
شهدت ردهات محكمة الإستئناف بمدينة ورزازات، يومه الخميس المنصرم حضورا جماهيريا مكثفا، جاء لمتابعة أطوار محاكمة إمام مسجد دوار ” أيت الحسين ” والمتابع في حالة اعتقال من أجل جناية الضرب والجرح، المفضي إلى الموت دون نية إحداثه.
و تعود وقائع هذه القضية إلى اللحظة التي منح فيها إمام المسجد المذكور فدانا في ملكيته، لأحد الجمعيات الناشطة في دوار “أيت الحسين” و المكلفة بتسيير مشروع الماء الصالح للشرب من أجل حفر البئر لصالح الساكنة، إلا أن هذه العملية قد عرفت رفضا مطلقا من طرف سكان دوار “تاغورا” الذين إعترضوا على حفر بئر للماء الصالح للشرب بدوار “أيت لحسين” مخافة التأثير على الفرشة المائية حسب زعمهم، مما جعل الأمور تنفلت لتتحول إلى نزاع عنيف بين أفراد القبيلتين، استعملت فيه الأدوات المستعملة في النشاط الفلاحي، و تبادل الرشق بالحجارة، حيث تم استهداف إمام المسجد المذكور من طرف نسوة دوار ” تاغورا ” و الإعتداء عليه برشقه بالحجارة، وتهديده من إثنين منهن بالإعتداء عليه بمنجل ، حيث عمد إلى صدها بيده حماية لنفسه – حسب التصريحات المدلى بها في جلسة المحاكمة، و تناقلتها مصادر إعلامية – وقد عملت السلطة المحلية ليلة الحادث إلى عقد جلسة صلح بين القبيلتين المذكورتين، إلا أن الأحداث ستعرف مسارات أخرى، إذ بعد مرور يومين على تلك الأحداث، توفيت إحدى النسوة المشاركات في الأحداث لتوجه أصابع الإتهام مباشرة إلى إمام مسجد دوار ” أيت الحسين ” ليتم مباشرة إعتقاله، و التحقيق معه باعتباره المشتبه به رقم واحد، للتحقق من مسؤوليته في الحادث.
وعرفت أطوار هذه القضية نقاشا قانونيا حادا بين محامي الطرف المدني، ومحامي دفاع المتهم، إستعمل خلالها كل طرف حججه، حيث أكد محامي الطرف المدني على ضرورة إدانة الإمام المذكور لثبوت جرمه بناءا على تصريحات الشهود والمصرحين، في حين عمد محامي الدفاع إلى تفنيد كل دفوعات ممثل الطرف المدني إستنادا على ما جاء به تقرير التشريح الجنائي، الذي أكد أن وفاة الهالكة كان بسبب مضاعفات إصابتها بمرض القلب، وهو مرض مزمن، خاصة و أن الهالكة متقدمة في السن، إذ تبلغ من العمر 65سنة، إضافة إلى تأكيده على وجود وخز صغير في جسدها، وهو ما يفند، ويناقض كل ما جاء في تصريحات الشهود الذين تحدثوا عن إصابتها بسبب رشقها بحجرة كبيرة، وهو ما يفترض إستبعاد هذه التصريحات التي تبين – حسب محامية الدفاع – على أن الشكاية في حق موكلها تتحكم فيها خلفيات كيدية، وانتقامية من المتهم لإقدامه على منح الفدان للجمعية لحفر البئر حيث اعتبره الخصوم يشكل خطرا على الفرشة المائية.
وبعد المداولات، أصدرت المحكمة حكمها القاضي بمؤاخذة المتهم من أجل جنحة الضرب والجرح باستعمال السلاح ضد امرأة بسبب جنسها، إستنادا للفصلين 400 و404 من القانون الجنائي بعد إعادة تكييف جناية الضرب والجرح المفضي الى الموت دون نية إحداثه، والحكم عليه بسنة واحدة حبسا نافذا، وغرامة مالية نافذة قدرها ألف درهم، وفي الدعوى المدنية بأدائه لفائدة المطالبتين بالحق المدني تعويضا مدنيا قدره خمسة آلاف درهم.
وخلف هذا الحكم حالة من الحزن في صفوف الحاضرين، والذي تشكل في غالبيته من أئمة المساجد في المنطقة وطلبة حفظ القرآن وعموم السكان الذين حجوا للتضامن مع المتهم ضد هذه “الشكاية الكيدية” والتي لم تراعي – حسب العديد من الحاضرين – مكانته الإعتبارية والإجتماعية، وأن قرار الإدانة كان قاسيا، معلنين تشبثهم بالأمل في إنصافه في المرحلة الإستئنافية.