حمزة سَفو يَكتُب: الله يعمرها دار-مِفتاح الرُّكود التنموي بدرعة تافيلالت
إن الحديث عن المغرب العميق، حديث عن تنمية مُنعدمة، وآفاق مُغلقة، وصبر لا متناهي، وانتظار رافقه الألم سنين طوال، فلا التحسر في صمت جدى نفعا، ولا تبادل الهتافات بين الألسن كانَ حلا منصفا، هذا حال الجهة الثامنة بالمغرب، درعة تافيلالت التي أنجبَت العقول اللبيبة والرجال الأحرار، وتحدت صعاب التضاريس والمناخ الجاف، وأكرمَت الوافدين إليها كرماً لم يُرافقه ندم ولا حسرة، لن يكون القول صائبا إن قلنا أن الجنوب الشرقي أصبحَ مَنسياً، فما دام تذكره غائبا ردحاً من الزمن، فلا داع للضحك على الذقون.
هنا قوم “الله يعمرها دار”، التي ظل يرددها كُل مَن زار البلاد الحانقة الحليمة، وحَمل معه ذكريات يتقاسمها مَن أهله وذويه وأصدقائه كافة، دُون أن يلمح الجانب المأساوي في الأمر، فلا حرج إن قلنا أن درعة تافيلالت، طُلِّقَت طلاق الثلاث مُنذ زمنٍ سحيق، فأُهمِلَت وذَبُلَت ثم بَكَت في صمت من وقع الصدمة، فقامَت من جديد، ناسيةً او بالأحرى متناسيةً ما مر عليها في ماضٍ لا زالت آثارهُ بارزة، لكن السؤال الذي يزاحِم ثلَّةً من التساؤلات، لماذا درعة تافيلالت بالضبط؟
إذا حاولنا أن نسأل أهل الجهة بسائر بقاعها، سيتراءى لنا أن غلاء سومة الكراء رُغم البنية التحتية شبه الرديئة وإن لم نخشَ المبالغة: الرديئة، والإنارة العمومية التي يَحتشم اللسان أن يصفها بالإنارة، وكذا انعدام الماء الصالح للشرب في الكثير من الدواوير والقصور والأماكن العامة، إضافة إلى كُل ما من شأنه تحقيق ظروف العيش شبه الكريم على الأقل، التي لا يتسع المقام لذِكره كاملا، لذا ستتم مناقشته والكشف عن حجبه شيئا فشيئا، لأننا نؤمن بقوة القلم وأثر الكلمة، سيتراءى لنا أن كل هذا يضرب في عُمق الإنسانية، ويحتسي جرعاتٍ مُرة من كأس اللا إنسانية، ليعلن عن موت الفرد “الجنوب شرقي” موتا بطيئا.
إن الغيرة على بلاد المجد والبطولات، لن تُقطَفَ ثمارها بالكتمان والرجوع للخلف، ولن تُستثمَر نتائجها دون المناداة بالتغيير والمناشدة من أجل تحريك عجلة التنمية، بعيدا عن الإستغلال الطبيعي لثروات البلاد، وبعيدا عن عجيج “الله يعمرها دار”، التي تَجعل الفاه يبتسم، والقلب يبكي دما، حسرةً على أهل تافيلالت الخجولين الخانعين.