تحقيق “الجهة 8 “: الحلقة الثانية… جماعة الخنك بالرشيدية على إيقاع الفوضى.
بعد الحلقة الأولى، التي تناولنا فيها الملاحظات التي خرج بها المجلس الجهوي للحسابات، أنجز طاقم “الجهة8” الإلكترونية هذه الحلقة، والتي ترتبط بالأساس بتسيير المجلس الجماعي للجوانب الإدارية والبشرية للجماعة، وكذا تدبير الأملاك والمنقولات، والتي عرف تدبيرها العديد من الخروقات والإختلالات نعرضها لكم تحت عنوان : جماعة الخنك بالرشيدية على إيقاع الفوضى.
جماعة الخنك على إيقاع فوضى إدارية وتدبيرية :
من الملاحظات المسجلة في تقرير المجلس الجهوي للحسابات حول عمل المجلس الجماعي للخنك، غياب قرار لرئيس الجماعة خاص بالتدبير الإداري للجماعة، والذي انتظر مرور سنتين متواليتين على تشكيل المجلس الجماعي ليصدر قرارا بهذا الخصوص بتاريخ 26 دجنبر 2017، وهو القرار الذي اعتمد هيكلة إدارية ترتكز على مديرية من ثلاث مصالح، والتي بقيت حبرا على ورق ولم يتم تفعيلها على أرض الواقع، بل أن الجماعة ورغم هذا القرار الإداري الهيكلي بقيت تشتغل بالنظام القديم للجماعة المعتمد على ستة مصالح عوضا عما تم تقريره، كما أن المصالح ظلت تسير بدون تكليف أو تعيين لرؤساء المصالح مما أثر سلبا على فعالية تنفيذ القرارات الإدارية وعلى تسيير المرافق الجماعية بما يخدم مصالح المرتفقين، كما وأن غياب سجل للتتبع خاص بالموظفين أفرزت وضعا إداريا غير سليم، سمحت للعديد منهم بعدم احترام أوقات العمل، بل بالغياب عن مقرات العمل ولمدة طويلة دون أية مساءلة، أو اتخاذ أي إجراءات تأديبية في حقهم، وينضاف الى كل هذا غياب وحدة إدارية للأرشيف للعناية وحفظ أرشيف الجماعة بناءا على دليل مسطري ونظام مراقبة داخلية مما جعل الأرشيف عرضة للتبديد والتلاشي والعشوائية في ظل ضيق مساحات مكاتب المصالح الجماعية حيث يحتفظ كل قسم بأرشيفه الخاص مما يهدد سلامة الوثائق و المستندات المحفوظة.
وتعرف الجماعة كذلك غيابا لآليات التدبير التوقعي للموظفين مما أفرز اختلالا على مستوى تدبير الموارد البشرية للجماعة وهو ما نلمسه من استحواذ لمصلحة الحالة المدنية على 33% من مجموع الموظفين حيث تشكل نسبة الأطر فيها 30 % من مجموع الأطر بالجماعة، في الوقت الذي نجد فيه مصالح حيوية أخرى وأكثر أهمية كالمصلحة التقنية ومصلحة الحسابات تعاني خصاصا مهولا على مستوى الأطر و الموارد البشرية، وهي مؤشرات لها عميق الدلالة على إشكالية التدبير الإداري للجماعة وتبديد طاقاتها البشرية، وما يثير الإستغراب هو في كيفية إسناد مهام تصحيح الإمضاء لمتصرفين ممتازين خارج السلم ، في حين تسند مهام مصلحة الحسابات لتقنيين ومساعدين تقنيين وإداريين…؟
ورغم توفر الجماعة على 24 موظف وعون مرسمين فإنها تلجأ سنويا لخدمات أعوان عرضيين لسد حاجياتها، وهو شيء مسموح به كإجراء إداري، لكن المشكل يكمن حسب ملاحظات المجلس الجهوي الحسابات في لجوء الجماعة الى نفس الأعوان العرضيين في غياب تام لمسطرة واضحة لتشغيلهم ودون فتح هذه الفرصة أمام عموم المواطنين، ورصد التقرير اختلالات على مستوى مسطرة التعيين في المناصب العليا بإدارات الجماعة، إذ لوحظ إعتماد رئيس الجماعة على آلية التعيين في هذه المناصب وخاصة رؤساء المصالح دون الإعلان عن هذه المناصب الشاغرة وفتح باب الترشيح في وجه الموظفين العاملين بالجماعة وفق شروط قانونية محددة ، والأنكى هو عدم استفادت رؤساء المصالح المعينين من أية تعويضات عن المهام المسندة لهم .
عقارات الجماعة على كف عفريت.
