الرشيديةتعليم

الرشيدية…الكلية المتعددة التخصصات تستضيف الكاتب البلجيكي كريستيان غوبين ديغريف

نظم أمس الإثنين، مختبر البحث في الدراسات الأدبية واللسانية والفنية والفلسفية بتنسيق مع ماستر التواصل السيميائي بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية لقاء ثقافيّا استضاف خلاله الكاتب البلجيكي كريستيان غوبين ديغريف ، وهو اللقاء الذي خصصت فقراته لتقديم قراءات في كتابه المعنون بـ  Contes et Mémoire berbères .

وشكل حضور، و مشاركة كريستيان غوبين ديغريف في فعاليات هذا اللقاء الذي أشرف على تسييره الدكتور سعيد كريمي، فرصة هامة للتفاعل مع مداخلات المشاركين، و الحضور الذي كان وازنا لتتبع أطوار اللقاء الذي أغنته مداخلات المشاركين، و الذين قدموا قراءات متعددة لهذا المنجز الفكري الذي تطرق لجزء مهم من التراث الشفهي الأمازيغي المغربي بالجنوب الشرقي، و الخاص بقبيلة آيت سغروشن بكرامة و النواحي، و محاولته الرصينة لتوثيقه و نقله للقارئ الغربي، ووضعه أمام الأكاديميين المغاربة لإخضاعه لمبضع البحث الأكاديمي استنادا على مقاربات عدة.

وفتح هذا الكتاب من جديد، الإشكاليات التي يواجهها توثيق التراث الثقافي  بكل مكوناته، خصوصًا في منطقة الجنوب الشرقي المغربي التي تزخر بغنى و خصوبة ثقافية متنوعة، كما سبقت الإشارة لذلك في إطار فعاليات المنتدى الحواري الذي نظمته دار الشعر بمراكش بتنسيق مع مختبر البحث في الدراسات الأدبية واللسانية والفنية والفلسفية بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية خلال الأيام القليلة الماضية؛ و هو التراث الذي يفترض عملا جادا لتوثيقه، وحمايته ضد كل عوامل الإندثار و التبديد.

وعبر عميد الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية في تصريح خص به جريدة “الجهة الثامنة”، عن خالص امتنانه واعتزازه بحضور هذا الكاتب الكبير، الذي يعتبر لقاؤه إضافة علمية وثقافية غنية، تسهم في تعزيز المعرفة ونقل التراث الثقافي لمنطقة الجنوب الشرقي المغربي، وهي المنطقة التي استطاع الكاتب من خلال كتابه أن يبرز غناها وأصالتها وعمقها التاريخي.

وأضاف عميد الكلية في تصريحه للجريدة، أن الكاتب كريستيان غوبيّن ديغريف أظهر اهتماماً بالغاً بتاريخ هذه الجهة وتراثها الشفهي، مؤكداً بذلك ارتباطه الوثيق بثقافتها العريقة، وهو ما لاقى استحسانا كبيرا لدى الحاضرين.

وأوضح المتحدث نفسه،  أنه خلال اللقاء  سلط الكاتب  الضوء على هذه الروايات الأصيلة، وإتاحتها لجمهور واسع، في الحفاظ عليها وحمايتها من الاندثار، كما قدم نموذجا يحتذى به في توثيق الموروث اللامادي للأجيال القادمة.

من جهته إعتبر الدكتور سعيد كريمي أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، أن  اللقاء شكل فرصة لقراءة العمل المتميز للباحث و الأنثربولوجي البلجيكي الفرنسي كريستيان غوبين ديغريف المعنون بـ ” Contes et Mémoire berbères ”  مضيفا، أن هذا العمل الذي يغوص في الأعماق الأنثربولوجية للثقافة الأمازيغية في الجنوب الشرقي، حيث حاول الكاتب – من خلال  هذا الكتاب – إماطة اللثام و الحفر في عمق هذه الثقافة الأنثربوليوجية من خلال الحكايا، من خلال الأساطير، من خلال ما يسمى بالذاكرة الجماعية للأمازيغ خاصة قبائل آيت سغروشن، وهو بذلك استطاع أن يقف عند القيم و المبادئ التي تتميز بها القبائل الأمازيغية و يتميز بها المغرب عن باقي الدول الأخرى، هذا المغرب المتعدد، هذا المغرب الذي نفخر بتعدده الثقافي، و تعدده الإثني، هذا المغرب الذي أيضا يعتبر حلقة اجتمع فيها كل هذا التعدد”.

و اضاف الدكتور سعيد كريمي في تصريحه، أن جل  المداخلات سارت في اتجاه تفكيك و خلخلة ما ورد في هذا الكتاب، و قد تميزت المداخلات عموما بالعمق و الإختلاف، كما تميزت بالتنوع و هو ما أضفى على هذه الجلسة نوعا من التميز، و أيضا نوعا من المقاربات التي اختلفت من مقاربة فلسفية إلى أدبية ثم جمالية.

و اعتبر ذات المتحدث أن هذا اللقاء هو بالدرجة الأولى هو احتفاء بالثقافة الشعبية، بالثقافة الأمازيغية، بالثقافة المغربية و احتفاء بالكتاب و احتفاء أيضا بصديقنا الفرنسي البلجيكي الذي نحتفي به اليوم و نتمنى استقباله لاحقا”.

