بعد الحلقة الثانية، التي تناولنا فيها إشكالية التجارة في أدوات ووسائل علاج الكسور بمستشفى مولاي علي الشريف بالرشيدية، و تورط أطباء و صيدلية بعينها في عملية البيع والشراء في مآسي فقراء الجهة، أنجز طاقم جريدة “الجهة8” الإلكترونية هذه الحلقة، والتي ترتبط بالمجال الأول، الذي يخص عملية “التآمر” على مواطني “جهة درعة تافيلالت”، والذي ستليه مجالات أخرى.
الصحة بدرعة تافيلالت : بين التجارة والسياسة
لا أحد يجادل في كون جهة اهرو أبرو، من أفقر جهات المملكة و من اكثرها توغلا في التهميش و سواء التدبير و الإهمال و العزلة، و في كونها مجالا خصبا لعمليات تنقيل المسؤولين المركزيين الفاشلين و تأديبهم، كما انها تجمع متناقضات حد الغرابة؛ إذ ترقد على اطنان من المعادن و تتوفر على مواد خام، يمكنها ان تغدو منقذة شباب الجهة من البطالة و من الضياع الذي تفرضه الظروف الحالية القاسية، لكنها لا تفعل، ابناؤها يستخرجون ما في بطنها ويصدرونه خاما لتستفيد في سلسلة إنتاجه مناطق جغرافية أخرى.
كثيرة هي المواد الصحفية و الإعلامية التي أنتجت في موضوع الصحة بدرعة تافيلالت، كثير هم الحقوقيون الذين صدحوا حتى بحت حناجرهم من فرط الصراخ على مسؤولي الجهة لانقاذ الصحة العمومية، و كثيرة هي الشواهد التي انتشرت وتم توثيقها تحيل إلى رداءة و سوء تدبير للمرافق الصحية بالجهة أو بتقصير في أداء المهام للمشرفين عليها من اداريين و أطباء أو تآمر لمصحات او صيدليات على جيوب مواطني الجهة من أجل افراغها عن بكرة أبيها.
مواطنو هذه الجهة، تعرضوا لأشكال عديدة من التسويف من طرف السياسيين، بدءًا من أصغر بنية جماعية ترابية إلى الإقليمية إلى الجهة، حيث يتم اقتراح وتنفيذ حلول ترقيعية آنية تخدم استتباب الامن الاجتماعي في فترة ما، ولا تخدم رؤية صحية و طبية مندمجة تنقذ صحة مواطني هذه الجهة، الذين تكالبت عليهم ظروف الطبيعة و ظروف السياسات العمومية التي لم تنصفهم يوماً و لم تستجب لمطالبهم الاساسية بشكل مستدام.
عجز في الموارد البشرية في مجال جغرافي غير “عادي”
الجهة8، تواصلت مع العديد من الأطباء المنحدرين من مختلف اقاليم الجهة، والذين فضلوا العمل سواء في القطاع الخاص أو في القطاع العام بعيداً عن الجهة، و أكدوا جميعا حضور عناصر “الطرد” أكثر من عناصر “الجذب”، إذ أن البنية الصحية والطبية للجهة لا تحفز على العمل، حيث أن المنطقة لا تستثمر في الصحة العمومية بالشكل الأخلاقي والمعقول، ولا توفر فرص عمل موازية ولا فرص لمزيد من التكوين و التخصص.
بُعد الجهة عن محور “المركز”، جعل العديد من الأطباء يهجرونها و يفضلون الاستقرار بعيدا عنها، ولا يزورونها إلا في مناسبات عائلية و دينية، كما أنه السبب المباشر في رفض العديد من الأطباء التعيين في مناطق الجهة، وفي طلب العديد من الأطباء المزاولين حاليا الانتقال منها بعد انقضاء 8 سنوات من الخدمة العمومية.
أطباء اجتازوا امتحانات التوظيف بنجاح، ووصلوا مرحلة الالتحاق بمقرات العمل، لكنهم تخلفوا، لسبب ضعف الأجور والتعويضات المخصصة للأطباء من الوزارة، و غياب فرص العمل الموازي المعقول مقارنة بأقرانهم في المناطق الداخلية الأخرى.
