web/article/495
صور للإصدارات المغربية حول العصر الرقمي في سنة 2022:
صور لإصدارات المغاربة في الخارج حول العصر الرقمي في سنة 2022:
في نفس السنة (2022) نشرت فرنسا لوحدها أزيد من 230 كتاب حول موضوع العالم الرقمي (حسب الفهرس الفرنسي الموحد Sudoc)