مجلس جهة درعة تافيلالت: العودة إلى الماضي بصيغة الحاضر ؟
يحيى خرباش
قد تبدو المفارقة صارخة حين نتساءل على ضوء محك ممارسة مجلس الجهة حول ما إذا كانت النخب السياسية قد مؤهلة بالفعل لتولي إدارة الشأن الجهوي بدون الحاجة إلى الدفع بأسباب واهية مرتبطة بالإدارة أولا، ففي الوقت التي ظلت فيه ساكنة الجهة تترقب تنزيل المشاريع في إطار العدالة المجالية دون تأجيل بالاستناد إلى المقتضيات الدستورية التي تمنح لرئيس المجلس الضوء الاخضر لتنفيذ السياسات العمومية بالمجال الترابي، بدأت تلوح في الأفق تعطيل مقتضيات هذا الدستور منذ إقراره سنة 2011سواء تعلق الامر بأداء النخب السياسية ،أو في ما يتعلق بالتجاوب مع حاجيات المواطن الذي أعياه الانتظار وأعيته الوعود الزائفة ،لقد جاء الدستور متناغما في فصوله مع النضج الذي أبان عنه لمجتمع فأقر مجموعة من القوانين تمنح للفاعل السياسي والترابي على حد سواء صلاحيات كبيرة منها ما هي اختصاصات ذاتية ومشتركة ومنقولة ،ومعنى ذلك أن هذا القانون مكن للرئيس من اكتساح مساحة موسعة يعطيه كل الحق بتحقيق المبدأ الدستوري للجهة القائم أساسا على التنمية ،ليبقى السؤال قائما حول هل النخب السياسية المشاركة في تدبير شؤون الجهة قادرة على صيانة مبادى الدستور وصيانة الاختيار الديموقراطي وهل هي ضمانة لحقوق المواطنات والمواطنين في التنمية بمجاله الترابي ؟
في الواقع لقد بينت التجربة السابقة لمجلس الجهة في تدبير شؤونه عن فشل كبير في تحقيق الأهداف المنتظرة ،وخيبت كل الآمال والتطلعات التي اتى بها دستور 2011 ، ودون الخوض في الجهة التي فرضت حالة بلوكاج المجلس ل3 سنوات كاملة وانتشت بالانتصار حتى قبل حلول موعد الانتخابات ، فقد خلف هذا الفعل استياء عارم لدى الساكنة المتضررة الأولى منه،استياء شعبي عبرت عنه بسبب الحصار المفروض على الجهة ساهمت فيه بشكل كبير التجاذبات السياسية التي تعكس بلقنة المشهد السياسي المغربي وأمام الصمت المفروض من طرف السلطة الإدارية التي يمنحها الدستور والقانون ومن خلاله الصلاحيات التي يتمتع بها والي الجهة للتدخل بقوة لإبطال أي فعل يعرقل تقدم الجهة ويعرقل مصالح الساكنة ، غير أن الاستطلاعات الأولية من أداء المجلس الحالي تتجه نحو إعادة انتاج التجربة الأولى موقف تزكيه التركيبة الحزبية المشاركة في التسيير والتي كانت بالأمس القريب تشكل فريقا معارضا كان له نصيب في فرض حالة البلوكاج بالمجلس أحس المواطن من خلاله بإهانة كرامته وتم التلاعب بأصواته ، وعوض أن يتم تدارك هذه الأخطاء التي كلفت الجهة ثمنا غاليا ويتم فرض نوع من المسؤولية الاخلاقية والسياسية في أداء المهام المنوطة بمجلس الجهة، يتم إعادة سيناريو المجلس السابق نفسه ،بل أكثر من ذلك يتم التوافق على أداء نفس الأدوار بين الأحزاب المشاركة التي عادة ما تغيير من مواقفها حسب المصالح وتكتفي بالالتفاف على فضائح المجلس السابق فقط.
امام هذا الوضع المقلق فقد باتت الحاجة تستدعي من الأطراف المشاركة في المجلس والتي سبق لها أن قدمت يد العون في إنهاء أحلام الرئيس السابق كما ساهمت في وضع حد لهيمنة حزب المصباح على المشهد السياسي المحلي والجهوي والوطني ،وجب عليها تحمل مسؤوليتها أمام الساكنة ووضع حد للاستهانة بمصالحها ،فكل الظروف أصبحت في صالحها حتى الأصوات المعارضة بين قوسين بالمجلس يبقى دورها محدود جدا ولا يرقى إلى فريق معارض على الأقل في الوقت الحالي وآنذاك لكل حادث حديث .