من بين الأسباب، التي أسرت بها المصادر التي تواصلت معها “الجهة8″، توافر إمكانية إعادة التعيين و الإعارة بين المديريات الاقليمية بالجهة، فيحدث كثيرا أن يتم استقدام أطباء من مراكز صحية لأجل سد الخصاص في مراكز اخرى، بالرغم من كون مراكزهم لا يوجد بها اطباء غيرهم، إذ أن الأمر لا يعدو ان يكون عملية ارضاء لساكنة محتجة او اخمادا لغليان شعبي ما ، على قطاع الصحة.
إن الخصاص المسجل على مستوى الأطر التمريضية والطبية بمختلف مستشفيات جهة درعة تافيلالت، يصل إلى 1000 منصب شغل موزع بين مهام تمريضية وطبية كثيرة، حسب ما اعلنته مصادر رسمية من الوزارة مؤخرا.
التدافع السياسي يوقف مشاريع لتجويد العرض الصحي بالجهة
خلال نهاية الولاية التأسيسية لمجلس جهة درعة تافيلالت، أعلن هذا الأخير في حصيلة ولايته، عن مجموعة من المشاريع و الاتفاقيات التي تصب في النهوض بقطاع الصحة بمجموع تراب جهة درعة تافيلالت، والتي همت دعم التشغيل في قطاع الصحة بالجهة، حيث صادق مجلس الجهة بتاريخ 26 يناير 2017 ، وبإجماع أعضائه، على مقرر يقضي بتخصيص 40 مليون درهم سنويا ( 4 مليار سنتيم ) لدعم التشغيل في قطاع الصحة، بعدما تبين له من خلال المعطيات الرسمية للقطاع بالجهة، أن حجم الخصاص في الموارد البشرية ( دون احتساب خصاص الأطباء ) يقارب ألف (1000) منصب شغل بالأقاليم الخمس للجهة ( ممرضون من مختلف الأصناف ، إداريون، تقنيون، سائقون، أعوان خدمة…إلخ) إلى جانب تنظيم قوافل طبية متخصصة في جراحة القلب والشرايين، عبر اتفاقية ثلاثية بين الجهة ووزارة الصحة وجمعية ” القلب السليم ” التي يرأسها أستاذ الطب بمراكش، الدكتور ادريس بومزبرة ، من أجل تنظيم قوافل طبية متخصصة في جراحة القلب والشرايين، حيث تمكن المجلس من تنظيم ثلاث قوافل طبية بالتعاون مع السلطات الصحية بالجهة مكنت من إجراء 26 عملية جراحية للقلب المفتوح بالرشيدية لأول مرة في تاريخ الجهة. لكن الاتفاقية بقيت في رفوف وزارة الصحة دون توقيع، وهي التي كانت ستمكن الجهة من تخصيص اعتماد ثلاثة ملايين درهم ( 300 مليون سنتيم ) للمساهمة في اقتناء عتاد طبي خاص بهذه العمليات ، اعتاد الطاقم الطبي استقدامه من مراكش في كل قافلة من القوافل الطبية السابقة.
و من بين هذه المبادرات التي قال المجلس السابق، أنه قادها في اطار تجويد الخدمة الصحية بالجهة، يبرز تاهيل المختبرات العمومية بالمستشفى الجهوي وبالمستشفيات الإقليمية الأخرى حيث صادق المجلس بتاريخ 3 يوليوز 2017 ، وبإجماع أعضائه، على تخصيص خمس ملايين من الدراهم سنويا ( 500 مليون سنتيم ) لتمويل اتفاقية شراكة ثلاثية بين الجهة ووزارة الصحة والمختبر المرجعي التابع لجامعة محمد السادس لعلوم الصحة بالدار البيضاء، ترمي إلى تأهيل المختبرات العمومية بجميع المستشفيات الإقليمية بالجهة من أجل تجويد وتقريب خدمات التحاليل الطبية من الساكنة، وخفض كلفتها مع جعلها مجانية لحاملي بطاقة “الراميد”، و مع اعتماد برنامج تكويني رفيع المستوى لمصاحبة الأطر الطبية والتقنية في هذا الورش.
تحقيق الجهة8: الحلقة الثانية.. هؤلاء تآمروا على الصحة العمومية بالجهة
تحقيق الجهة8 : الحلقة الأولى .. هؤلاء تآمروا على الصحة العمومية بالجهة
الدي يجب ان يكون هو ان نستحضر الانسانية وان نتفادى الجشع وان تكون اثمنة الاستشفاء مناسبة وان نتسامح ادا الانسان محتاجا ولدت كنت تؤدي وظيفة ما في مجال معين ان اثقنها وتعطيها الوقت الدي اؤدى من اجله