ملشوش يكتب ..نحن والثقافة الرقمية
محمد ملشوش
خبير في مجال المكتبات والمعلومات
في ظل العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم والذي يعرف تصدعًا للقيم والمعايير الاجتماعية وتعدد الهويات بفعل التفاعل الافتراضي، ما هي المواضيع التي تناولت أبعاد هذه الظاهرة وتأثيراتها الراهنة ضمن المنشورات المغربية للسنوات الخمس الماضية؟ وهل هناك وعي بالتحديات التي يطرحها التحول الرقمي في بلادنا؟
تكشف العينة التي تم رصدها في التقرير الذي أصدرته هذه السنة مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود بالدار البيضاء حول الكتاب والنشر بالمغرب 2017-2021 والتي تناولت مواضيع تتصل بالعالم الافتراضي والتحول الرقمي، أن عدد العناوين التي لها علاقة بهذه المواضيع لا يتراوح 65 عنوانًا، بنسبة 62,0% من إجمالي الإصدارات المغربية. أما معدل الإنتاج السنوي فيقدر بـ 13 عنوانًا.
تركز اهتمام هذه الدراسات بشكل أساسي على الإشكاليات القانونية المرتبطة بالعالم الرقمي (الحماية القانونية لحقوق المؤلف في المجال الرقمي، جرائم النصب والاحتيال عبر الأنترنيت، الأصل التجاري الإلكتروني، التحكيم الإلكتروني، التعاقد الإلكتروني، الجرائم الإلكترونية، إلخ)، بنسبة 62,24% (16 عنوانًا)، تليها الدراسات حول الأدب الرقمي بسبة 20% (13 عنوانًا)، ثم الدراسات حول التواصل في العالم الافتراضي التي شكلت نسبة 38,15% بـ 10 عناوين. بينما شكلت الدراسات حول “الإعلام الرقمي” و”الإدارة الإلكترونية” و”التعليم الرقمي” نسبة 62,4% بـواقع 3 عناوين لكل منها.
وكما هو الشأن بالنسبة لغياب الدراسات الجادة فيما يخص التحول الرقمي وتحدياته بالنسبة للمغرب، لا نجد اهتمامًا خاصًا ومتميزًا توليه دور النشر المغربية لهذه المواضيع، حيت أن أبرز الناشرين الذين اهتموا بالدراسات حول العالم الافتراضي والتحول الرقمي خلال فترة هذا التقرير (مكتبة الرشاد بسطات ومؤسسة مؤمنون بلا حدود بالرباط) لم يستطيعوا تجاوز نسبة 10% (6 عناوين لكل منهما). والأمر نفسه ينطبق على النشر الجامعي بالمغرب الذي غاب عن اهتمامه مثل هذه المواضيع الطارئة والمستجدة، بحيث لم ينشر خلال السنوات الخمس الماضية سوى 3 عناوين: دراسة عن الإدارة الإلكترونية نشرتها جامعة محمد الأول بوجدة (2017) ودراسة عن التواصل في العالم الافتراضي نشرتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق بالدار البيضاء (2021) ودراسة حول العمل العام في العالم الرقمي نشرتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط (2020). أما الإصدارات التي كانت على نفقه المؤلف فبلغت نسبة 46,18% (12 عنوانًا).
أخيرًا، تجدر الإشارة إلى أن أبرز ما نشره قطاع وزاري في المغرب حول الموضوع خلال فترة هذا التقرير هو كتاب “المغرب على طريق التحول الرقمي: التحديات والمخاطر والفرص” الذي نشرته وزارة الاقتصاد والمالية رقميًا باللغة الفرنسية سنة 2021.
في الختام، يمكننا أن نستنتج أن الدراسات حول العالم الافتراضي لا تزال في بداياتها المبكرة في المغرب، وقد جاء هذا التقرير ليفتح الطريق أمام الباحثين (علماء الاجتماع وعلماء النفس والتربويين، إلخ) لإثارة ودراسة العديد من القضايا المتعلقة بالعالم الرقمي.
نماذج من الإصدارات المغربية حول الثقافة الرقمية: