إذا سأل السائل عما يميز الجنوب الشرقي للمملكة المغربية، كان الجواب بالخط العريض “واحات تُطعم سكان المغرب جميعا من تمرها بسخاء بالغ”، فلا ريب في كون القطاع الفلاحي بجهة درعة تافيلالت مرتبط ارتباطا تاما بالتمور المُنتجة المعروفة بجودتها وحُسنها.
رغم أن مجال التمور في هذه الجهة المنسية لا يؤشر بتنمية جهوية جلية، إلا أنه بؤرة قوت أغلب الساكنة، وقد تم إطلاق مبادرة “المخطط الأخضر” من أجل الرفع من مردودية النخيل بالجهة، وذلك من خلال خلق هكتارات واسعة من النخل الخصب عبر إنتاج فسائل داخل المختبر الفلاحي، خاصة من صنفي “المجهول” و “بوفقوس”، اللذان يعدان منبع الربح الكثيف والإستهلاك الفسيح، زيادة على كونهما أكثر أنماط التمور مقاومة للظروف المناخية الوعثة.
وتجدر الإشارة إلى أن جهة درعة تافيلالت تسهم في 90% من الإنتاج الوطني للتمور، حيث سجل هذا القطاع بفضل الجهود المبذولة من لدن الجهات المختصة تطورا ملحوظا في الأحوال الأخيرة، مما يؤشر بسمو كبير من حيث الإنتاج آجلا، ومن الملحوظ أن العامل الجغرافي لواحات درعة تافيلالت وكذا الوسط الطبيعي الصحراوي، قد أسهما في جعل هذه الجهة مميزة بإنتاجها لهذه الفاكهة المباركة.
يعتبر معرض التمور بمدينة أرفود، معرضا عاميا (تم إلغاؤه السنة الفارطة وهذه السنة لظروف الجائحة)، يتم فيه عرض أبرز أنواع التمور المعروفة بالمنطقة، وكذا التعريف بواحات الجهة وتقديم أهم وسائل وآليات إنتاج التمور وإنماء المجال الزراعي في نفس الصدد، فمن مرام هذا الملتقى السنوي إنعاش زراعة الواحات وكذا تثمين زراعة النخيل المثمر، وتطوير القطاعات المقترنة بالمحيط البيئي للواحات، من أجل خلق دينامية سوسيو- اقتصادية بالجهة.
رغم كل ما تم ذكره، إلا أن المجال الفلاحي بالمنطقة لاسيما مجال إنتاج التمور، يعيش ركودا منذ سنوات عدة، من حيث الجانب اللوجستيكي، والجانب التسويقي، في ظل غياب استراتيجية فلاحية بادية ترتقي بالفلاح والمستثمر، إضافة إلى إشكال التبريد والتخزين، وكذا التصدير لخارج الوطن.
أبناء المنطقة، عمالها ومستثمريها، يأملون في مستقبل مريح من ناحية الإنتاج الفلاحي لفاكهة التمر، وذلك بانخراطهم التام في “المخطط التنموي الأخضر”، الداعم للمقاولات الفلاحية الصغرى والكبرى، والهادف لإزاحة الغطاء عن كنز مكنون بين أمهاد واحات درعة تافيلالت، إلى حدود هذه الإنتظارات نؤكد على لزوم التقيد بتدابير سلامة واحات تافيلالت من شرقها لغربها، ومن شمالها لجنوبها، تحاشيا للأضرار الفادحة التي قد تصدر عن أيادي الإنسان الأهوج، فكما تزخر الجهة الثامنة بالمغرب بكنز فلاحي مبجل، تواجه تحديات الطبيعة والإنسان، وبين طيات هذا وذاك كلمات كثيرة.