رصد تقرير المجلس الجهوي من خلال تفحصه لسجل المحتويات المتعلق بالأملاك الخاصة الجماعية استغلال الجماعة لمجموعة من الأملاك العقارية دون تسوية وضعيتها القانونية، وهو ما يشكل تهديدا صريحا لإمكانية الترامي عليها من طرف الأغيار دون إمتلاك الجماعة لسند قانوني في الدفاع عنها كممتلكات للجماعة، ورغم أن الجماعة ومنذ إنشائها تتصرف في ممتلكات لم يحدد أصل ملكيتها، واستخلاص مبالغ مالية عن استغلالها ولو في غياب كنانيش التحملات أو عقود الكراء، لكن هذه الوضعية قد تغيرت بعد رفض القابض الجماعي استخلاص وتسلم الأوامر بالتحصيل المتعلقة بهذه العقارات مما أثر سلبا على مداخيل الجماعة وفتح الباب أمام الترامي على أغلب هذه العقارات كما هو الشأن بالنسبة ل 30 فيلا بحي الأطر الدرمشان، إضافة الى 22 سكنى صغيرة ومقهى ومسبح بنفس الحي، وكذا مقهى موكا بقصر موشقلال وعدة دكاكين بقصور الخنك، دون تدخل رئيس المجلس الجماعي للحفاظ على الممتلكات الخاصة الجماعية، والتي تعرض بعضها للإهمال مما أثر سلبا على حالتها المادية والبعض الآخر للهدم وإعادة البناء والترامي من طرف الغير واستغلالها دون الحصول على التراخيص اللازمة ودون تحديد شروط تعاقدية بخصوص كيفية الإستغلال ودون قيام المجلس الجماعي باتخاذ ما يلزم للحفاظ على هذه الممتلكات كأعمال الصيانة مما أدى الى تدهورها وانهيار بعضها بالكامل.
وسجل تقرير المجلس الجهوي للحسابات أن المجلس الجماعي لم يقم بتخصيص سجل خاص بالمنقولات وعمد الى الجمع بين المحاسبة المادية وسجل المنقولات مما جعل المعطيات المتضمنة في هذه السجلات بعد جردها يكشف عن وجود مجموعة من النقائص والمتمثلة في عدم الإشارة بشكل مفصل إلى جميع المواصفات التقنية للمنقولات وأثمان الإقتناء وكذا أرقام سندات الطلب والتسليم والفواتير وأماكن المنقولات، كما أن هذا السجل لا يتضمن التخصيص المعد لغالبية العتاد والأثاث المملوك للجماعة، وغياب قوائم تفصيلية لمجموع المعدات التي تتوفر عليها كل مصلحة على حدة موقعة بشكل مزدوج من طرف المسؤول عن مسك سجل الجرد والمسؤول عن المصلحة، إضافة الى غياب قوائم سنوية بالمعدات الواجب شطبها من سجل الجرد.
وتعرف حظيرة السيارات المملوكة للجماعة حالة من عدم الإكتراث إذ أن سيارات الجماعة لا تعرض على المراقبة التقنية للتأكد من سلامتها الميكانيكية وقابليتها للسير واستجابتها لقواعد السلامة الطرقية والبيئية المنصوص عليها قانونا، و قد أشار التقرير السالف الذكر أن المجلس الجماعي ورغم أدائه لأقساط التأمين الخاصة بالسيارات والشاحنات التي يتوفر عليها إلا أنه سجل غيابا للوثائق التي تثبت إخضاعها للمراقبة التقنية مما يحرم مستعمليها من أي حماية أو تعويض من لدن الجهة المؤمنة في حالة تعرضها لحادثة سير، نفس الإختلالات يعرفها تدبير المجلس الجماعي لمرفق النقل المدرسي، فحظيرة النقل المدرسي المتكونة من 5 حافلات تم إقتناؤها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ويتم تدبيرها بشراكة مع مجموعة من الجمعيات المتواجدة بتراب الجماعة، وبدعم مالي من الجماعة قصد تغطية النفقات المتعلقة بتسيير الحافلات، لكن واستحضارا للنصوص والمقتضيات القانونية المؤطرة لهذا المجال فإن المجلس الجماعي لم يعمل على إبرام أية إتفاقية شراكة مع المجلس الإقليمي بآعتباره صاحب الإختصاص، حيث عمل المجلس الجماعي للخنك على التكفل بمصاريف تدبير حافلات النقل المدرسي بالوسط القروي لفائدة الجمعيات المسيرة لها بالرغم من عدم اختصاصها في ذلك، مما يطرح مشكلا مستقبليا في حالة عجز المجلس الجماعي والجمعيات المشرفة على النقل المدرسي على توفير الدعم المالي الكافي وفي غياب اتفاقية شراكة مع المجلس الإقليمي والذي سيؤدي لا محالة إلى توقف هذه الخدمة وحرمان العديد من التلاميذ من حقهم في التمدرس…