وفي نفس السياق قالت الدكتورة زهرة شلاط أستاذة بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، أن  اليوم كان مناسبة للقاء علمي تمحور حول كتاب كريستيان غوبين ديغريف ، المعروف بكونه أنثربولوجي، و هو الكتاب المعنون بـ ” Contes et Mémoire berbères ” و الذي يشكل مشروعا لمقاربة الثقافة الأمازيغية، و هي لفتة معبرة من قبل هذا الكاتب من أجل تسليط الضوء على هذا الموروث الثقافي  من خلال محاولته إبراز – و من خلال الحكايات – بقابلية تمرير قيم حضارة، و ثقافة  بشموليتها، و أيضا لتسليط الضوء على المكونات التكوينية لهذه الثقافة، أخذا بعين الإعتبار النساء، الأسلاف، و الذين يعتبرون ذاكرة لكل الحضارة.

وأوضحت المتحدثة ذاتها،  أن اللقاء هو مناسبة للقول أيضا أن الكتابة – لماذا الكتابة لكون الحكايات يتم نقلها و تناقلها شفهيا – هي الأداة الناجعة لنقل هذا الموروث، و هو ما يفرض كتابتها و توثيقها، لكون  الكتابة ذاكرة، و من خلالها يمكن قول الغير معلن، و أن ما لا نقدر على تمريره و نقله يمكن أن نحققه من خلال تذكرة الحكايات، و كذا من خلال القصص و الحكايات الأسطورية.

ووصف الأستاذ محمد حجاوي، أستاذ بالكلية متعددة التخصصات، و مدير المعهد العالي للمهن التمريضية اللقاء برحاب الكلية المتعددة التخصصات لحظة ”  للإحتفاء بكتاب ” Contes et Mémoire berbères ” للكاتب البلجيكي كريستيان غوبين ديغريف، و هو الكتاب الذي يؤرخ لمجموعة من الطقوس الأمازيغية و المثير في هذا الكتاب أنه يتحدث عن منطقة كرامة، و النواحي بطريقة رائعة، حيث أنه لربما أقام هناك لمدة طويلة” معتبرا الكتاب المذكور ” عبارة عن تجميع و توثيق لبعض الحكايات ” الحجايات” الأمازيغية و التي حللها بطريقة أنثربولوجية، و قد كانت قراءتي للكتاب قراءة فلسفية أنثربولوجية حيث ربطت بين مجموعة من الأفكار الموجودة بين ثنايا هذا الكتاب و بحثت في خلفياتها الفلسفية و الأنثربولوجية من خلال كتابات فلاسفة و أنثربولوجيين غربيين و خلصت إلى أن هناك قاسم مشترك بين هذه الحكايات انطلاقا من الطابع الكوني الذي يجمع الحكايات جميعها، و تشترك فيها جميع الثقافات و جميع الشعوب، و بالتالي يمكن أن تكون حاملا لقيم معينة”؛ مبديا إعجابه بالقدرة الإبداعية للكاتب و قدرته  ” في نقل هذه القيم عبر الكتابة إلى الثقافة الغربية” مثنيا في ذات الوقت  على نية الكاتب في ترجمة هذا الكتاب إلى الأمازيغية   ( حسب ما بلغ إلى علميه) و هي مبادرة لا يمكن إلا أن نصفق لها”.

و في معرض تصريحه للجريدة، أكد كريستيان غوبين ديغريف أنه ككاتب قد قام ”  بكتابة ” Contes et Mémoire berbères ” و التي يمكن اليوم القول عنها حكايات أمازيغية خاصة بعد إنصاتي للعديد من المداخلات بخصوص هذا الكتاب.

و أوضح الكاتب البلجيكي في معرض تصريحه للجريدة، أن عمله هذا كان الهدف منه  تقديم شهادة بخصوص كون الثقافة الأمازيغية لديها الكثير لتقوله لنا نحن الغربيين، و إذا كان لابد من رسالة أقدمها فهي حافظوا على ثقافتكم، حافظوا على ترحابكم، و كرمكم لأننا فقدنا كل هذه الأشياء في مجتمعاتنا الغربية، وهذه الأشياء هي التي تجعل العلاقات الإنسانية جد مهمة و خاصة في ظل الحروب و الصراعات؛ وهذه العلاقات هي ما يمنعها من الحدوث، وهو الرسالة المهمة التي أود أن أعبر عنها بالطبع، وأنا جد سعيد لمقابلة الكثير من الناس هنا بمدينة الرشيدية.

و الجدير بالذكر أن هذا اللقاء عرف حضورا متميزا للطلبة و الباحثين و المهتمين الذي ساهموا من خلال مداخلاتهم في إغناء النقاش الذي نال إعجاب كريستيان غوبين ديغريف، منوها بالوعي الحاصل  بملحاحية حماية الهويات الثقافية كأمانة عل عاتقنا لأجيال المستقبل.

 

 

 

مقالات ذات صلة

Back to top button
error: Content is protected !!

Adblock Detected

يجب عليك تعطيل مانع الإعلانات - Ad Block أو عدم إغلاق الإعلان بسرعة حتى يمكنك الإطلاع على المحتوى