إصدار جديد للدكتور الحبيب الشوباني حول الدولة والمجتمع المدني بالمغرب بحث في أسباب هشاشة نظام الحاجات السياسية للفرد والمجتمع

يواصل الدكتور الحبيب الشوباني مسيرته الفكرية بإصدار جديد، فبعد إصداره لكتابي ” المسألة اليهودية في عصر الطوفان”، و ” المجتمع المدني كمحفز وجودي لكيمياء دولة الحكم الرشيد”، يطالعنا الدكتور الحبيب الشوباني بإصدار جديد حول ” الدولة و المجتمع المدني بالمغرب – بحث في أسباب هشاشة نظام الحاجات السياسية للفرد و المجتمع”، الصادر عن دار النشر منشورات الخيام.
و يندرج الإصدار الثاني ضمن مشروع فكري ثلاثي المستويات والأبعاد للباحث، حيث شكل الإصدار الأول مدخلا نظريا لمساءلة مفهوم المجتمع المدني على المستوى النظري، و البحث في إشكالياته التأسيسية ضمن صيرورته التاريخية والإنسانية العالمية ، في حين شكل الإصدار الثاني الصادر حديثا مقاربة لمفهوم المجتمع المدني من منظور إجرائي عام، باستحضار السياق الوطني.
و في عرضه لمحتويات هذا الإصدار أشار الحبيب الشوباني لوجود ثلاث جماعات تؤدي أدوارا لمصلحة الدولة و المجتمع، فهناك ما يسمى بمجتمع المبادرات الإقتصادية، و هو المجتمع الذي يستجيب للحاجات الإقتصادية للإنسان ( اللباس، الأكل، التنقل،…)، وهو الذي يقوم بها منذ المجتمعات البدائية حيث كان للإنسان حاجات بسيطة للأكل و اللباس، إلى حدود العصر الحالي، حيث تطورت حاجات الإنسان إلى حاجات لعمارات السكن و قطارات و طائرات للتنقل؛ وقد يكون هذا المجتمع عبارة عن أفراد أو منظمات أو مؤسسات أو دول غيرها؛ ثم هناك الحاجات الإجتماعية للإنسان و الذي يتكلف بإشباعها مجتمع المبادرات الإجتماعية؛ فالإنسان ليس فقط كائن اقتصادي، بل هو كائن له حاجات للتواصل و العيش المشترك في إطار جماعات بشرية و التعاون إلى غير ذلك؛ فالجانب الإجتماعي هو من مهام مجتمع المبادرات الإجتماعية، و تندرج فيه الأسرة، العائلة القبيلة، و كلها تؤدي وظيفة إشباع للحاجات الإجتماعية للإنسان.
وأشار الباحث إلى وجود حاجات أخرى ليست من طبيعة اقتصادية او اجتماعية، بل هي حاجيات سياسية، و التي تعني أن كل إنسان يعيش في مجتمع فيه منظومة سلطة، وفيه قرار ينفذ و يمس الإنسان فهذه تسمى حاجات سياسية؛ فالحاجة السياسية مرتبطة بالسلطة أي بصناعة القرار، و بالتالي فإن الإنسان بطبيعته عندما يوجد في بنية مجتمعية فيها صناعة القرار تنشأ عنده حاجات سياسية، و هي الحاجات التي خلص إليها الكتاب.
و تطرق الباحث للحاجات السياسية للفرد و للمجتمع، و التي تلعب أثناء إشباعها أدوارا جد مهمة في بناء مجتمعات مدنية مؤهلة وظيفيا للمساهمة في التطور الآمن و السليم للأنظمة و بناء الحكم الرشيد.
و انتقل الباحث إلى مناقشة و بسط مفهوم المجتمع المدني و شروط قيامه، و التي إن توفرت إستحق تسميته، و إن إنتفت فإنه سيكون هنا مجرد ادعاء و زيف مفاهيمي، و معرفي، و لديه جهل بوظيفته و بالتالي سيعمل على إنتاج كل الإختلالات التي يعرفها المجتمع و الدولة.
و تضمن هذا الكتاب خلاصات الكتاب الأول كمقدمة، و التي من بين ما تطرقت إليه عرض للحاجات السياسية للفرد و التي يستجيب لها وجود مجتمع مدني، أولاها الحاجة الوجودية للإنسان الفرد للتعاقد السياسي الحر، الثانية المشاركة، لكون المجتمع المدني هو الذي يستجيب لحاجات الانسان في المشاركة السياسية، أي في صناعة القرار العمومي، و الحاجة الثالثة فهي التحديد العقلاني للسلطة.
أما بخصوص حاجات المجتمع فله خمس حاجات سياسية فهو يحتاج إلى التعاقد السياسي الحر، و المشاركة الفعالة، التمتع بالحقوق السياسية و التنافس النزيه في صناعة القرار و يحتاج إلى أخلاق الرشد السياسي.
و اعتبر الباحث على أن المجتمع المدني هو القادر على الإستجابة للثلاث حاجات الخاصة بالفرد، و الخمسة الخاصة بالمجتمع؛ و هو السند النظري المرجعي القادر على التفسير الموضوعي، و الإجابة على أسئلة التخلف و الهشاشة، و من ثمة القدرة على إيجاد حلول للهشاشات.
و أكد الدكتور الحبيب الشوباني أن الإهتمام بترشيد أخلاق الدولة، يشكل محور المطالب التي تكون على رأس أولويات المجتمع المدني المستوعب لوظائفه، منتقدا – الباحث- الإستكانة لخطابات ترشيد الأفراد و عدم إيلاء الأهمية اللازمة لترشيد أخلاق الدولة لما أصبحت تشكله و تمارسه في صياغة المجتمع و الفرد عبر استراتيجيات و قيم تمنحها دورا محوريا في حياة الفرد و المجتمع.