
رغم المراسلات المتكررة التي وجهتها ساكنة موگر بجماعة كرامة، التابعة ترابياً لإقليم ميدلت، إلى مختلف الجهات المعنية والهيئات المدنية المحلية، لا تزال معاناة الساكنة مستمرة، بل ازدادت حدّتها بشكل يثير القلق. ويُعزى ذلك أساساً إلى أنشطة استنزاف رمال وادي كير على مستوى منطقة تلات أوتكفى، التي تُعدّ نقطةً سوداء بسبب شدة انجراف التربة بها، مما يُنذر بكارثة بيئية وشيكة.
وقد زادت الأوضاع تعقيدًا بعد دخول إحدى الشركات إلى المنطقة، حيث باشرت أعمال استخراج الرمال دون اعتبار للتداعيات البيئية أو الاجتماعية، مما أثار احتجاجات قوية من طرف الساكنة المحلية، اضطرت الشركة على إثرها إلى الانسحاب من الموقع والانتقال إلى مكان آخر، إلا أن المفاجأة كانت في لجوء الشركة إلى القضاء، عبر رفع دعوى ضد ثلاثة نشطاء محليين، من ضمنهم رئيس جمعية موگر، وأمين مالها، ونائب أراضي الجموع.
وفي تطور لافت، قضت المحكمة الابتدائية بميدلت ببراءة المتابعين، غير أن القضية لم تتوقف عند هذا الحد، حيث قررت الشركة استئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف بالرشيدية، ما اعتبره العديد من الفاعلين المحليين محاولة واضحة لتكميم الأفواه وثني المجتمع المدني عن الدفاع عن البيئة والحقوق الجماعية.
بيئة هشة وأمن غذائي مهدد
تعاني منطقة موگر من هشاشة بيئية كبيرة، ازدادت سوءًا منذ فيضان سنة 2008، الذي خلف أضرارًا جسيمة في الأراضي الزراعية والبنيات التحتية البسيطة التي تعتمد عليها الساكنة، ومنذ ذلك الحين، لم تشهد المنطقة أي تدخلات جذرية لمعالجة آثار الكارثة أو وضع حد لتدهور التربة واستنزاف الموارد الطبيعية.
وتُشكل الفلاحة المعيشية المصدر الوحيد لعيش الساكنة، التي تعتمد بشكل كلي على ما تجود به الأرض والمياه، وهو ما يجعل الأمن الغذائي للمنطقة مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالحفاظ على التربة والمجال البيئي.
وفي ظل استمرار هذا الاستنزاف، يجد الكثير من السكان أنفسهم مضطرين إلى الهجرة نحو المدن، في رحلة بحث شاقة عن فرص أفضل للعيش، مما يُعمّق من ظاهرة الهجرة القروية ويُسرّع وتيرة تفريغ العالم القروي من ساكنته.
صرخة للتدخل العاجل
وفي غياب تدخل جدي وشامل من طرف السلطات المحلية والجهات المختصة، يتصاعد القلق من المستقبل الغامض الذي ينتظر موگر ومحيطها.
وتطالب الجمعيات المدنية والساكنة بإيفاد لجان تحقيق بيئية، ومحاسبة الجهات التي تستغل الثروات الطبيعية بشكل عشوائي، دون احترام للمعايير البيئية أو القوانين الجاري بها العمل، مع ضرورة توفير بدائل تنموية حقيقية تحفظ كرامة الإنسان وتضمن استدامة الموارد.